​الحل في اليمن ورهانات الهدنة

> عائشة المري:

>
​دخلت الأزمةُ اليمنية عامَها التاسع في ظل واقع جديد يتشكل ومتغيرات إقليمية ودولية فرضت نفسَها، حيث تتكاثف الجهود لتمديد الهدنة وإيجاد تسوية رغم فشل كافة الجهود طوال السنوات الماضية لفض الاشتباك وتحقيق تسوية مقبولة لدى الجميع، إذ سعت الدبلوماسية العمانية إلى إيجاد تسوية للصراع الدائر منذ سنوات، وذلك عبر تنظيمها عدة جولات من المفاوضات بين الأطراف المتنازعة، بمشاركة أممية ودولية، فهل تنجح الوساطات الإقليمية والدولية في إيجاد تسوية مستقرة للأزمة في اليمن؟ أم تصبح التسوية المفترضة انعكاسًا للتوازنات المحلية والإقليمية والدولية؟

وإذا كانت الظروف الإقليمية تدفع للتسوية في اليمن، فهل المعطيات الداخلية على الساحة اليمنية مواتية لتحقيق التسوية؟ تعتمد ملامح الحل السياسي في اليمن على معطيات داخلية وخارجية، ويتصدر المعطيات الداخلية تيقن طرفي النزاع من أنه لا حل عسكريًا ممكنًا للأزمة، فطوال السنوات الماضية لم تكن الاتفاقات سوى مجرد محطات تهدئة، تسمح بخفض مستوى العنف وتحسين الوضع الإنساني، لكنها لطالما منحت جماعة «أنصار الله» الحوثيين فرصة لتعزيز مواقفهم العسكرية والأمنية والاقتصادية، من دون مكاسب واضحة للحكومة المعترف بها دوليًا، لأن تلك الاتفاقات لم تكن مؤطرة بحلول شاملة تعالج المسألة من جذورها، لذا لم تكن أكثر من تهيئة لصراع جديد. وتحاول سلطنة عمان تحقيق اختراق في جدار الأزمة باعتبارها وسيطًا بين تحالف دعم الشرعية في اليمن والمجتمع الدولي من جهة والحوثيين وإيران من جهة أخرى، وهي تحظى بقبول الحوثيين، حيث جرت في العاصمة صنعاء أول مفاوضات مباشرة وعلنية بين الحوثيون ووفد سعودي، بحضور وفد عماني وسيط، وطرحت جماعة الحوثي شروطًا للتهدئة أو التسوية توصف بأنها «مبالَغٌ فيها ومستحيلة ولا يمكن تلبيتها»، إذ تتضمن الوقف الكامل «للحصار»، وصرف رواتب الموظفين من عائدات النفط والغاز التي تتحكم بها الحكومة الشرعية، وخروج «القوات الأجنبية»، و«التعويض العادل»، وإعادة الإعمار،  وهي شروط تهدف من ورائها جماعة الحوثي إلى خلق واقع تقتسم فيه السلطةَ والمواردَ ومناطقَ السيطرة مع الحكومة الشرعية، باعتراف دولي وإقليمي.

أما الجانب السعودي فأعلن بأن المفاوضات تهدف إلى «تثبيت الهُدنة، ووقف إطلاق النار، ودعم عملية تبادل الأسرى، وبحث سبل الحوار بين المكونات اليمنية، للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام». واستمرت الجولة الأولى من المفاوضات بين يومي 8 و13 أبريل الماضي، وحققت تقدمًا في عدد من الملفات، وبرزت خلال المناقشات نقطةٌ جوهرية تتعلق بتوصيف الدور السعودي كوسيط في المصالحة بين الأطراف اليمنية، وإن اعترض الحوثيون على ذلك. لقد ساهم نجاح صفقة الأسرى في 14 أبريل الماضي، والتي أسفرت عن إطلاق سراح 878 أسيرًا من كل الأطراف، في كسر الجمود الذي طال أي محادثات بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

واليوم تغيرت المعطيات وتغيرت الأدوار على الساحة اليمنية، إلا أن الخطاب الحوثي ما فتئ ينطوي على عملية استعراض قوة، إضافة إلى التلويح بالعودة للتصعيد المسلح، كما ظلت المطالب الحوثية خلال كل المفاوضات واللقاءات متجددة ومتغيرة وليست محددة، علاوة على تجاهلهم المرجعيات المعلنة لعملية التسوية السياسية (المبادرة الخليجية- وثيقة الحوار الوطني- القرار الأممي 2216)، لذا فالمؤشرات الإيجابية الحالية لا تنفي إمكانيةَ العودة إلى نقطة الصفر على الساحة اليمنية في أية لحظة!
 "الخليج"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى