واشنطن تنفتح على العسكريين بالشرق الأوسط بعد تخبط السياسيين

> القاهرة "الأيام" العرب

> ​مع إعلان واشنطن أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن سيتوجه إلى الشرق الأوسط في زيارة تشمل إسرائيل ومصر والأردن، الأربعاء، شعرت دوائر عديدة في المنطقة أن الإدارة الأميركية بدأت تشعر بقلق بالغ من التصعيد الحاصل في الأراضي الفلسطينية، ومن التقدم الكبير الذي أحرزه البرنامج النووي الإيراني وتأثيراته على توجهات واشنطن وما تقوم به إسرائيل من استعدادات لإجهاضه عسكريا.

وجاءت زيارة أوستن بعد نحو شهر من جولة قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل ومصر والضفة الغربية، ما يؤكد أن سياسيي المنطقة لم يستمعوا جيدا لفحواها وتريد واشنطن تجربة حظها مع العسكريين والأمنيين الذين بحكم تكوينهم المهني وخبراتهم أقرب إلى فهم المخاطر التي تجرها تخبطات السياسيين.

وتعزز هذه الإشكالية من التناقضات الظاهرة بين وزارتي الدفاع والخارجية في الولايات المتحدة، والتي تزداد حدة في عهد الإدارات الديمقراطية.

وأجرى رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي مارك ميلي مباحثات مع كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في إسرائيل، الجمعة، تطرقت إلى آليات ضبط العنف في الأراضي الفلسطينية، وناقشت الموقف العام من البرنامج النووي الإيراني.

وتشير جولة أوستن بعد أيام إلى أن التفاهمات الأمنية التي تمخض عنها لقاء العقبة الخماسي في السادس والعشرين من فبراير الماضي بمشاركة الولايات المتحدة والأردن ومصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى أن اللقاء لم يفلح في كبح التصعيد أو يعطي أملا لتوفير الهدوء على المدى المنظور.

ونشّطت واشنطن دبلوماسيتها السياسية مؤخرا لتليين تصورات المتشددين في إسرائيل حتى لا تؤدي الصدامات في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى المزيد من الانفلات.

ووفر تشدد الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو فرصة للتحلل من أي اتفاقات أو تفاهمات أمنية، ويقطع الطريق على محاولات الإدارة الأميركية إحياء العملية السياسية من باب وقف العنف وليس لتدشين تسوية حقيقية لحل القضية الفلسطينية.

وأدانت مصر والإمارات والأردن وقطر والكويت والأردن يومي الجمعة والسبت تصريحات لوزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش دعا فيها إلى تدمير بلدة حوّارة الفلسطينية، والتي شهدت حوادث عنف متبادلة وأصبحت السيطرة عليها مسألة صعبة للغاية.

وقال المتحدث باسم البنتاغون البريغادير جنرال بات رايدر إن وزير الدفاع الأميركي يتطلع إلى مناقشاته مع القادة في المنطقة لدعم شراكاتنا وتعزيز التعاون.

وتسعى واشنطن إلى دفع أطر التعاون مع حلفائها في المنطقة، مستثمرة العلاقات الجيدة التي يملكها البنتاغون ودبلوماسيته الوقائية التي أجاد قادته توظيف ما تتمتع به وزارة الدفاع من مسافة بعيدة عن الجسم السياسي للإدارات الأميركية، بما يمنحهم درجة جيدة من الحركة قد تساعد الولايات المتحدة على إعادة ترتيب أوراقها.

ومع أن المتحدث باسم البنتاغون لم يشر إلى طبيعة المهمة التي تنطوي عليها جولة وزير الدفاع، إلا أن السياقات الإقليمية والقضايا المعنية بها الدول الثلاث (إسرائيل ومصر والأردن) التي يزورها تقول إنها ستركز على نتائج قمة العقبة الأمنية التي لم تتحقق على الأرض ونُسفت مخرجاتها مبكرا مع تصاعد حدة العنف في الأراضي المحتلة، وبدت إجراءات الحكومة الإسرائيلية التالية عليها غير معنية بها.

ورجّح مراقبون أن تكون جولة أوستن في المنطقة مهتمة بإنقاذ الاجتماع المتوقع انعقاده قريبا في شرم الشيخ المصرية، حيث أشارت قمة العقبة إلى عقده في مارس الجاري لاستكمال ما تم بحثه بالعقبة، ففي ظل التصعيد قد ينهار الاجتماع المنتظر.

ولم يستبعد المراقبون أن تحرز دبلوماسية البنتاغون التي يقودها أوستن تقدما يعوق إخفاقات وزارة الخارجية الأميركية، خاصة أن العلاقة التي تربطه بقادة جيوش الدول الثلاث جيدة ويستطيع بناء تفاهمات عليها بشأن عدم إتاحة الفرصة لمن يريدون جر المنطقة إلى تصعيد جديد.

وحذرت دوائر إقليمية من أن يفضي العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى خلط أوراق الإدارة الأميركية التي بدأت رؤيتها تتجاوب مع التطورات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، ولا تريد أن تكون بعيدة بما يصبّ في مصلحة خصومها.

وتعمل واشنطن على منع تشتيت جهودها، وترى أن إرسال وزير الدفاع إلى المنطقة يحوي في جوهره رسالة على جدية تحركاتها هذه المرة وسعيها لوقف التصعيد والتفاهم مع الحلفاء الإقليميين، إسرائيل ومصر والأردن، كي لا يبدو صمتها أو عدم تحركها كأنه رسالة للمزيد من العنف أو إشارة دعم لمستوطنين ومتطرفين تقود ممارساتهم لانخراط مباشر من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية المدعومة من إيران.

ووسط تقارير أشارت إلى تقدم نوعي جديد في البرنامج النووي الإيراني، من المنتظر أن تتناول جولة أوستن حديثا مستفيضا عنه، خاصة في المحطة الإسرائيلية، بعد تصريحات أدلى بها وكيل وزير الدفاع الأميركي، في الأول من مارس الجاري، أفادت بأن طهران أصبح بوسعها إنتاج قنبلة نووية في غضون 12 يوماً.

وذكر مسؤولون إسرائيليون كبار لموقع “والا” الإسرائيلي، نشرت الجمعة، أن أوستن سيصل إسرائيل، وسبق ذلك زيارة يجريها وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي إلى واشنطن.

وأدلى وكيل وزير الدفاع الأميركي للشؤون السياسية كولن كال بتصريحاته السابقة في جلسة عقدت بمجلس النواب بعد أن ألح عليه نائب جمهوري لمعرفة السبب وراء سعي إدارة الرئيس جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي.

وقال كال، وهو ثالث أكبر مسؤول في البنتاغون، للنواب الأميركيين إن “التقدم النووي الإيراني منذ أن انسحبنا من خطة العمل الشاملة المشتركة كان ملحوظا”.

ويبدو أن خطة تطويق التصعيد في الأراضي الفلسطينية واحتواء إيران بدلا من مواجهتها سوف يسيران جنبا إلى جنب خلال جولة أوستن، لأن الملفين يمثلان خطرا على الإدارة الأميركية، ولا تريد أن تظهر تحركاتها بطيئة أكثر من اللازم، لأن التطورات تمضي بوتيرة سريعة فيهما، بينما تعاني إدارة بايدن من تحديات إقليمية ودولية على أكثر من مستوى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى