غزو أوكرانيا مكّن الجزائر من سد فجوة إمدادات الغاز

> «الأيام» الشرق الأوسط:

> أفاد تقرير حديث نشره «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، يتناول تحديات الطاقة في ضوء الحرب الجارية في أوكرانيا، بأن مكانة الجزائر في مجال الغاز، «باتت حيوية» بصفتها مزوداً رئيسياً للطاقة لأوروبا. ولم تتردد الجزائر في توظيف هذا «السلاح» سياسياً، ضد إسبانيا بعد أن انحازت للمغرب في نزاع الصحراء، وذلك برفض إمدادها بكميات إضافية من الغاز.

وأوضح التقرير أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «يسعى إلى تنشيط دور بلاده بصفتها قوة إقليمية، والتعامل مع الاضطرابات في الدول المجاورة، وتعزيز اقتصادها قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2024»، إذ يرتقب وفق تقديرات مراقبين، أن يترشح لولاية ثانية، معتمداً بشكل أساسي على «المكاسب الاقتصادية والسياسية»، التي تحققت للجزائر في المدة الأخيرة، بواسطة الطاقة التي جعلت منها «لاعباً أساسياً» في محيطها المباشر، وبالخصوص في حوض المتوسط، حيث دول أوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا، تطلب منها إمدادات هامة بالطاقة، لتعويض الغاز الروسي.

وحسب التقرير، «تشكّل المصالح المتداخلة بين أوروبا والجزائر، الأساس لشراكة واسعة تتعدى التعاون في مجال الطاقة إلى الشراكات الاقتصادية وتنسيق السياسة الخارجية، وهذه الشراكة ستساعد على تلبية احتياجات القارة العجوز من الطاقة، وتعزيز الرخاء الإقليمي وتحقيق الاستقرار في الجوار الجنوبي».

وأكد التقرير أن الجزائر «تريد حالياً تنشيط دورها بصفتها قوة إقليمية، بعد سنوات من الانسحاب الاختياري من السياسة الدولية بقيادة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة»، الذي رحل عن الحكم تحت ضغط الشارع عام 2019، وتوفي في 2021 متأثراً بتبعات جلطة دماغية أصابته عام 2013.

ولفت التقرير نفسه إلى أن «الدور المحوري» الذي تبحث عنه الجزائر في محيطها الإقليمي، يأتي وسط توترات متصاعدة مع جارها المغرب، وحالة من عدم الاستقرار في شرقها، خصوصاً ليبيا، وفي جنوبها وما يقع من مخاطر أمنية في مالي، زيادة على الصراع بين الحكم العسكري وتنظيمات الطوارق المسلحين، في شمال البلاد الحدودي مع الجزائر.

وقطعت الجزائر علاقتها مع الرباط في 2021، على إثر اتهامها بـ«تهديد أمنها القومي». والبلدان يفرقهما خلاف كبير بخصوص «قضية الصحراء»، وحدودهما البرية مغلقة منذ 29 سنة. أما في ليبيا، فكثيراً ما اشتكت الجزائر من تسلل إرهابيين، وتسرّب السلاح إلى أرضها، منذ سقوط نظام العقيد القذافي عام 2011.

وأضاف التقرير أن تداعيات الحرب الروسية ضد أوكرانيا «تؤدي إلى تفاقم مشكلات السياسة الداخلية والدولية للجزائر، وبالتالي إجبارها على إعادة التفكير في توازن شراكاتها الأمنية... وقد عززت آثار غزو أوكرانيا مكانة الجزائر بصفتها مزوداً للطاقة يمكنه المساعدة في سد فجوة إمدادات الغاز، مع توقّف تعامل الدول مع روسيا». وتابع: «أدت فرصة الطاقة هذه، وضرورة المساعدة في استقرار المنطقة، والرغبة في وجود شركاء أمنيين جدد، إلى عودة ظهور البلاد على الساحة العالمية».

ولفت التقرير إلى زيارات قادت شخصيات أوروبية مرموقة، إلى الجزائر خلال عام 2022، لبحث قضية الطاقة، منها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، والمفوضة الأوروبية للطاقة كادري سيمسون، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل. كما قاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني وفوداً إلى العاصمة الجزائرية، لتعزيز العلاقات التجارية والأمنية والسياسية الثنائية.

وخلال العام نفسه، أبرمت شركة المحروقات الجزائرية «سوناطراك»، عقوداً جديدة طويلة الأجل بقيمة 60 مليار دولار. وحلّت الجزائر محلّ روسيا مورّداً رئيسياً للغاز لإيطاليا، بموجب اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف.

وعلى العكس من ذلك، رفضت الجزائر إمداد إسبانيا بمزيد من الغاز، على أنبوب «ميد غاز»، الذي يربط البلدين، بعد أن أعلن رئيس الحكومة بيدور سانشيز، العام الماضي، دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في إقليم الصحراء، الذي يطالب الجزائريون باستقلاله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى