رسالة إلى التائهين

> أيام قليلة وتَقلب يد القدر آخر ورقةٍ من روزنامة العام الجاري 2022م، وفي نفس اللحظة تظهر مباشرة الصفحة الأولى لليوم الأول من العام الجديد 2023م، ولأن الحياة والأقدار تجري بنا وربما نحن الذين نجري بها أو فلنقل ببعضها فستمتلئ صفحات الروزنامة الجديدة كالعادة بأحداث حياتنا الخاصة والعامة، وسنتوه بعد ذلك في أروقة الجدلية الأزلية بشأن ما هو الشيء الذي نحن مُسيّرون فيه وما هو الذي نحن فيه مخيّرون.

نحن نحتسب أنفسنا من المؤمنين الذين تنطبق عليهم شروط الإيمان، ومنها الإيمان بالقدر كمشيئة إلهية، لكننا من زاوية رؤية أخرى نؤمن بالعقل الذي منحنا إياه الخالق ليحكم أفعالنا، ويصنع الفرق بين أن نكون بشرا أسوياء، أو قطيعا من الغنم أو ما شئتم من الحيوانات، وفي ذات الوقت فإن نفس العقل هو الذي يجعلنا نرفض أن يحكم أفعالنا من صار يسمى حديثاً بالمخرج الذي يرسم لنا سبل حياتنا وما يجوز لنا فعله وما يتوجب علينا تركه.

في كل نقاش يظهرون لنا من يمثلون دور الوسيط بيننا كشعب وبين من منحناهم ثقتنا وقيادة مشروعنا التحرري، لاستعادة دولتنا التي صارت كحلم بعيد بعد أن كنا نكاد نلامسه.

نرفض مصطلح (المخرج)، لأننا على يقين بأن لا مُخرج للأحداث العظيمة في حياة البشر سوى الله الذي علّمنا أن إرادة الشعوب مستمدة من إرادته عزّ وجلّ.

بطبيعة الحال فإننا في ضوء ما تقدم نؤمن أيضا بتبادل المصالح بين الناس فهذه سُنّة الحياة على أساس أن البشر يتكاملون في تبادل المصالح وبالأخيرة تعايشت الأمم منذ نشوء الخليقة حتى يومنا هذا، والأساس في ذلك التكامل بين الناس التكافؤ والمساواة وعدم الاستعباد والتنّمر بعضنا على بعض.

تخبرنا معطيات الواقع وتسابق الأحداث بأننا جميعاً قادةً ومقودون بأننا نقع في أتعس فترة تاريخية نعيشها كشعب وقيادة، وفي كل جوانب حياتنا هناك انحدار كبير ودمار كبير حلّ بنا معنوياً وماديا. بما أننا نرفض تسويق الوهم أكثر مما هو حاصل في الواقع فإننا سنرفع صوتنا ليسمعه ممن كسبوا أنفسهم وأضاعوا أحلام الشهداء قبل الأحياء منا.

نرفع أصواتنا لنقول لمن أضاع طريقنا: إلى هنا كفى. احزموا أمتعتكم وانضووا جانبا واتركوا غيركم يتحمل المسؤولية.

بالله عليكم كيف لكم كقيادات أن تديروا شؤون شعب أجرمتم في حقه وتوزعتم أو تم توزيعكم في المنافي في أصقاع الأرض؟

إن من فعل ذلك بكم أراد أن يخبرنا أن من اخترناهم لنا قادة ليس سوى مجموعة من الفاشلين الذين أدوا دورهم ولم تعد لهم من طريق للوصول إلى قلوب أو عقول الناس.

دعونا من التنطع وتمثيل دور الجامع لكل مكونات المجتمع المفرّخة لاختيار قيادات تضاف إلى من سبق، إذ يكفيكم أن تنظّفوا من جسد هيكلكم الهش القيادات (العاهات) والخونة المتسترين بلباس الثوار، ويكفيكم أن تقوموا بتصحيح الأخطاء السياسية القاتلة التي اعترف البعض منكم بها أمام الملأ، وحينذاك ربما كانت الجدوى أفضل وأكبر من أن تمارسوا دور المفعول به وادعاء دور الفاعل، وليكن العام الجديد عام التصحيح والعودة إلى الطريق القويم الذي خرجتم أو أُخْرِجْتم منه بإرادتكم أو حتى بدونها، أمّا الاستمرار في هكذا حال، فتأكدوا أن لا سبيل أمام هذا الشعب الذي لا يملك ما يخسره، إلا أن يوقفكم بطريقته التي لا نتمنى أن يلجأ إليها، والله والوطن والشعب الجائع من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى