​عصابات المافيا في مدارس عدن..عنف وسرقة وتنمر مصدرها الأهالي والإدارات في تراخي

> تقرير/ مريم المسعودي

> "تشهد مدارس العاصمة عدن ظاهرة دخيلة وغريبة على مجتمعنا وهي تشكيل عصابات مافيا ونشر الرعب بين الطلاب المستجدين واستغلال الضعفاء والتنمر عليهم وإجبارهم على تنفيذ أوامرهم، وفي أول اسابيع الدراسة بدأ النزاع بين "طلاب العصابات" لتظهر كل عصابة سيطرتها وقوتها على بقية الطلاب".
قال الطالب حمزة عبد الرقيب : "دائمًا ما يتشاجر الطلاب فيما بينهم وقد يصل الأمر إلى إراقة الدماء والذهاب إلى المستشفى".

ووصف الطالب يونس محمد أول يوم دراسي له في الصف الثامن الابتدائي قائلًا :"وأنا في الفصل أتحدث مع زميلي أتى بعض الطلاب يخبرونني بأنه عليّ الانضمام لهم أو أن اختر عصابة لأنضم إليها وأتبعهم فيما يفعلون ".
ويتذكر الطالب أحمد عبد الحميد نصيحة زميلة قائلاً: "لتتجنب المشكلات عليك الانضمام إلى عصابة وحتى لا تكون ضحية لهم فيما بعد".


وحول سؤالنا عن المعلمين والإدارة وموقفهم وتعاملهم مع هكذا مواقف أجاب الطالب (محمد عبد ربه) طالب الصف التاسع الإعدادي: "الإدارة دائماً تعلم بالمصائب بعد أن يقع الفأس في الرأس، حيث وأنهم يسمعون الصراخ وأصوات الشجار ولكن لا يأتون إلا متأخرين" مضيفاً " في إحدى المرات تشاجر صديقي مع أحد الطلاب السيئين وحين ذهب بعض الطلاب لغرفة المعلمين للاستنجاد بهم وجدوهم يتناولون طعام الإفطار غير مبالين بفزع الطلاب".

ويعانى الكثير من الآباء تنمر بعض الطلاب على أبنائهم وإهمال المعلمين والإداريين لمثل هذه الأمور.
وفي هذا الصدد قالت والدة الطالب محمود عبده قاسم :"لقد تضرر ابني بشدة في العام الماضي من تنمر بعض الطلاب عليه، وذات مرة أعادوه إليَّ مربوط الرأس بعد أن خرج من البيت صباحًا سالمًا معافى، حيث ولم تمضِ سوى ساعتين في المدرسة حتى أصيب، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تقوم بالمحاسبة على إهمال الإداريين والمعلمين في بعض المدارس الحكومية وتفرض عقوبات شديدة ورادعه لمثل هذه التصرفات.

والد الطالب محمد عبدالله قال: "بأنه لا يمر أسبوع إلا ويعود ابنه إليه مصابًا إصابات مختلفة عن التي قبلها، ومع ذلك فإنه يقوم بتربيته هو وأخواته بأن لا يتعالى ويؤذي الآخرين قولًا أو فعلاً ويعلمهم محبة السلم والتسامح لكن بعد الحوادث الأخيرة وإصاباته المتكررة أخبره بأن من يضربه فليقم بضربه وأن لا يرحم أحداً وليكن (بلطجي) أكثر منهم".

أما السيد عبد الرؤوف سعيد فأوضح: أنه يتعب في تربية أطفاله ويغرس فيهم الاحترام والأخلاق العالية وحسن معاملة الآخرين، والمدرسة التي من المفترض أن تكون بيئة آمنة للطلاب أصبحت بيئة خطرة ومرعبة.
وأشار والد طالب الصف الثامن الابتدائي محبوب محمد سعيد إلى أنه لا يملك المال الكافي لإطعامهم فكيف سيعالجهم؟ وهم يأتون إليه كل مرة بإصابات مختلفة.


العم أحمد حسن وهو جد لأحد الطلاب قال بحرقة "أوجه كلامي لوزارة التربية والتعليم والإداريين والمعلمين والآباء والأمهات يكفي أن مستقبلهم ضائع فلا تضيعوا أخلاقهم أيضاً".
أما والدة أحد طلاب الصف الثامن وتدعى (أم عز) ناشدت المسؤولين ومدراء المدارس الحكومية بتشديد الانتباه والحرص على الطلاب والمدارس، وأضافت: "نحن فئة من المجتمع لا نملك المال لإدخال أبناءنا مدارس خاصة، صحيح أننا أسر محدودة الدخل لكننا نتعب من أجل تعليم أبنائنا وتطويرهم حتى يكون مستقبلهم أفضل منا، وكيف سيحدث ذلك وبيئة المدرسة بيئة غير مناسبة للتعليم؟".

دور ورأي المعلمين والإداريين تجاه التنمر والعنف في المدارس

بدورها التقت "الأيام" بعدد من التربويين سواءً أكانوا وكلاء مدارس أو مشرفين اجتماعيين وصحيين أو معلمين لقراءة الموقف المدرسي حول موضوع التنمر بين أوساط الطلاب.

تقول المتخصصة الاجتماعية دعاء محمد علي "إذا كان التنمر لفظي فنحاول أن نحل المشكلة بشكل ودي وعدم تضخيم الأمر بين الطلاب حتى لا تحدث مشكلة أكبر، أما عن التنمر القوي الذي يصل للعنف الجسدي والتحرش فهذا يجب أن يكون هناك تعاون بين الطلاب وذويهم من جهة وبيننا نحن كإدارة من جهة أخرى فنحن نعاني من نقص شديد في المعلمين ولا نستطيع توفير معلمي إشراف خاصة للصفين (الثامن والتاسع)، ومن المعروف أن هذا سن حساس ولديه الكثير من الطاقة ولا يعلم أين يفرغها فليس لديهم الكثير من النشاطات سوى حصة البدنية، وبعد المدرسة يذهبون إلى الشوارع ولا أحد يهتم أو يسأل عنهم والبعض يتأثر من مشاهد العنف بالأفلام أو حتى الألعاب الإلكترونية في الهواتف النقالة، ولذلك فلا يمكننا إيقاف المتنمر وحدنا فيجب علينا كلنا من أهالي وطلاب ومعلمين وإداريين التعاون لإيقاف هذه الظاهرة".

أما المشرفة الصحية وفاء العفاري فقالت :"إنني قبل أن أكون مشرفة صحية فأنا أم، وولدي طالب هنا وأشعر بمعاناة أولياء الأمور لكن يجب أن يكون هناك تعاون بين أهل الطالب والإدارة المدرسية أيضاً مع نقص المعلمين وحتى بوجود مربي أو مربية الصف يكون هناك من يتنمرون على بعض الطلاب ونحن لا نعلم والطالب الذي تعرض للتنمر يفضل الصمت خشية أن يقوم الطلاب بإيذائه مرة أخرى لكن عندما يأتي الطالب إلينا فإننا نتعامل مع الوضع بسرية تامة ولا نذكر اسمه أمام الطلاب الآخرين ولا نصرح للطلاب بأن زميلهم تقدم بشكوى عليهم، والذي نقوله أن طلاب ومعلمين تقدموا بشكوى وستتم محاسبتهم على فعلتهم، أما بالتزامهم الصمت فهنا لن نستطيع حل أي مشكلة أو مكافحة ظاهرة التنمر".

وتحدثت وكيلة الفترة المسائية في مدرسة قتبان مها سعيد بغدادي: "أن الإدارة تتخذ إجراءات ضد الطالب المتنمر، ففي المرة الأولى تُحتجز حقيبته المدرسية، ويُـستدعى ولي أمره ونخبره بفعلة ابنه، وإذا تكرر الفعل ففي المرة الثانية يكون مصيره الفصل.
ولفتت إلى أن الطلاب في هذا السن وهذا الوقت يحاولوا فرض سيطرتهم وقوتهم ولا يحترمون المعلمين خصوصاً بعد الحادثة الأخيرة مع المدير السابق (عزت جميل) فقد هبطت همة المعلمين ورفعت من وقاحة الطلاب، حيث انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي خاصةً (الفيسبوك) فيديو والمدير يضرب أحد الطلاب في طابور الصباح بسبب مخالفة ارتكبها الطالب لكن تم فبركة الفيديو والمبالغة فيه، وهذا ما أثار حفيظة الأهالي وغضب الناس ضد المعلمين والمدير حتى تم إيقاف الأخير عن العمل".

المعلمة رانيا سالم قالت :"لا شك أن مرحلة المراهقة صعبة وتحتاج إلى الكثير من الصبر والحزم واللين في نفس الوقت ، فسن البلوغ والتغييرات الجسدية والهرمونية التي تحدث لهم تؤدي إلى حدوث تقلبات مزاجية حادة، وتصبح حاجتهم في إثبات الذات وإعطاء رسالة بأنهم أصبحوا بالغين وبحاجة إلى أن يكونوا مستقلين  ولذلك يحدث أن يتمردوا عن القواعد وإظهار مشاعر العنف والغضب على زملاءهم الضعفاء".

وأشارت التربوية حنان عبدالله إلى أنه في بعض الأحيان يكون الطالب المتنمر هوَ نفسه ضحية يتعرض لعنف وتنمر من خارج المدرسة، فبعض الأهالي لا يعلمون شيئًا عن أطفالهم المراهقين وانه سن حساس يتأثر بكل شيء محيط به وقد يكون هذا التأثير سلبي وهناك آباء يضربون أبنائهم بشكل مبالغ فيه وقد يصل إلى التعذيب بحجة تربيتهم فيتولد لدى هذا المراهق شعور بالكره والغضب وحين يذهب إلى المدرسة يجد من هوَ أضعف منه فيقوم بإخراج كل طاقته السلبية عليهم، وبعد أن كان هو الضحية بالمنزل يصبح المعتدي في المدرسة".

وشاركتها الرأي المُدرِّسة مروى عبدالسلام لافتة إلى أن المراهق في هذا السن يتأثر كثيرًا بمحيطه من أصدقاء السوء والذين يؤدون دوراً كبيراً في تغيير سلوكه، بينما المعلمين أو الإداريين يقتصر دورهم في حدود أسوار المدرسة، ويحاولون قدر الإمكان فرض العقوبات وسن القوانين والأنظمة داخل المدرسة وعلى الجميع اتباعها، لكن خارج المدرسة فلا سُلطة لهم على الطلاب، ولا ينبغي أن يأتي أحد الوالدين ويحاسب المعلم أو المعلمة على ما فعله الطالب بزميله خارج المدرسة لأنه يندرج ضمن مسؤولية أولياء الأمور.

يقول التربوي محمد عبدالفتاح: "نحن طاقم التعليم من معلمين ومشرفين وإداريين نتعب بداخل المدرسة وندرك أننا قبل أن نكون معلمين فنحن أولياء أمور ونعلم ما تمر به الأسر وحتى التلاميذ ونحاول قدر المستطاع أن نوفر البيئة المناسبة لجميع الطلاب وبإمكانياتنا المحدودة والمتوفرة، ولدينا أزمة نقص في المعلمين، ونعاني من عدم توفر النشاطات البدنية والتي تساعد الطلاب على إخراج الطاقة السلبية وطردها من أجسادهم وحتى عقولهم بإشغالهم بمنافسات رياضية تقضي على موجة العنف والتنمر الحاصل بين الطلاب، وعند حدوث هاتين الحالتين نعاقب الفاعل ونقوم بإنذاره في المرة الأولى، ثم نفصله عند تكرارها، ويحز في أنفسنا كثيراً عندما يأتينا والد الطالب بعد أن نستدعيه من أجل ابنه وبعد قرار الفصل يقول الأب "لن يستفيد ابني من الدراسة أصلًا فالعمل أفضل له"، ويُمْسِك ابنه من ذراعه بقوة ويغادر"!

من جانبها سلطت المعلمة أماني علي الضوء على تعقيد موضوع التنمر في المجتمع المدرسي بالعاصمة عدن، حيث قالت "إنه شائك ومتشابك مع عدة عوامل أخرى فمن ناحية نجد الوضع العائلي للطالب، وأسلوب وتربية الأهل، ومن ناحية أخرى يأتي أصدقاء السوء، بمعية ألعاب العنف التي يحبها هذا الجيل مثل (ببجي) وغيرها، كل هذه العوامل تؤثر في نفسية الطالب وتجعله مثل القنبلة الموقوتة، فالعنف والتنمر لا يدخل المدرسة إلا من خلال عوامل خارجية هي حصيلة ضغوطات كثيرة تعرض لها الطالب.

وفي ختام التقرير أشارت التربوية إلهام صالح عبدالله إلى أن مهمتها كمربية ومعلمة في المدرسة أن تساعد الطلاب في دروسهم وتحاول حمايتهم على قدر المستطاع والقيام بمساعدة إدارة المدرسة في انضباطهم، مستدركة أن هناك طلاب مشاغبين للغاية ومهما حاول المعلمون معهم بتطبيق الأساليب التربوية فإنه لن يجدي نفعاً بقدر الدور الأسري، متمنيةً من الأهالي الذين يقدمون الشكاوى ويشعرون بالأسى ويعبرون عن غضبهم أن يأتوا ولو ليوم واحد فقط إلينا لينظروا إلى ما نعانيه من الطلاب، مؤكدةً أنهم لن يتحملوا ما سيجدونه من سلوكيات، متوقعةً أن تتولَّـد لدى أولياء الأمور ردود فعل عنيفة أكبر بكثير مما نفعله، وحينئذ سيعذروننا على ما نقوم بفعله تجاه ظاهرتي العنف والتنمر في المدارس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى