تونس تواجه الضغوط بخطاب دبلوماسي يتبرأ من العنصرية

> تونس«الأيام» العرب:

> تحرك دبلوماسي وإعلامي تونسي للتخفيف من الضغوط وتفسير أسباب الموقف الحازم للرئيس سعيد تجاه اللاجئين الأفارقة الذين لا يمتلكون وثائق.

نفى وزير الخارجية التونسي نبيل عمّار أن تكون بلاده قد تعاملت مع موضوع اللاجئين الأفارقة بخطاب عنصري، معتبرا أن الاتهامات الموجهة إلى بلاده على هذا المستوى ليست سوى حملات مغرضة.

وقوبلت تصريحات للرئيس التونسي قيس سعيد الثلاثاء الماضي دعا فيها إلى “إجراءات عاجلة” لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، بحملات إعلامية لدى منظمات حقوقية رأت فيها تحريضا على مواجهة اللاجئين. لكن قيس سعيد عاد في كلمة لاحقة له ليؤكد أنه ضد العنصرية، وحث الأجهزة الأمنية على حماية الأفارقة المقيمين في تونس من دون أن يتنازل عن موقفه بشأن ترحيل من دخلوا البلاد دون وثائق.

ونددت العديد من المنظمات غير الحكومية بالخطاب ووصفته بأنه يدعو إلى الكراهية، كما استنكره الاتحاد الأفريقي واعتبر تصريحات الرئيس التونسي “صادمة” ودعا الدول الأعضاء إلى “الامتناع عن أيّ خطاب عنصري يحض على الكراهية”.

وتأتي مقابلة وزير الخارجية التونسي، الذي استلم مهامه قبل ثلاثة أسابيع، مع وكالة الصحافة الفرنسية ضمن تحرك دبلوماسي وإعلامي تونسي للتخفيف من الضغوط وتفسير أسباب الموقف الحازم للرئيس سعيد تجاه اللاجئين الأفارقة الذين لا يمتلكون وثائق، في وقت تعيش فيه تونس أوضاعا اقتصادية صعبة.

وقال وزير الخارجية لفرانس برس “إنه تأويل مغرض لتصريحات السلطات التونسية العليا حول هذا الموضوع. لقد مرت أيام قليلة منذ حدوث ذلك ويجب علينا الآن أن نتحلى بهدوء، ورسائل الطمأنة تم إرسالها عبر القنوات الرسمية وغيرها”.

وتابع في سياق حديثه “كلا، مسألة الاعتذار غير مطروحة، لم نؤذ أحدا”.

ووفقًا للأرقام الرسمية التي نقلها “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” فإن تونس البالغ عدد سكانها حوالي 12 مليون نسمة، تضم أكثر من 21 ألف مواطن من دول أفريقيا جنوب الصحراء معظمهم في وضع غير قانوني.

وأضاف الوزير “بالنسبة إلى المهاجرين القانونيين، لا مشكلة. على العكس، نريد المزيد”. أمّا “المهاجرون غير القانونيين فمدعوّون للعودة إلى ديارهم، ولكن مع احترام حقوقهم وكرامتهم”.

وقال عمّار “يجب ألاّ نخلط بين السلوك الفردي وما تقوم به السلطات. فالسلطات تتخذ كافة الإجراءات لحماية جميع المهاجرين في تونس سواء كانوا قانونيين أو غير قانونيين”.

وكانت وزارة الداخلية التونسية أكدت في بيان لها مساء السبت أن أجهزتها “حريصة على التقيّد بالتعامل مع كلّ الأجانب من مختلف الجنسيات المتواجدين بالتراب التونسي وفق مقتضيات التشريع الوطني النافذ والمواثيق والمعاهدات الدولية في كنف الاحترام التام لمبادئ حقوق الإنسان”، وذلك في مسعى للنأي بالنفس عن العمليات المعزولة التي طالت بعض اللاجئين.

وعلّل عمار طلب سعيّد، قائلاً إن “السلطات التونسية من حقها أن تنبه عندما تتزايد تدفقات المهاجرين غير القانونيين مع كل العواقب التي قد تترتب على ذلك”.

وعززت تصريحات سعيّد حول وجود “ترتيب إجرامي تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس” من أجل “توطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء” في البلاد، مقارنات مع ما يعرف بنظرية المؤامرة “الاستبدال العظيم” والتي يدافع عنها في فرنسا اليميني المتطرّف إيريك زمور.

وعلق عمّار “إنه مجرد عنصر واحد (من الخطاب)، لماذا ركّز المعلقون على هذا العنصر ليصبح مركزيا؟ وحتى لو وجدت هذه الدراسة، أين المشكلة في ذلك، ليست السلطات التونسية التي أنتجتها”.

وأضاف عمّار “كانت هناك شهادات في مقاطع فيديو، لا أريد أن أذكرها لأنني لا أريد المشاركة في تطوير هذا الجدل، ولكن كانت هناك شهادات أدلى بها مهاجرون من جنوب الصحراء وقالوا ‘ها نحن هنا في المنزل وما إلى ذلك’ أنا لا أريد حتى الحديث في ذلك”.

وصعّدت الأجهزة الأمنية في تونس حملة الإيقافات ضد المهاجرين غير الشرعيين.

وشددت السلطات التونسية في بيان نشره المتحدث باسم الحرس الوطني حسان الدين الجبابلي على مكافحة “ظاهرة إيواء وتشغيل الأفارقة جنوب الصحراء على خلاف الصيغ القانونية”.

كما طالب الحرس الوطني المواطنين بالإبلاغ “عن عمليات المتاجرة بأرواح البشر ومعاضدة مجهود الدولة في التصدي للمتاجرين بقوارب الموت”.

ووفقا لبيانات وزارة الداخلية، ضبطت وحدات الحرس البحري في عام 2022 قرابة 39 ألف مهاجر من بينهم أكثر من 27 ألفا من الأجانب أغلبهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

ويصل غالبية المهاجرين من دول جنوب الصحراء إلى تونس التي تبعد بعض سواحلها أقل من 150 كيلومترًا عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، ثم يحاولون الهجرة بطريقة غير قانونية إلى أوروبا عن طريق البحر.

وتعتبر بعض المنظمات غير الحكومية أن تونس، التي يعترض خفر السواحل فيها بانتظام قوارب المهاجرين المتجهة إلى أوروبا، طرف رئيسي في مراقبة طرق الهجرة في البحر الأبيض المتوسط.

وتابع وزير الخارجية التونسي “نحن في وضع صعب بين الشمال والجنوب. وعندما نقول إن هناك مشكلة يتهموننا بالعنصرية، هل ترون كم ذلك غير عادل؟”.

كما نفى اتهامات المنظمات غير الحكومية والمعارضة بأن خطاب سعيّد عن المهاجرين يهدف إلى إلهاء الرأي العام عن تدهور الأوضاع المعيشية والوضع السياسي المتوتر بسلسلة من الاعتقالات في الأوساط السياسية.

وأضاف “بالطبع لا… هذه تفسيراتهم… ليس هذا الواقع”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى