أسباب محتملة لعودة نشاط تنظيم القاعدة في حضرموت

> «الأيام» سوث24 :

> على الرغم من أن تنظيم القاعدة لا ينشط، في الوقت الحالي، عملياتيا في وادي حضرموت، إلا أن ذلك لا يعني خلو الوادي من عناصره. على النقيض من ذلك، قد يكون توقف النشاط دليلا على وجود قوي لعناصر التنظيم في مديريات الوادي. خلال السنوات الماضية، تجنّب التنظيم النشاط في المحافظات التي توفر له المأوى الآمن. لا يمكن أن يتوفر المأوى الآمن دون حضور وسيطرة أطراف، لديها علاقات تنسيقية أو تفاهمية مع التنظيم.

على سبيل المثال، توقف نشاط القاعدة بشكل كلي في محافظة شبوة ومناطق محافظة أبين التي كانت خاضعة لسيطرة حزب الإصلاح، وتحظى بدعم المملكة العربية السعودية، بين العامين 2019-2021. اعترف تنظيم القاعدة نفسه، بأنه يقاتل إلى جانب هذه الأطراف ولا يقاتلها. في وقت سابق، أقر القاعدة بأنه قاتل إلى جانب حزب الإصلاح في أكثر من جبهة. كذلك، هاجم التنظيم القوات الجنوبية ودولة الإمارات، وتوعد بالاستهداف، على خلفية طرد القوات الموالية للإصلاح من شبوة، كما ورد في كلمة للقيادي أبو علي الحضرمي، والتي ذكر فيها بالاسم، محافظ شبوة السابق، محمد صالح بن عديو. كان التنظيم قد تواجد في المحافظة قبل هذا التاريخ، واتخذها منطلقا لتنفيذ عمليات خارجها، وأيضا للاستقطاب والتدريب، لكنه لم ينفذ فيها عمليات، وذلك لأن القوات المسيطرة عليها ليست من أهدافه.

وبرغم أنّ السعودية لم تكن تجهل وجود تنظيم القاعدة في المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح، إلا أنها لم تتخذ أي إجراء ضده، مع إدراكها أيضا أنّ التنظيم قد يستفيد من الدعم العسكري والأسلحة التي تصل لأيدي حلفائها هناك، لهذا كانت مهمة القوات الجنوبية في محافظتي أبين وشبوة بالغة الصعوبة، لأنها لم تكن تواجه تنظيم القاعدة بمفرده، على سبيل المثال تؤكّد معلومات وثيقة أنّ مسؤولين سعوديين انزعجوا من العملية التي أطلقتها القوات الجنوبية بتوجيه من نائب رئيس المجلس الرئاسي، عيدروس الزبيدي، في محافظة أبين "سهام الشرق"، في شهر أغسطس 2022.
  • وادي حضرموت
يبدو الوضع الحالي في وادي حضرموت مشابهًا لما كان عليه في شبوة وأبين قبل أعوام، كل عناصر تكرار النموذج متوفرة، ابتداء بسيطرة أطراف محسوبة على حزب الإصلاح على مناطق الوادي، وانتهاء بالسياسة الإقليمية التي تتجاهل انعكاسات استمرار هذه السيطرة على مناطق جنوبية استراتيجية.

تفيد مصادر سوث24، أنّ عددا كبيرا من أفراد تنظيم القاعدة الذي كانوا في أبين وشبوة، غادروها إلى وادي حضرموت بعد سيطرة القوات الجنوبية على عاصمة شبوة ومدن بأبين، في حين بقي عدد منهم في المحافظتين لإشغال تلك القوات عن مواصلة عملياتها الهادفة إلى طرد التنظيم كليا من الجنوب.

وبالرغم من استعداد القوات الجنوبية للقيام بعمليات مشابهة لعمليات سهام الشرق، إلا أن هناك ما يشبه "الفيتو" السعودي ضد هذا النوع من العمليات. على العكس من ذلك، تحرص السعودية على تعزيز نفوذ الإصلاح في مناطق وادي حضرموت، رغم إدراكها أنّ ذلك سيعزز بالمحصلة من نفوذ التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة.

لا يتعلق الأمر بالدعم العسكري فقط، ففي الفترة الأخيرة غذَّت السعودية فكرة "الهويات المحلية" في حضرموت وأبين وشبوة، لم تكن موجودة من قبل، وشكّلت لها حاملا تحت مسميات "مجلس" و "وحلف" وغيرها. قد تذهب الرياض أبعد من ذلك في هذا الجانب، لكنها تتجاهل بالمقابل ما قد يمثله ذلك من بيئة مواتية لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الموصومة بـ "الإرهاب". وبالنظر إلى ذلك، يمكن القول إن الحرب على الإرهاب قد تشهد أسوأ نكسة جراء هذه السياسة، رغم ما حققته القوات الجنوبية على هذا الصعيد.

ولا يمكن نسيان أيضا، أن وادي حضرموت من المعاقل المهمة لتنظيم القاعدة، وقد شهد أبشع جريمة عام 2014، حين أقدم القائد الميداني للتنظيم، جلال بلعيدي المرقشي، على ذبح 14 جنديا في منطقة "حوطة الحبيب زين" وتصوير الجريمة، ثم ما تلى ذلك في أبريل عام 2015 عندما سيطر القاعدة على ساحل حضرموت وأعلن مدينة المكلا ولاية للتنظيم.
  • أبكر وباتيس
الأسبوع الماضي، منعت نقطة أمنية في حضرموت مرور القيادي الإصلاحي، صلاح باتيس، من المرور إلى سيئون بعد ساعات من ظهوره إلى جانب الحسن أبكر عضو شورى الإصلاح المدرج على قوائم الإرهاب الأمريكية.

أبكر أنه من الشخصيات التي تلقت دعمًا من المملكة العربية السعودية في وقت سابق، تحت مسمى دعم المقاومة في محافظة الجوف، وفقا لمصادر مطلعة. في تلك الفترة، كان تنظيم القاعدة متواجدا وبشكل كبير في المحافظة وكالعادة، لم يتم رصد أي نشاط له، لأنّ القوات الموجودة في الجوف ليست من أهدافه، كونها محسوبة على حزب الإصلاح.

تشير مصادر سوث24، إلى أن علاقة ممتازة تجمع الحسن أبكر بقيادات تنظيم القاعدة، وعلى هذا الأساس جاء التصنيف الأمريكي له، ففي العام 2016، فرضت الولايات المتحدة، عقوبات على يمنين اثنين ومنظمة خيرية باليمن مشيرة إلى أنهم على صلة بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

ومن خلال بيان على موقعها الإلكتروني، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها فرضت عقوبات على الحسن علي أبكر، وعبد الله فيصل صادق الأهدل ومنظمة رحماء الخيرية.

قبل ذلك، وفي العام 2014، كان الحسن أبكر قد هدد بتحالف القبائل في الجوف مع القاعدة إن استمر صمت نظام هادي إزاء التمدد العسكري للحوثيين. صحيح أن تهديد الحسن أبكر جاء على شكل تحذير من سياسة هادي، وأن التحالف مع القاعدة سيكون نتيجة حتمية لهذه السياسة، إلا أن صدور ذلك من شخصية على علاقة بالقاعدة لا يمكن أن يُفهم على هذا النحو.

لكن السؤال الأهم هو: ما وراء لقاء الحسن أبكر بصلاح باتيس قبل توجّه الأخير إلى وادي حضرموت في ظل الأوضاع والتوترات التي يشهدها الوادي؟ خصوصا وأنّ أبكر يعتبر قائدا عسكريا، ولديه خبرة في هذا الجانب اكتسبها إبان قيادته لتشكيلات مسلحة في المحافظة تحت مسمى "المقاومة الوطنية". مع العلم أن محافظة الجوف حدودية مع مناطق وادي حضرموت.

ربما يرجّح المتتبع لهذه التحركات وجود ترتيبات معينة لعمل ما في وادي حضرموت. ومن المهم الإشارة إلى أنه في يونيو 2016، قُتل القيادي في تنظيم القاعدة، خالد باتيس، بغارة جوية لطائرة أمريكية من دون طيار في محافظة شبوة وخالد باتيس هو شقيق عضو شورى الإصلاح "صلاح باتيس". يبدو الأمر أكثر وضوحا الآن، فالقاعدة حاضرة بشكل مباشر أو غير مباشر في ماضي وحاضر هذا الثنائي، لكنّ السؤال: لماذا برز تحرك الرجلين الآن وفي هذا التوقيت، بالذات؟
  • خلاصة
تبدو القاعدة أكثر المستفيدين من محاولة منع القوات الجنوبية من التقدم باتجاه مناطق وادي حضرموت الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح الإسلامي. ومن البديهي الإشارة إلى أنّ هذه السيطرة لن تصمد يوما واحد دون موقف سعودي يدعمها. وهذا الأمر يعزز بالمحصلة حضور تنظيم القاعدة الخطير في هذا الحضور، أنه صامت، ولا يفصح عن نفسه بأنشطة عملياتية يمكن من خلالها تحديد أو تقدير قوة التنظيم ومستوى خطورته.

دون العودة بالتفصيل إلى كيفية نشأة الجماعات الإرهابية وتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، لا شك أنّ للسعودية تاريخ طويل في مجال مكافحة الإرهاب على أراضيها، وهي كذلك شريك استراتيجي للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، داعش. لكنّ لا يمكن تجاهل أنّ مهندسي وقادة التنظيم أنفسهم انطلقوا عند تأسيس تنظيم القاعدة في الجزيرة العرب (الفرع اليمني) من أراضي المملكة العربية السعودية، ولا يزال القائد الأول للتنظيم، خالد باطرفي، اليوم يحمل الجنسية السعودية، فهل تدرك القيادة السعودية المخاطر الكامنة وراء تحركات الإسلاميين الأخيرة في وادي حضرموت؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى