حرب الهدن.. هاتوا ما عندكم من الآخر

> ماذا تريدون بالضبط لم يمضِ على الحرب أسبوعا واحدا وبالتحديد في 4 إبريل 2015، إلا وأُعلنت الهدنة الانسانية الأولى وفي الوقت الذي تجري في عدن حرب شوارع مع الغزاة الجدد والقدامى، وتحت عِلم الأمم المتحدة تحركت السفن محملة بالإغاثة المتنوعة من غذاء ووقود وغيره نحو ميناء الحديدة، يا ترى متى تم تحميل السفن ؟ ومتى رصدت الميزانيات؟ وهل كانت الأمم المتحدة على علم مسبق بالحرب وتجهزت لمثل هذا الاحتمال ؟ وكيف تكون الإغاثة ضرورية ولم يمضِ على الحرب إلا أسبوع واحد؟، ومتى كانت الاحتياجات تلك ضرورية لأناس لا توجد لديهم حرب بينما سكان عدن يصطلون بنيران حرب ضروس ومحاصرين وتهدم البيوت فوق رؤوسهم لم ينقذهم أحد حتى بزعيمة صغيره من المؤن؟، كانت الإغاثة المسيرة إلى الحديدة في الهدنة الأولى ما هي إلا لدعم الانقلابيين، وتم تزويدهم بما يلزم.

وفي كل الهدن مُنح الانقلابيين الوقت لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب وضعهم، وفي الاجتماعات التي نظمت بين الشرعية والحوثي كانت تتحقق مكاسب سياسية للانقلابيين وتتم تحت رعاية أممية وإقليمية وأهم ما فيها الاعتراف الدولي والإقليمي بهذه الجماعة الانقلابية وتتراكم المكاسب لهذه المجموعة حتى وصلت الى أن المجتمع الدولي والإقليمي والشرعية ينفذوا شروطهم بالكامل، وتنازلت الشرعية عن كامل سقوفها بينما في الجانب الآخر تجد هذه الشرعية متشددة تجاه الجنوب وتحكم الحصار عليه من كافة النواحي خدماتيا ًوتحاربه في قوت يومه من خلال حجب الرواتب وغير ذلك من المعاناة اليومية.

هناك من يقوم بدور المحامي للجماعة الانقلابية عند ما تكون في أزمة أو على وشك أن تهزم تأتي المطالب الدولية بوقف الحرب، وحادثة توقيف الحرب على مشارف الحديدة ومنع تحرير الميناء إلا أحد تجلياتها، وحتى الاتفاق حولها لم تلتزم الجماعة ولا ببند واحد منها ولم تستطع الأمم المتحدة الراعية للاتفاق أن تلزمها بشيء.

دشنت الهدن الجديدة مع بداية إبريل هذا العام بتقديم تنازلات مهمة، وهي وقف الحرب وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وتسيير قوافل من السفن محملة بالوقود مع منحهم الضرائب المستحقة وهذا يعتبر أكبر هدية تقدم للانقلابيين دون أن تحصل الشرعية وحتى التحالف على أية مكاسب جوهرية، بل لم تستطع أن تقنعهم بفتح الحصار على مدينة تعز وكل هدنة يوافق عليها الانقلابيون يحصلون على تنازل جديد من الشرعية، واخيرا وافقت الشرعية على صرف مرتبات كل العاملين في مناطق سيطرتهم دون الالتزام بتوريد إيرادات ميناء الحديدة وكل الإيرادات الأخرى إلى البنك المركزي وكان شرط الانقلابيون أن يتم صرف المرتبات من إيرادات النفط في شبوة وحضرموت، ومن حيث المبدأ يجب على ممثلي الجنوب في المجلس الرئاسي رفض هذا الشرط وتكمن خطورته هنا أن يتم تشريع صرف المرتبات لسنوات قادمة من هذا الفرع الاقتصادي الهام وأعتقد أن ذلك ليس شرط الانقلابيين لوحدهم ولكنه شرط كل الشرعية الشمالية وهي ترسم حدود الاتفاقات للمستقبل في حالة أن استعاد الجنوب دولته سيجد نفسه يصرف على ملايين العاملين في دولة أخرى، ومن جانب آخر فإن شرط دفع المرتبات للانقلابيين يعني اعتراف رسمي بسلطة صنعاء مع تقويتها ودعم كبير لاستقرارها تقدمه لها الشرعية ومن يشاركها هذا القرار بينما يتم تعويم وضع الجنوب وإغراقه بالإرهاب وإظهاره بمظهر الفشل لإقناع الإقليم والعالم بأنه بيئة غير قابله لإدارة دولة وهذا يتم بشكل متعمد.

ومع الأسف يعرف العالم والإقليم خطورة وجود مثل هذه الجماعات التي أصبحت تهدد علنا بضرب الممرات البحرية وخطوط التجارة العالمية وتهدد أيضا بضرب المنشآت النفطية والغازية العاملة في الجنوب وفي الدول المجاورة ويعتبر ذلك تحد للإقليم والعالم وبدلا من إظهار الموقف الصارم تجاه تلك الجماعة تتم الموافقة على دفع المرتبات، وهذا الأمر سيفتح شهيتهم لوضع شروط جديدة وسيكون العالم والإقليم تحت ابتزاز لا نهاية له وهناك من له مصلحة من الإقليم والعالم في إبقاء هذه المنطقة في توتر مستمر لهذا وجب التنبه لممثلي الجنوب بالمجس الرئاسي، بأنه إن كان ولابد الموافقة على دفع المرتبات لكافة موظفي الدولة في القطاعين العام والتعاوني التابع للدولة فيجب أولا توريد كل الإيرادات التي تقع تحت إدارة الانقلابيين وكل إيرادات مأرب وإيرادات المنافذ البرية والبحرية والمطارات إلى البنك المركزي في عدن عندها يتم الجلوس لبحث آلية صرف المرتبات وفق شروط وثوابت معروفة.

وفي الأخير نقول ماذا بعد هاتوا شروطكم دفعة واحد ولا يجب فرضها بالتقسيط وسرقة الجنوب كما يقال سرقة صوف ويفترض أن يجلس ممثلو الشمال مع ممثلي الجنوب لمناقشة القضايا الجوهرية حول فك الارتباط وجه لوجه تحت إشراف دولي لا أن تتم المفاوضات على الطريقة الحالية شماليون يناقشوا شماليين بغياب الجنوب بحجة أنهم الشرعية وغير ذلك من المفاهيم التي عفى عنها الزمن وأثبت فشلها على الواقع.

علماً بأن هناك مبالغ كبيرة تصرف عبر مجلس الوزراء للنازحين الشماليين وتعطى لهم الأولوية في دفع مرتباتهم من إيرادات الجنوب وبالذات من إيرادات عدن وبالعملة الصعبة بينما يتم تعطيل دفع مرتبات الموظفين والمتقاعدين الجنوبيين ولم تدفع لهم منذ أشهر والآن يراد أن يتم إضافة كل الموظفين الشماليين وعساكرهم وقبائلهم من ثروات النفط في الجنوب هل هذا معقول وهل سيقبل أحد من الإقليم والعالم هذا العمل الغير قانوني وإذا افترضنا أن بينهم من يضغط بتنفيذ هذا الشرط فهم مشتركون مع الانقلابيين في نهب ثروات الجنوب "عيني عينك" ودون خجل والله أعلم يمكن تكون هناك شروط غير معلنة لم تخرج بعد للعلن والجنوب له الله.

ماذا تبقى للجنوب عندما تسلب منه ثرواته وعندما يتم صرف إيراداته لموظفين في دولة ماذا يريد العالم والإقليم من الجنوب لا خدمات ولا تنمية ولا إعادة اعمار ما دمرته الحرب ولا وظائف للعاطلين عن العمل ولا صحة ولا تعليم ولا منح دراسية لأبنائهم في الخارج ولم تتبقَ ملامح لأي حياة طبيعية للإنسان الجنوبي، غير انه ملزم أن يحارب الإرهاب بالنيابة عن العالم ويحمي فساد الشرعية ولا يستطيع أن يغير شيء بل مُـحرم عليه أن يغير شيء لأنه بذلك سيصبح في نظر الإقليم والعالم متمردا.

هناك من يردد بأن الشمال قليل الموارد وكثير السكان وهي في الواقع كذبة كبيره تُسخّر لإذكاء صراع أزلي بين الجنوب والشمال بينما الحقيقة هي أن الشمال أغنى بلد بوجود أكبر حقل نفطي في الجزيرة العربية على أراضيه، وبلد زراعي على مدار السنة وينتج أجود أنواع البن في العالم ويباع الطن منه في أمريكا ب 350 ألف دولار، ولديه موانئ على البحر الأحمر والكثير من المعادن النادرة، ومع كثافة سكانية وهي أهم ثروة إن أجادوا استغلالها بالتعليم والتدريب المهني ولكن الشيء الذي ينقص اليمن الشمالي هو عدم وجود دولة وهي الثغرة التي تعيق كل تقدم واستقرار ليس في اليمن الشمالي ولكن في المحيط الاقليمي كافة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى