​زكريا عليه السلام

> نسَب زكريا عليه السّلام
اختلف العلماء في نسب نبي الله زكريا عليه السّلام؛ فكان لهم أكثر من قول، وعلى ذلك فإنّ نَسَبه يتّصل بنبيّ الله داود عليه السّلام، وزكريا هو والد نبي الله يحيى عليه السّلام، وهو من بني إسرائيل.
واختار الله -تعالى- لبني إسرائيل عددا من الأنبياء والرسل كان آخر ثلاثة منهم؛ زكريا وابنه يحيى وعيسى - عليهم السلام -، وجميعهم من آل عمران؛ ذلك لأنّ امرأة عمران أنجبت بنتين؛ إحداهما تزوجها زكريا - عليه السلام - وأنجبا يحيى - عليه السلام -، والثانية هي مريم التي أنجبت عيسى - عليه السلام -.
وقد سمى الله -تعالى- سورة آل عمران نسبة إليهم، وقال الله -تعالى- فيها عنهم: ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم)).

* عمل زكريا عليه السّلام
كان نبيُّ الله زكريا - عليه السّلام - يعمل بالنِّجارة، فقد رُوِي في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((كان زكرياء نجّارًا))،وهذا يدل على أفضلية العمل والتكسُّب، وعدم الرُّكون للراحة؛ حيث كان جميع أنبياء الله - عليهم السّلام - يعملون ويكِدّون، وثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يدعو للعمل، والتّكسب، وطلب الرزق، بعيدا عن التذلّل للآخرين والبقاء تحت إمرَتِهم.

* قصة كفالته لمريم
ذكرت سورة آل عمران قصّة حمل امرأة عمران بالسّيدة مريم، فلمّا حملت نذرت نذرا شكرا لله - تعالى - على هذه النّعمة، قال الله -تعالى-: ((إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))،حيث إنّها نذرت أن تهب ما في بطنها خالصا لخدمة الله - تعالى - وخدمة بيت المقدس والتّعبد فيه.
ولكن المفاجأة كانت عندما ولدت، فقد كانت المولودة أنثى وليس ذكرًا، فكيف لها أن توفي بالنّذر؟ فحزنت لذلك حزنًا شديدًا؛ لأنّ الأنثى لا تَصلح أن تكون لخدمة بيت الله لضعفها، وأن تكون بين الذّكور الذّين وهبهم أهلوهم لذلك، قال الله -تعالى-: ((لَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ))،فقالت ذلك على سبيل الاعتذار والتّحسّر، وكانت هذه المولودة هي السيدة مريم -عليها السّلام-.
واقترع القوم فيمن يكفلها، فوقعت القرعة على زكريا زوج أختها الكبرى، وأخذت مريم في العبادة، والجلوس في المحراب فنشأت نشأة صالحة، يقول -تعالى-: ((فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)).

* زكريا عليه السّلام ومريم
ذهب زكريا -عليه السّلام- إلى معبده ذات مرّةٍ، فوجد مريم - عليها السّلام - تعكف على العبادة، وتدعو ربّها وتتذلّل له، وقد رأى عندها فاكهةً لم يكن وقتها، فقد كانت من فاكهة الصّيف، والوقت وقت شتاء لا صيف، فسألها زكريا -عليه السّلام- عن ذلك، فأجابت بفطرةٍ سليمةٍ بأنّه من عند الله تعالى، وقد قصَّ القرآن الكريم تلك الحادثة بشيءٍ من التفصيل، حيث قال الله تعالى: ((فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ))،بعد ذلك أدرك أنّ الله -سبحانه وتعالى- الذي رزق مريم - عليها السّلام - بذلك قادر على أن يرزقه الذريّة الصالحة، رغم كِبَر سِنّه، وعقم امرأته.

* دعاء زكريا عليه السّلام
جاء ذكر بعض سيرة نبيّ الله زكريا - عليه السّلام - في القرآن الكريم، وتحديدا ما حصل له عندما دعا الله - تعالى - بعد أن تقدّم به العُمر وامتلأ رأسه بالشيب، كما تقدّم بزوجته السِّن، فدعا ربّه بأن يرزقه الذريّة الصالحة، ليكون لقومه من بعده من يردعهم عن ظلمهم وفسادهم، ويدعوهم لعبادة الله - تعالى - وحده لا شريك له، قال الله - تعالى - على لسان نبيه زكريا عليه السّلام: ((قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا*يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)).
وتوجّه زكريا - عليه السّلام - بالدعاء إلى الله - تعالى - وسأله الذريّة بقوله: ((رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ))،فاستجاب له الله تعالى، فقال الله - تعالى - تعقيبا على دعوته: ((فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ))،وأصلح الله - تعالى - له زوجته لتصبح قادرةً على الإنجاب، وجعل ابنه يحيى - عليه السّلام - نبيًا، ولم يُسَمَّ بهذا الاسم أحد قبله، فقال الله تعالى: ((يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا))، فأمْرُ الله - تعالى - إذا جاء لا مردَّ له.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى