​الوسطاء الدوليون استنفذوا كل الوسائل لحلحلة الملف اليمني

> عدن «الأيام» العرب:

> لمس مراقبون تغيرا في تعاطي المجتمع الدولي مع التعنت الحوثي، وإجهاض الجماعة الموالية لإيران لكل الجهود الأممية والإقليمية لتجديد الهدنة الإنسانية التي انتهت في الثاني من أكتوبر الجاري في حين رأوا أن هذا التغير على مستوى الخطاب إلى حد الآن قد تعقبه إجراءات عملية بحق الجماعة.
ووصف بيان صادر مؤخرا عن مجلس الأمن الدولي، الهجوم الحوثي على ميناء الضبة النفطي بحضرموت بـ”الإرهابي"، واعتبر أعضاء المجلس الهجوم "تهديدا خطيرا لعملية السلام واستقرار اليمن، والأمن البحري بما في ذلك الحقوق والحريات الملاحية المنصوص عليها في القانون الدولي".

وشدد أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة عقدت الأربعاء على أن "أي تصعيد لن يؤدي إلا إلى تعمّق معاناة الشعب اليمني"، كما دعوا الحوثيين إلى "الوقف الفوري لمثل هذه الهجمات واحترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني وإعطاء الأولوية للشعب اليمني والانخراط بشكل بنّاء في الجهود لتجديد الهدنة".
وجاء موقف مجلس الأمن بعد سلسلة إدانات دولية للحوثيين على خلفية الهجوم، الذي اعتبر تهديدا حقيقيا لحالة وقف إطلاق النار المستمرة رغم انتهاء الهدنة وإفشال جهود تمديدها.

ويشهد اليمن حالة لا سلم ولا حرب، بعد فشل تمديد الهدنة نتيجة ما وصفت بمطالب تعجيزية للحوثيين قوبلت برفض الحكومة الشرعية اليمنية، وامتعاض الوسطاء الدوليين الذين واصلوا في تركيز ضغوطهم على الحكومة المعترف بها دوليا للقبول بحزمة الاشتراطات، قبل أن تنهار جهود تمديد الهدنة لستة شهور جديدة، بعد طرح الحوثيون طلبا جديدا يقضي بتحمل الحكومة الشرعية دفع رواتب العسكريين والأمنيين التابعين للجماعة الحوثية.

ويشير التحول في الخطاب السياسي للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى استنفاد الوسطاء الدوليين كل الوسائل لحلحلة الملف اليمني، وتثبيت وقف إطلاق النار، والدفع باتجاه عقد مشاورات سلام بين الحكومة اليمنية والحوثيين، بما في ذلك الضغط على التحالف العربي والحكومة الشرعية وتشجيع الحوثيين على الانخراط في حوار سياسي.

وساهم التصعيد العسكري الحوثي الأخير، الذي استهدف منشآت اقتصادية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في تعميق حالة الإحباط الدولي إزاء المواقف الحوثية المتصلبة، وإعادة إحياء مسار الضغط على الجماعة المدعومة من إيران والتلويح بإعادة تصنيفها دوليا كمجموعة إرهابية، خصوصا وأن هجومها الأخير جاء في أعقاب استجابة مجلس القيادة الرئاسي لضغوط المبعوثين الأممي والأميركي إلى اليمن عبر الموافقة على الخطة الأممية المعدلة لتمديد الهدنة وتسليم قائمة بممثلي الحكومة في المشاورات السياسية.

وفي تعليق على البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وصف الباحث السياسي اليمني سامي الكاف البيان الذي أدان هجوم الحوثيين على ميناء الضبة النفطي بحضرموت، بأنه "في غاية الأهمية، لأنه يضع الجميع أمام حقيقة تؤكد استحالة الوصول إلى السلام في ظل الإرهاب".
واستدرك الكاف بالقول في تصريح لـ”العرب" إن "دعوة البيان للحوثيين للوقف الفوري لمثل هذه الهجمات واحترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي والإنساني تعد بمثابة مضيعة للوقت ويناقض مبدأ الإدانة نفسه، لأن من يقوم بالإرهاب لا يؤمن بالسلام ولا يسعى إلى تحقيقه".

وأضاف "في حالة الحوثيين، فأن كل السنوات الماضية، أثبتت للجميع أنها حركة دينية مسلحة قامعة لا يمكن لها أن تتواجد وتعتاش، إلا من خلال إقصاء الآخر المغاير وهدفها أن تتحكم وتحكم كل اليمن".
ووضعت مواقف الحوثيين المتصلبة على الصعيد السياسي واستمرارهم في التصعيد العسكري، المجتمع الدولي أمام وضع حرج على صعيد انهيار جهود تحجيم العنف في اليمن، وهو الأمر الذي يعيد إحياء خيارات الضغط على الجماعة المدعومة من إيران، وإجبارها على تقديم تنازلات حقيقية على طاولة المشاورات التي يأمل المبعوث الأممي هانس جرندبورج في أن تفضي إليها جهود تمديد الهدنة التي انتهت عمليا في الثاني من أكتوبر الماضي.

واعتبر الباحث السياسي اليمني ومدير مركز "ساوث 24" في عدن، يعقوب السفياني، أن البيان الأخير لمجلس الأمن إحدى ثمار فوز الإمارات بعضوية مجلس الأمن للفترة 2022 – 2023 وانعكاس لدورها الهام في صياغة المواقف الأخيرة القوية للمجلس تجاه الحوثيين في اليمن، لاسيما البيان الذي وصف مطالب الجماعة المدعومة من إيران لتمديد الهدنة بـ”المتطرفة" في وقت سابق، والبيان الأخير الذي وصف الهجوم الحوثي على ميناء الضبة بـ”الإرهابي".

ولفت السفياني في تصريح لـ”العرب" إلى أن تمسك الحوثيين بمطالب مبالغ فيها قوض جهود تمديد الهدنة، وأفضى على الأرجح إلى خلق مزاج دولي مختلف تجاه الجماعة يختلف عما كان موجودا في الفترات الأخيرة، حيث تمت إدانة هذه المطالب من المبعوثين الأميركي والأممي في بيانات منفصلة، وكذلك إدانة التهديدات الحوثية باستهداف الشركات النفطية والملاحية بالداخل والخارج.

وأشار السفياني إلى أن البيان الأخير لمجلس الأمن بالرغم من أهميته، لكن لا يزال هناك ضعف وخجل دولي في تسمية الحوثيين بشكل صريح كمعطل ومعرقل لأي مساع للتهدئة ووقف إطلاق النار والتمهيد لعملية سياسية شاملة تنهي الحرب والأزمة، علاوة على انقسام المجتمع الدولي إلى أقطاب نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، وهو ما انعكس في المواقف تجاه الأزمات والقضايا الدولية الأخرى ومن بينها اليمن.

وأضاف "مع استمرار نهج الحوثيين المتصلب الذي يبدو على صلة قوية برغبة الداعم والموجه في طهران، يبدو أن الموقف الدولي رغم كل تلك الإشكالات قد يكون أقوى خلال الفترة القادمة، خصوصا مع حشد الطاقات الدبلوماسية للحكومة اليمنية باتجاه نبذ الحوثيين بناء على قرار مجلس الدفاع الوطني الأخير بتصنيف الجماعة إرهابية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى