> «الأيام» العرب:
تفوح رائحة البخور باستمرار من منزل اليمنية وفاء الصرابي، لكن بالنسبة إلى الأرملة والأم لستة أطفال، فإن هذا المنتج هو مصدر رزق، إذ تصنعه في مطبخها وتبيعه لإعالة أسرتها.
ووفاء واحدة من آلاف النساء اللاتي يكافحن من أجل تغطية نفقاتهن وإعالة أسرهن في اليمن الذي مزقته الحرب، والبخور هو مادة معطرة يتم تحضيرها في المنازل باستخدام خلطات سرية مختلفة ذات رائحة ذكية.
وتشير الدراسات التاريخية إلى أن اليمن كان إمبراطورية البخور في العالم، فقد كان ميناء المخا مركزا تجاريّا مهمّا لتصدير البخور اليمني إلى مختلف ممالك وإمبراطوريات أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وقالت وفاء: "أشتري المواد الأولية اللازمة لصنع هذه الأصناف من العطار، وهي مواد أولية متعددة الجودة، وجودتها تنعكس على جودة المنتج النهائي، ثم نقوم بصنع هذه المواد بمقادير معينة ودقيقة، حيث أن عدم الدقة في تحضير هذه المواد يفسدها بشكل كامل" .
وأدى التضخم ونقص العملات الأجنبية إلى جعل تأمين الغذاء والماء والوقود عسيرا على الكثيرين في البلاد التي تستورد معظم احتياجاتها.
وتصنع وفاء كل أنواع البخور، وأهمها العرائسي الذي تستخدم في صناعته العود والعطور والأخضرين ومواد نباتية أخرى، تقوم بخلطها وحرقها على نار هادئة للحصول على تلك المادة الصلبة المسماة البخور.
وعن المشاكل والصعوبات التي تواجه صانعات البخور قالت وفاء "نواجه صعوبة في تسويق البخور والعطور لأنها ما تزال تعتمد على تحركنا نحن في الأعراس والمناسبات وأحيانا من خلال نساء يقمن بالتوزيع مقابل نسبة لهن، وبعض المحلات التجارية التي نعطيها منتجاتنا لتبيعها". وبدأت وفاء في تدريب نساء أخريات وتمكينهن من الانضمام إلى السوق.
ويساعد صلاح الزريقي، صاحب محل لبيع العطور والمواد الأولية لصنع البخور في صنعاء، زبائنه وأغلبهم من النساء، في تعريفهم بالأنواع المختلفة لتركيبات البخور.
وأوضح "مكونات البخور تأتينا من الخارج وما يُميزنا في اليمن هو الظفر والعنبر، هذا الظفر يعتبر من أجود الأنواع، فيه أنواع مختلفة، لكن أجودها يكاد يكون سعره مئة ألف ريال يمني للكيلو".
وقال "قبل الحرب كان عدد النساء اللواتي يشتغلن في صناعة البخور قليلا ومحدودا، أما اليوم فقد ازداد العدد بشكل كبير وأحيانا تستقبل محلاتنا في اليوم الواحد 200 امرأة ممن يأتين لشراء مواد ومستلزمات صناعة البخور".
وبالنسبة إلى العديد من النساء في بلد محافظ مثل اليمن، فإن إدارة الأعمال التجارية من المنزل هي الأفضل لأنها لا تتطلب منهن الالتزام بالذهاب إلى مكان العمل.
وقالت ذكرى القدسي وهي صانعة بخور، إن دخولها إلى عالم إعداد البخور يعود لاهتمام المجتمع اليمني بهذه المادة العطرية وكثرة الإقبال على شرائها في المناسبات، بل إنها دائمة الاستخدام في العديد من المنازل بشكل يومي لأنها تبعث في النفس الارتياح والسكينة، وهي تعرف كيفية صناعة عدة أنواع من البخور تناسب مختلف فئات الزبائن.