قرار محافظ عدن في الاتجاه الصحيح

> من المضحك والمبكي في آن واحد، أن النخب الشمالية أضاعت الدولة، وبعض منها تحالف مع الحوثي وسلّم صنعاء بكامل أجهزتها المدنية والعسكرية، وباتوا اليوم يزاحمون الجنوبيين على إدارة الجنوب، ويا ليتهم يعملون بمصداقية ورجولة، ولكنهم أذاقوا الجنوب مرارة العيش بحكم سيطرتهم على مفاصل الدولة، وأصبح الوضع المعيشي لا يطاق، وكل ذلك بحجة الوحدة وتماسكها وعدم السماح للجنوبيين بأن يفكوا ارتباطهم بصنعاء، وصرحوا بذلك علنا أمام الملايين، والأدهى من ذلك بأنهم أضاعوا دعم التحالف لثمان سنوات واستثمروه في الخارج وفي الداخل، وكانت الهزائم تلاحقهم واحدة تلو الأخرى دون أي مبرر، ولم يكن الحوثي بذاك القوة التي تمكنه من تحقيق أي نصر، ولكنها العقول التي تختزنها الشرعية، والتي غيّرت الأولويات بأن تستعيد الجنوب أولا وتسليم الشمال للحوثي ثانيا، وبعدها سيتم التفاهم على شكل النظام، ولا يهم أن يكون نظام ولاية الفقيه، المهم عندهم هو ضم الجنوب للشمال بأي وسيلة كانت، مما يعني لا يهمهم تضحيات الجنوبيين من أجل استعادة دولتهم، فهذا يعتبر في نظرهم خيانة وجريمة لا تغتفر، وهكذا كانت تصرفات رئيس الحكومة وكل الطاقم الشمالي إلا من رحم ربي، وظلوا يسخرون إيرادات الجنوب لصالح الشمال وحرمان الجنوب منها.

فاض كيل الجنوبيين ولم يعد يستطيعون البقاء على قيد الحياة بسبب تلك الممارسات العنصرية من قبل الحكومة وبقية الطاقم الشمالي القيادي الآخر الذي يتماهى مع هذا التصرف الذي يمارس ضد شعب الجنوب، وكان لابد من الانفجار العظيم، والذي سيستعيد زمام المبادرة في كنس كل ما يعرقل معاملة الجنوبيين كبشر وكمواطنين أصليين لديهم كامل الحق في السيطرة على مواردهم وتصريفها لما يخدم حقهم في العيش الكريم.

إيرادات محافظة عدن تودع في البنك المركزي وهو الخزينة العامة لرئيس الحكومة، والتي يتصرف فيها دون وازع أخلاقي أو ضمير حي، وهو يشاهد حرارة الصيف في عدن تحرق أجساد المواطنين، ولم يقم بواجبه في حل أزمة الكهرباء بمسؤولية ووطنية عالية، ولم يصرف مرتبات الموظفين على ضآلتها في وقتها المناسب ويتم التصرف بهذه الإيرادات على محافظات لا تورد إلى البنك أية موارد وفي مصارف أخرى، وفي الأخير يصرح ويوعز للمنظمات الدولية وحجمها المهول (300) منظمة بالذهاب إلى تعز؛ لأن عدن غير آمنة، بينما هو وتلك المنظمات أشرفوا خلال السنوات الماضية على جلب مئات الآلاف من النازحين إلى عدن وتيسير سبل العيش، وأصبح وضعهم أفضل من السكان الأصليين؛ بل وصل ببعضهم بأن يكون من ذوي الأملاك داخل عدن، يؤجرون المساكن على المواطنين الأصليين، والهدف الأخير هو توطينهم وتغيير ديمغرافيا السكان في عدن والجنوب، إنه عمل سياسي خطير وخبيث لا يمت للإنسانية بصلة، ويؤسس لمشكلات قادمة قد تؤدي لاصطدام كبير بين المواطنين الأصليين والمستوطنين، ومن يقوم بمثل هذا العمل يجب أن يقدم للمحاكمة.

قرار محافظ عدن الأخير أتى في وقته وفي الاتجاه الصحيح لوضع حد لهذه المهزلة التي صنعها رئيس الوزراء وحاشيته، وانتشال أوضاع المواطنين من لهيب حر الصيف، وإجراء إنقاذ سريع لاستتاب خدمة الكهرباء مع وضع الأسس لبناء محطات كهربائية مستدامة، وفي نفس الوقت وضع حد للطاقة المستأجرة الذي يذهب ريعها للمتنفذين على حساب معاناة الشعب، ونتمنى ألا تكون هذه الإجراءات وقتية، وفقط لوقف الانفجار العظيم، ولكن تكون خطوة على طريق مسك الإيرادات المحلية وتوجيهها نحو صرف المرتبات في وقتها وتوفير خدمات الكهرباء والمياه وبناء البنية التحتية لعدن، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب..

نأمل أن تحذوا بقية محافظات الجنوب حذو محافظ عدن، وأن تعيد النظر في تصريف إيراداتها بما يخدم بالدرجة الرئيسية رفاهية شعب الجنوب على أن يعاد النظر في النظم المالية والإدارية الفضفاضة التي كانت سبب الفساد في دولة صنعاء، لأن فيها من المخارج الكثيرة للإفساد، ولدى الجنوب خبراء في مجال المالية والإدارة يمكن الاستعانة بهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى