بسبب غياب الرقابة.. البضائع المهربة تنافس المنتجات الرسمية باليمن

> "الأيام" غرفة الأخبار

>
​معاناة كبيرة يعيشها اليمنيون في الشمال أو الجنوب تمس حياتهم اليومية وقدراتهم الصحية بعد أن تحولت البلاد إلى سوق للبضائع المهربة بصورة كبيرة، الأمر الذي عمل على تدهور الاقتصاد والملفات المرتبطة به من صحة وتعليم وخدمات وغيرها.

ما التأثير الذي أحدثته عمليات تهريب البضائع على أسعار السلع واقتصاد البلاد بشكل عام؟
بداية يقول أنور التميمي، الكاتب والمحلل السياسي اليمني (حضرموت)، إن "عمليات التهريب موجودة في كل دول العالم بنسب متفاوتة، لكن من المفارقات العجيبة في الحالة اليمنية، أن الكثير من الضالعين أو من يقومون بعمليات التهريب يشغلون مناصب في مؤسسات أمنية للأسف الشديد، بل في الوحدات الخاصة بمكافحة التهريب، هذا حدث في وقت سابق، لكن بعد عام 2015 وبعد تحرير مناطق كثيرة من الجنوب، أصبح الأمر أفضل كثير جدا".

وأضاف التميمي أن "المنطقة العسكرية الأولى والمنطقة الصحراوية في حضرموت وعمان لا يزال الوضع الأمني فيهما يساعد على عمليات التهريب، سواء بالتغاضي أو بالمشاركة المباشرة مع تلك العصابات"، مشيرا إلى أن الجهات الأمنية أعلنت مؤخرا القبض على شاحنة تحمل 100 محرك لطائرة مسيرة، وهذا الأمر لم يحدث في تاريخ التهريب بالبلاد ويعد دليلا على أن المهربين كانوا مطمئنين على أن النقاط الأمنية إلى جانبهم، لكن تم كشفهم على يد نقطة عسكرية تابعة للأمن المحلي في وادي حضرموت.
  • ضرر كبير
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الشاحنة التي تم القبض عليها في حضرموت مرت بعشرات النقاط الأمنية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى، لكن شاءت الأقدار أن يتم القبض عليها في مدينة (شبام)، وحدث اشتباك عن طريق مجموعة من المنطقة العسكرية الأولى الموالية لحزب "الإصلاح" اليمني، حيث حاولت تلك المجموعة الإفراج عن الشاحنة بالقوة لتذهب إلى وجهتها بسلام، إلا أن حدثت مناوشات وضغط شعبي، علاوة على تهريب المخدرات والسلع الفاسدة ومنتهية الصلاحية التي تغطي الأسواق.

وأكد التميمي أن الضرر الذي يلحق بالاقتصاد اليمني جراء عمليات التهريب كبير جدا، سواء على المستوى المادي أو الخسائر البشرية، موضحا أن هناك معلومات تقول إن 8 % من الأدوية التي تدخل إلى اليمن مهربة، أي أن تلك الأدوية معظمها مغشوشة ولا تحتوي على المادة الفعالة للدواء، والبعض منها أدوية حقيقية لكنها تدخل تحت بند التهرب الضريبي، نظرا لأنها تمر بطرق غير شرعية أو غير رسمية ولا تخضع لرقابة أو محاسبة جمركية لكي تدخل موارد للدولة.
  • الأغذية والأدوية
واستطرد الكاتب والمحلل السياسي، أن ما يتعلق بالأغذية منتهية الصلاحية فحدث ولا حرج، خصوصا الأغذية المجمدة من دواجن ولحوم، مشيرا إلى حدوث حالات تسمم غذائي في مناطق كثيرة من اليمن وصلت إلى حد الوفاة في عدد من المناطق، كما حذر العديد من الأطباء من بعض الأدوية المستخدمة لعلاج القلب، حيث تم إدخالها المختبرات ووجدوا أن المادة الأساسية الفعالة غير موجودة وأن الدواء عبارة عن مواد أولية وبعض النكهات والألوان الصناعية، وتباع تلك الأدوية بأسعار باهظة للمرضى والكثير منهم توفي نتيجة استخدام تلك العقاقير المغشوشة.
  • طرق التهريب
ولفت المحلل السياسي إلى أن هناك طرقا كثيرة للتهريب في اليمن، فعمليات التهريب في اليمن لا تتعلق بتهريب شنطة أو غيرها من المطار أو في نقطة برية، بل إن الأمر يتم عبر سفن شحن ضخمة ترسو في المياه الدولية وتدخل إليها زوارق صيادين وتقوم بتحميل تلك الشحنات، ثم تعود تلك الزوارق إلى مناطق ومرافق غير مأهولة على السواحل، بعد ذلك تحمل على سيارات إلى وجهتها النهائية مستخدمة بعض المناطق في المنطقة الأولى كمحطة ترانزيت للتهريب إلى دول الجوار وبشكل خاص السعودية التي تعاني كثير من هذا الأمر.

وأوضح التميمي أن عملية التهريب لا تقتصر فقط على المواد الغذائية الفاسدة وغيرها، بل تشمل أيضا المخدرات بكميات هائلة، ونسمع بين الحين والآخر عن القبض عن شحنة أو أخرى، لكن في كل الأحوال أحيانا يكون هناك قيادات أمنية وطنية تقف في وجه تلك العصابات، لكن الحالة في اليمن كارثية أمنيا وصحيا، إضافة إلى الضرر البالغ على الاقتصاد الوطني الهش أصلا.
  • غياب الرقابة
من جانبه، يقول محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن، إن تأثير عمليات التهريب على الاقتصاد اليمني كبير جدا بسبب غياب الرقابة على السلع الداخلة إلى البلاد، وغالبية البضائع التي تدخل إلى اليمن تدخل بطرق غير مشروعة وغير مستوفية للمعايير والشروط الدولية التي تجيز تناولها أو استخدامها، سواء كانت تلك السلع مغشوشة من الأساس أو فسدت نتيجة سوء التخزين ومحاولات إخفائها عن أعين الرقابة، لذا فإن تلك البضائع المهربة وفي غالبية الحالات تكون متهالكة ولا تصلح للاستخدام الآدمي.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المشكلة الأكبر أن لدينا عدد كبير من البضائع المقلدة التي لا تستوفي المواصفات والمعايير ويتم إدخالها إلى السوق بطرق غير شرعية، والمشكلة أن تلك السلع الفاسدة عادة ما تكون من السلع الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل الأدوية والمواد الغذائية الأساسية.
  • المواصفات والمعايير
وحول تأثير عمليات التهريب على الاقتصاد اليمني يقول الشعيبي، إن هناك نوعان من التأثير، الأول يكون على المواطن وبشكل خاص عندما تكون السلع غير مرخصة أو غير مستوفية للمعايير ومقلدة، والضرر الثاني مالي اقتصادي على الدولة بشكل عام، سواء كانت السلعة مستوفية أو غير مستوفية للمعايير وتم تهريبها من منافذ وقنوات لا تخضع لرقابة الدولة ومعايير وظروف الاستيراد، بما في ذلك الضرائب والجمارك والرسوم.

وأكد الشعيبي أنه بذلك الأمر تفقد الدولة مورد هام جدا، حيث كانت تلك المتحصلات تمثل نسبة كبير من الإيرادات في الموازنة قبل الحرب، لكن بعد الحرب فقدت الدولة نسبة كبيرة من هذا المورد، نتيجة عزوف المستوردين عن عمليات الاستيراد نظرا لضعف القوة الشرائية، ما يعني عدم شفافية مالية.

واستطرد الشعيبي "ونلاحظ خلال فترة الحرب ظهور رؤوس أموال لم تكن متواجدة قبل الحرب، علاوة على أنه لم تكن هناك أطر رسمية تسمح لها بالتربح في ظل حركة عمل تجارية واستثمارية رسمية، حيث أن السلع المهربة أو الفاسدة تنافس السلع التي دخلت بصورة شرعية ورسمية، ويكون للسلع المهربة أفضلية في السعر نظرا لأنها لم تدفع جمارك أو رسوم وربما تكون مقلدة، هذا الأمر أثر على موارد الدولة بشكل كبير".
  • استغلال المنافذ
وأكد أن عمليات التهريب قد ساهمت في توقف عجلة التنمية وأثر على مستوى التوظيف والخدمات التي تقدمها الدولة والمشاريع التي كانت تطمح إلى تنفيذها أو القيام بها في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، عمليات التهريب تؤثر في دول متماسكة وقوية، فما بالنا بالوضع في اليمن الذي يسير من السئ إلى الأسوأ.

ولفت محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن، إلى أن هناك عملية استغلال للمنافذ البرية والبحرية من جانب تجار ومافيات يقومون بتهريب تلك السلع ويوصلونها إلى البلاد دون دفع رسوم أو جمارك.
  • الاقتصاد والصحة
بدوره يرى أنيس السنمي، عضو مفوضية مكافحة الفساد في اليمن، أن تهريب السلع إلى اليمن أصبح أمر يقلق الجميع ويتأثر منه عامة المواطنين، حيث يشكل خطرا على الاقتصاد وعلى الصحة العامة بشكل عام، وتستغل عصابات التهريب الضعف الأمني في الحدود اليمنية جراء الصراع الدائر في البلاد وتعدد السلطات.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن عمليات التهريب تحرم الدولة من إيرادات مهمة تتمثل في الضرائب والجمارك التي يجب دفعها على هذه السلع المهربة نتيجة عدم مرورها في المنافذ الرسمية للسلطات، الأمر الثاني يتمثل في أن هذه السلع تهرب بوسائل نقل وأجواء وخزن غير صحي وغير مناسبة مما يعرض أغلب السلع المهربة للتلف.
ودعا السنمي، الحكومة اليمنية وزارة التجارة والصناعة وفروعها في المحافظات إلى تشديد الرقابة على عصابات التهريب وسحب السلع المهربة والتي لم تدخل بصورة شرعية من الأسواق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى