أردوغان في جولة خليجية بحثا عن إنقاذ تركيا من أزمتها الاقتصادية

> الرياض "الأيام" العرب:

> ​شرع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جولة خليجية شعارها تحصيل الدعم المالي والاستثماري الخليجي لإنقاذ تركيا من أزمتها الاقتصادية الحادة، في وقت يحاول فيه أردوغان تصويب مقاربته التقليدية في إدارة الأزمة المالية، والتي عمقت أزمة الاقتصاد التركي، وجعلته يلجأ إلى دول الخليج لمساعدته على الخروج من الورطة.

وقبل مغادرته إسطنبول للقيام بزيارة إلى السعودية وقطر والإمارات تستغرق ثلاثة أيام لمّح الرئيس التركي إلى أنه على خط المصالحة مع الرئيس السوري بشار الأسد بما يتوافق مع نهج التقارب الذي تختطه الإمارات والسعودية، حتى ولو كان هذا لا يزال محل أخذ ورد في الدوحة.

وقال أردوغان للصحافيين في إسطنبول إن تركيا لم “تغلق الباب” أبدا أمام المحادثات مع الحكومة السورية، في رسالة واضحة مفادها أن الرئيس التركي لن يسمح لموضوع سوريا بأن يؤثر على سعيه لكسب الاستثمارات الخليجية.

ووصل الرئيس التركي مساء الاثنين إلى مدينة جدة السعودية في مستهل الجولة التي ستحمله أيضا إلى قطر والإمارات.

ويتبنى الرئيس التركي كأولوية لسياسته في هذه المرحلة خيار تصفير المشاكل مع دول الخليج وخاصة مع السعودية والإمارات، من أجل استعادة الحضور الخليجي المالي والاستثماري والسياحي في الاقتصاد التركي الذي تأثر كثيرا بتوتر سياسي مجاني لجأ إليه أردوغان في فترة سابقة.

ويعمل أردوغان، الذي أعيد انتخابه رئيسا لولاية ثالثة بعد دورة انتخابية ثانية في مايو الماضي، على ضمان تأمين تدفق مالي لإنعاش اقتصاد بلاده الذي يعاني تضخما كبيرا وانهيارا في سعر صرف العملة الوطنية، خلال الجولة التي تستمر ثلاثة أيام.

وقبل مغادرته إسطنبول باتجاه مدينة جدة قال أردوغان الاثنين “خلال زياراتنا سيكون جدول أعمالنا الأساسي هو الاستثمار المشترك والأنشطة التجارية مع هذه الدول في الفترة المقبلة”.

وأشار الرئيس التركي إلى أنّ التبادل التجاري مع دول الخليج زاد من 1.6 مليار دولار إلى قرابة 22 مليار دولار في السنوات العشرين الماضية.

وأضاف “مع تنظيم منتديات الأعمال، سنبحث عن وسائل لتحريك هذا الرقم إلى أبعد من ذلك بكثير”.

وهذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها أردوغان إلى السعودية منذ المصالحة بين البلدين في أبريل 2022، إثر قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018 والتي أحدثت شرخا في العلاقات بين القوتين الإقليميتين. وزار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنقرة في يونيو 2022.

وأكدت تركيا والسعودية، في بيان مشترك صدر في أعقاب الزيارة، عزمهما بدء “حقبة جديدة” من التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية، وشددتا على ضرورة تفعيل اتفاقيات التعاون الدفاعي “بشكل يخدم مصالح البلدين ويساهم في ضمان أمن واستقرار المنطقة”.

كما شهدت العلاقات بين تركيا والإمارات تطورا ملحوظا خلال الفترة الماضية، خصوصا بعد الزيارة التي قام بها الرئيس التركي إلى أبوظبي في فبراير من العام الماضي وتوقيع عدد من الاتفاقيات مع الإمارات، وزيارة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا في يونيو الماضي، حيث بحث مع نظيره التركي دفع الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين.

ومنذ عام 2021 عندما أطلقت تركيا جهودا دبلوماسية لإصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات، ساعدت الاستثمارات والتمويل من الخليج في تخفيف الضغط عن الاقتصاد التركي وفي الحد من احتدام أزمة العملة.

ويقول مراقبون إن دول المنطقة ترغب في إرساء أسس صلبة للتعاون الاقتصادي مع تركيا، إلا أن الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على ما إذا كانت أنقرة قادرة على وقف النزيف في ماليتها العامة من جهة، وعلى ما إذا كانت تعرض فرصا استثمارية جديرة بالاعتبار من جهة أخرى، لأن عهد تقديم التبرعات والمساعدات المجانية قد ولّى.

وتتوقع تركيا أن تضخ السعودية والإمارات وقطر استثمارات مباشرة قدرها نحو 10 مليارات دولار في البداية و30 مليار دولار إجمالا في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والدفاع في أعقاب زيارة أردوغان إلى الدول الثلاث.

ويشير المراقبون إلى أن ما يهم تركيا ليس فقط جذب الاستثمارات لإنقاذ اقتصادها، وإنما أيضا أن تكون حاضرة بقوة في التحولات التي تجري في المنطقة، وذلك في ظل الحوار الخليجي مع إيران وانفتاح الخليج على الصين والهند، حتى لا تجد نفسها على الهامش.

وقالت الباحثة في العلاقات التركية – الخليجية في جامعة قطر سينيم جنكيز “لا يُعد الاستقرار الاقتصادي والفرص التجارية القوة الدافعة الوحيدة وراء الزيارة”.

وتابعت في حديث لفرانس برس أنّ “المخاوف الأمنية الإقليمية ومناخ التطبيع الدبلوماسي يدفعان أنقرة إلى إقامة علاقات أعمق مع دول الخليج في الفترة المقبلة”.

وتأتي الزيارة بعد أشهر من انفراجات دبلوماسية شهدها الشرق الأوسط إثر اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في العاشر من مارس الماضي وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران. كما أعلنت الرياض استئناف العلاقات مع سوريا، حليفة طهران، قبل أن تستضيف الرئيس السوري في القمة العربية قبل شهرين.

وأفاد دبلوماسي عربي في الرياض فضّل عدم ذكر اسمه بأنّ زيارة أردوغان تأتي استكمالا للنهج الجديد في تبني سياسة “تصفير المشاكل” في المنطقة.

وتابع “كل من الرياض وأنقرة تتبع حاليا نهج تصفير المشاكل والتركيز على الجانب الاقتصادي الداخلي”.

وأضاف “تركيا تريد جذب استثمارات أجنبية وخليجية خصوصا لإنعاش اقتصادها المتداعي والرياض تواصل سعيها للخروج من النزاعات الإقليمية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى