سياسي: الأحزاب اليمنية فقدت دورها السياسي وصارت جزء من المشكلة

> "الأيام" غرفة الأخبار:

> ​ صنعاء ـ «القدس العربي»: لم يعد اليمنيّ البسيط، الذي ذاق مرارة سنين الحرب عوزًا وتشردًا ومرضًا وفقدًا، مهتمًا بالسؤال: إلى أين سيذهب السلام؟ بقدر معرفته الجيدة بإجابة السؤال: إلى أين ستذهب الحرب؟ بعد أن أوصله الصراع، في ظل خذلان الجميع لمعاناته، لأكثر من ثماني سنوات، إلى مرحلة لم يعد ينشد سوى السلام، الذي يعني توقف الحرب، انتصارا لحقه في استئناف الحياة الطبيعية. إلا أن من واجب منظمات المجتمع المدني والأحزاب وبقية مكونات المجتمع ممارسة دور فاعل في تحديد مسار السلام العادل الذي يضمن عدم تكرار دورات الحرب والعنف؛ وهذا لن يتم إلا من خلال دولة مدنية محكومة بالقانون رافضة لمبدأ الغلبة.

ومما لا شك فيه أن من حق الشعب اليمني أن يعيش سلامًا عادلًا منصفًا لحقوقه في دولة وطنية مدنية تُكرّس المواطنة المتساوية، وتقطف ثمار تضحيات أجيال من اليمنيين في سبيل الوصول إلى متن الدولة المنشودة، التي تؤمن بالقانون والعدالة في التعامل مع السلطة والثروة، وتحقق هذا الهدف هو ضمان لعدم تكرار دورات الحرب مستقبلا.

يشهد البلد حاليًا أحداثًا متسارعة تمضي صوب السلام؛ وهو السلام الذي ما زال مآله غير معروف؛ هذا السلام الذي يفترض أن يضمن حق الشعب في اختيار مَن يحكمه وتأسيس دولة تضمن حقوقه وحرياته، كإجابة واضحة لسؤال السلام المنشود؛ إلا أن التفاؤل إزاء ما يجري حاليًا شيء لابد منه، لاسيما في عتمة كالحة السواد ما زالت مخيمة على مصير بلد لا حدود لمظلومية أبنائه جراء الحرب، التي بالتأكيد صار لها تجارها ومَن يسعون لديمومتها.

وفي هذا السياق أكدت منظمات حقوقية «أن أي اتفاق أو مبادرة لحل الصراع في اليمن لا تنطلق من احترام حقوق المواطنين اليمنيين وإشراكهم مع منظمات المجتمع المدني سيساهم في إفلات المتورطين بارتكاب جرائم من العقاب، وسيكون محكوما بالفشل».

وشدد بيان صادر عن تسع منظمات على «أن أي مبادرة للحل السياسي في اليمن لا تنطلق من المسار القانوني هي محاولة للالتفاف على حقوق ملايين اليمنيين واستخفاف بما تعرضوا له من اعتداءات وما خاضوا من محن ومعاناة خلال سنوات الحرب المُرَّة».
وطالب بضرورة «التوصل لحل سياسي يضمن حق مختلف فئات الشعب في الحصول على تمثيل عادل في السلطة ونصيبها من الثروة، وفق أسس عادلة وشفافة».

فيما اعتبر تيار التوافق الوطني، ومقره عدن، «التقاربات الأخيرة بين الأشقاء في المملكة العربية السعودية وجماعة أنصار الله خطوة إيجابية في الطريق الصحيح نحو إيقاف الحرب والوصول إلى السلام» مؤكدا «أهمية توسيع هذه التفاهمات لتشمل كافة القوى الوطنية دون استثناء في تقرير مستقبل اليمن، بما فيها القوى المدنية المعبرة عن تطلعات ومصالح الشعب اليمني».

وأكد مواقفه الثابتة «نحو السعي إلى إيقاف الحرب والوصول إلى السلام الشامل والعادل الذي يحقق مصالح وتطلعات الشعب اليمني في حياة حرة كريمة على مبادئ القانون والجمهورية والديمقراطية والمواطنة المتساوية والعدالة في الثروة والسلطة».
الأحزاب السياسية اليمنية كان بعضها حاضرا في الحرب، لكنها حتى الآن ما زالت خارج التفاهمات.
  • الحرب العبثية
لكن، هل تتفق الأحزاب اليمنية مع خطة السلام التي تتسارع مشاوراتها حاليًا بمراحلها الثلاث هدنة ستة شهور ومفاوضات ثلاثة شهور ومرحلة انتقالية لسنتين في حال تم الاتفاق عليها؟

يقول أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني، وزير الثقافة اليمني الأسبق، عبدالله عوبل، في حديث عبر البريد الإلكتروني من عدن لـ«القدس العربي»: «لا أعلم ردود أفعال الأحزاب الأخرى، فحتى الآن هناك بعض الأحزاب ترحب بالاتفاق المفترض توقيعه بين الحكومة الشرعية و«أنصار الله» (الحوثيين) لكني هنا أتحدث عن حزب التجمع الوحدوي اليمني، فقد رحبنا دائما بأي جهود تخدم السلام وتحقق الأمن والاستقرار في ربوع بلادنا.

وقد رحبنا نحن بالاتفاق السعودي الإيراني بوساطة الصين، واعتبرناه بداية انفراجة حقيقية للحرب العبثية التي دخلت سنتها التاسعة. واليوم نحن نرحب بالاتفاق المفترض بين الحكومة الشرعية وأنصار الله، ونعتبره خطوة باتجاه وقف الحرب واحلال السلام بمراحله الثلاث. إننا نؤيد هذا الجهد الذي نتمنى أن يمضي إلى نهايته من دون تعقيدات لما فيه مصلحة شعبنا الذي تعب من سنوات الحرب العجاف. يريد اليمنيون أن يخرجوا من هذا النفق الذي ذاقوا فيه ويلات الحرب والدمار والمجاعات. نتفاءل بالخطوات التي تتسارع حتى الآن ومستعدون للانخراط في هذا الجهد من أجل إحلال السلام وعبر مفاوضات لا تستثني أحدا من رسم طريق السلام الذي نتمناه لشعبنا المجيد».
  • مشاورات
وعند سؤاله هل السلام الذي تسعى له السعودية وتتوسط فيه عُمان سيكون قادرا على أن يحقق الأمن والاستقرار لليمن؟
أجاب «أجازف وأقول نعم رغم علمي بتعقيدات الحرب وعدم الثقة بين أطرافها، لكني أعتمد في تفاؤلي هذا على أن الأطراف المتحاربة قد أدركت بعد ثماني سنوات من الخراب والدمار استحالة نصر أي طرف، وإن لا حل إلا عبر مفاوضات السلام والتنازلات المتبادلة من أجل أن لا تشتعل الحرب مرة أخرى، وينتشر أوارها ليشمل المنطقة كلها.

كفانا تدميرا، لا تحقق الحرب أي فوائد لأي طرف سوى مزيد من الدماء والأشلاء والمجاعات وخراب البنية التحتية وكل وسائل العيش الطبيعي.
وما هو السلام الحقيقي الذي يفترض أن يتحقق في اليمن ويضمن عدم نشوب أي حرب أخرى وعدم تكرار دورات العنف؟

يقول عوبل «السلام الحقيقي هو السلام الذي يحقق مصلحة الشعب اليمني ورغبته في الأمن والتنمية والعيش الكريم. نحن ندرك أن هناك تشابكا في المصالح بين الأطراف الداخلة في هذه الحرب بما فيها دول التحالف أو إيران أو عمان. ولكن اتفاق هذه الأطراف مجتمعة يمكن أن يساهم في دعم عملية السلام والوصول إلى وقف الحرب وتشكيل حكومة وحدة وطنية».

○ لكن الأحزاب كان لها دور سلبي منذ بدء الحرب؟
•الأحزاب السياسية اليمنية فقدت دورها السياسي وتحولت في سياق الحرب إلى جزء من أطراف الحرب، بل انقسمت على أطراف الحرب الداخلية والخارجية، وقد شكلت الأحزاب حكومات لسلطتي الشرعية والحوثيين، وكانت قد غرقت في الفساد حتى أذنيها. إن ملشنة الأحزاب السياسية اليمنية أفقدها طابعها المدني ووظيفتها السياسية. لذلك فقدت الأحزاب الكبيرة مجازا قدرتها على التأثير وأضاعت دورها وصارت جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل.

○ هل تتفق مع قول البعض إن إيقاف الحرب مقدما على أي مصلحة أخرى؟
•نحن نرى أن إيقاف الحرب هي الخطوة الأولى والأهم في سياق عملية السلام. أنها مقدمة على ما سواها. إن أي حديث عن قضايا تفاوضية قبل وقف الحرب هو حديث لا معنى له. وقف الحرب هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يعزز الثقة بين الأطراف، ويشجعها للمضي قدما باتجاه السلام الشامل والعادل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى