انهيار الوضع المعيشي في اليمن وصل إلى مستويات قياسية
> محمد راجح:
بينما يأخذ الفقر والأزمة الغذائية منحى تصاعديا في اليمن، تعاني خطط وبرامج مواجهة الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد من ترهل وضعف وتقلص في التمويل، ما فرض البحث عن البدائل المتاحة لتصميم منهجية تهدف إلى تطوير سياسات الدعم في جوانبها الاقتصادية والإنسانية.
ويشكو اليمنيون من انتشار الفقر وتسارعه، وسط تفاقم أزمة الغذاء متأثرة بعوامل هيكلية مزمنة زادت حدة وتيرتها في السنوات الأخيرة في البلاد نتيجة ارتفاع سعر الصرف وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية وانكماش الأنشطة الاقتصادية، بالتزامن مع انزلاق متواصل لليمنيين إلى الفقر بسبب أضرار التغيرات المناخية.
- تراجع الإنتاج
وتؤكد الحكومة اليمنية أهمية توجيه الدعم للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي كمدخل أساسي ومستدام لمعالجة وتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن.
وشدد مصدر حكومي مسؤول، فضّل عدم الإشارة لهويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على ضرورة معالجة الخلل في البرامج الاقتصادية وتطوير سياسات الدعم والتمويل، بما يساهم، بحسب حديثه، في الحد من عملية النهب للمساعدات الإغاثية من قبل الحوثيين، وتحقيق أثر ملموس من جانب آخر في برامج الدعم التي تستهدف بناء مصادر الدخل والمشاريع التنموية المجدية للاستدامة الاقتصادية.
فيما قال الخبير المتخصص في مجال الغذاء معاذ القادري، لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة الرئيسية التي تتصاعد في اليمن خلال الفترة الماضية تتمثل في الانخفاض التدريجي لقدرات إنتاج الغذاء والحصول عليه مع انهيار القدرة الشرائية التي تشمل نسبة كبيرة من الأسر في اليمن، الأمر الذي يؤثر على المجتمع بشكل عام وانتشار الأمراض الناتجة عن نقص الغذاء والتي تأخذ الحيز الأكبر من الاهتمامات التي من المفترض أن توجه لتنمية قدرات إنتاج الغذاء.
وأطلعت الحكومة اليمنية برنامج الأغذية العالمي على الإصلاحات التي تنفذها وأثرها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسيطرة على التضخم وسعر صرف العملة المحلية.
- تفاقم الأزمة
ولفت إلى ضرورة تكامل البرامج والخطط التنموية والتمويلية والإنسانية مع جهود مماثلة لتحسين وتحصيل الموارد المالية العامة والتوظيف الأمثل لها، إلى جانب تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة لمكافحة الفساد والحد من نهب هذه الموارد.
ويشكو برنامج الأغذية العالمي من نقص حاد في تمويل خطته القائمة على تلبية الاحتياجات المتزايدة في اليمن، محذرا من خطورة ذلك في وضع صعب "يثير القلق"، حيث لم يتلق حتى الآن سوى ما نسبته 20 في المائة فقط من التمويل اللازم لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية لملايين المحتاجين من مايو، إلى أكتوبر 2023.
ووفق مصادر "العربي الجديد" شرح مسؤولون في المنظمة الأممية للحكومة اليمنية أن برنامج الأغذية العالمي سيضطر إلى تقليص نطاق المساعدات التي يقدمها، وذلك بسبب قلة الموارد وعدم توفر التمويل والذي نتج عن تصاعد مستوى الاحتياج الذي تمر به مناطق كثيرة في العالم، بينما أكدوا بالمقابل استمرار العمل الحثيث من أجل السعي للحصول على تمويل أكبر للمشاريع التي ينفذها في اليمن وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها من أجل إنقاذ حياتهم.
- خطط سريعة
ويدرك اليمن الوضع الحرج بسبب نقص التمويل الذي قد يضطر منظمات إغاثية، ومنها برنامج الأغذية العالمي، لتقليص برامجها، وبالتالي حرمان الكثير من المستحقين هذا الدعم الإنساني المهم. وأعلنت الأمم المتحدة، في نهاية فبرايرالماضي، أنّ تعهدات المانحين الخاصة بدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2023 وصلت إلى 1.2 مليار دولار أميركي من 31 دولة، علماً أنّها في حاجة إلى 4.3 مليارات دولار لتغطية برامجها في خلال هذا العام.
وأشار منصور غانم، ناشط اجتماعي، لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية أن تكون البدائل المتاحة الهادفة لبناء مصادر الدخل سريعة الأثر في ظل تردي الأوضاع المعيشية الذي يشمل معظم سكان اليمن، بالنظر إلى مساهمة المساعدات الإغاثية، على الرغم من الاختلالات التي رافقت عملية توزيعها، في التخفيف، ولو بصورة نسبية، من معاناة كثير من اليمنيين المتأثرين بالحرب والصراع وبتبعات التدهور الاقتصادي والنقدي وعدم قدرة نسبة كبيرة من الأسرة اليمنية على توفير العدد الكافي من الوجبات اليومية.
وشرح أنه خلال الفترة الماضية كان هناك العديد من الخطط الاقتصادية المتعلقة بمكافحة الفقر ومشكلة الأمن الغذائي في اليمن والتي تواجه ضعفاً شديداً في عملية استيعابها وبطء تنفيذ ما أمكن منها، إذ تمثل مداخل رئيسية للتعامل مع الأزمات الاقتصادية في جوانبها الإنسانية والمعيشية والغذائية، كدعم برامج مساعدة الفئات الأكثر تضرراً من استمرار الحرب والصراع مثل صغار المزارعين والصيادين.
"العربي الجديد"