​أهلاً رمضان

>
بعد ثمان سنوات من الحرب، يأتي رمضان هذه المرة مختلفا.

هناك شعور بأن الغُمّة التي أصابت البلد سوف تذهب، وأن الليل الطويل سينجلي، كان الناس طيلة سنين الحرب يصنعون الفرح بصعوبة، لاسيما في مناطق المواجهات العسكرية، لكن استطاعوا أن يعيشوا مواسم  الخير بمقادير من السعادة.

بإمكان أهل البلد أن يفعلوا أشياء كثيرة من أجل صناعة الفرح وسط دخان الحرب، قبل عام 2011  في اليمن وبلاد عربية أخرى كسوريا وليبيا وحتى البلاد التي لم تشهد حربا.

كان الناس حين يفتحون الراديو أو التلفزيون لسماع نشرة الأخبار، لا يسمعون عن حروب داخلية في بلدانهم، عدا أخبار المواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن أحد يتوقع حروبا أهلية، وسقوط ضحايا بالآلاف بين قتلى وجرحى.
حتى في الأرض المحتلة فلسطين لم يكن عدد الذين يُقتلون كمثل الذين يقتلون في الحروب العربية - العربية، لقد مرّت مآسي كثيرة منذ 12 سنة ومازالت آثارها المحزنة والمدمّرة تترى على بلدنا العربي.

لكن حين يأتي رمضان يُنسينا بعض مآسينا، نحسُّ أننا بخير رغم الوجع، هناك إيمان يتدفق في أعماقنا يقول لنا أن بلدنا بخير.
لا نستطيع أن نقول سوريا بخير مثل اليمن ولا لبنان ولا حتى العراق أو السودان، هناك ميزة لهذا البلد تختلف، أو أنه البلد الطيب أو البلد الذين أهله أرقُّ قلوبا، أو هو البلد المبارك وذي العطاءِ والمَدَد.

عندما يأتي رمضان تكون طقوسه في هذه البلاد فريدة ومتميزة، هناك مذاق خاص لأصوات المآذن التي تصدح بالآذان في أوقات الصلوات الخمس، وزخم التراويح، وشَجَن الدُّعاء والابتهال، ومتعة التسّوق عند العشي، ولحظات الإفطار، وجمال وقت السَّحَر ووجبة السحور.
كل هذه الأوقات المؤنسة المليئة بالروحانية، تعطينا أملا أن البلد بخير.

كانت محافظات الجنوب قد انتصرت مبكرا، لكن حروبا من نوع آخر شُنّت عليها، وعاشت هذه المساحة المحررة أجواء من السلام، رغم الحرب الاقتصادية، والمناوشات العسكرية، وقصص من الاغتيال والقتل والاختطاف.

لكن حين كان يأتي رمضان تسكن الأرواح وتهدأ النفوس، ونعيش أجواء من الأمن والسلام.
خلال أسبوع قبل رمضان الحاضر التهبت مدينة عدن بزينات الشهر الفضيل، في الشوارع وواجهات المحلات، رأينا الفوانيس بأحجامها المختلفة ، وألوان من الأضواء، ومصابيح، ومسيرات ترحيبية برمضان  لأطفال الحارات وهم ينشدون ويفرحون ويبتسمون.

بدأ أن رمضان هذا العام أجمل رغم الغلاء الفاحش، هناك صمود وتجلُّد تجاه الظروف العصيبة..
وتجلُّدي للشامتين أُريهمُ
أنّي لريب الدهرِ لا أتضعضعُ
لقد أهدتنا الشدائد كثير من
 المواهب وأصلحت من النفوس بمقدار ما أفسدت من العيش
رأينا كيف أن المكاره أجمل من المحابِّ بل هي أجدى وأنفع، تذكروا دائما أن "نلسون مانديلا" نال مجده بعد 27 عاما من السجن والعذابات.

أهلاً رمضان ،شهر النصر والسلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى