من المستفيد من تحويل رواتب الموظفين عبر البنوك الأهلية والخاصة؟

> في جميع دول العالم التي تشهد نهضة في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي، فإنها لا تتخذ أي إجراءات، إلا حينما تكون لصالح الدولة وشعبها على حدٍ سواء، وهذا ما شاهدته في جمهورية الهند من تطور وعمل منظم في مجال الحسابات البنكية الحكومية، وتسهيل فتح الحسابات البنكية أمام فئات الشعب، حيث أظهر هذا الأمر حرص الحكومة الهندية على استقرار العملة، إذ تأكد لنا في العام 2016 أهمية فتح الحسابات البنكية الحكومية، عندما شعرت الحكومة بأن مبالغ مالية لتجار ومسؤولين وجماعات عدائية لم تُودع في البنك، حينها عقد رئيس الوزراء الهندي (Narenda Modi) مؤتمرا مفاجئا، وأصدر بيانًا مهمًا، ألغى فيه الورقة النقدية من فئة ألف روبية وفئة خمسمائة روبية، وتضمن القرار أيضًا بأن أي مبالغ مالية تزيد عن خمسمائة ألف روبية، سوف تخضع لضريبة كبيرة عند الاستبدال بالورق النقدية الجديدة، أو الإيداع في الحساب البنكي.

وتابع الهنود هذا البيان بكل قلق، وبعد أيام، اتضح هذا الأمر جليًا بأن هناك غسيل أموال من قبل مسؤولين وتجار ومجموعات متطرفة لم تودع في الحسابات البنكية، وهذا الأمر يشكل خطرا على استقرار العملة.

ففي اليوم الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الهندي Modi البيان وما تبعه من إيقاف السحب من جهاز الصراف الآلي والإيداع في البنك لمدة أسبوع، حينها عانينا كثيرًا، لعدم التعامل بأي عملة غير الورقة النقدية فئة 100روبية فما تحت، أو الورقة الجديدة، التي لم تكن قد انتشرت بعد، إلى درجة أننا بحثنا عن العملات المعدنية التي كنا لا نعير لها أي اهتمام.

وشكل هذا الأمر ضربة لأصحاب غسيل الأموال، الذين يحتفظون بالعملة المحلية احتفاظا كبيرا في بيوتهم، إذ لجأ هؤلاء للبحث عن الدولارات، ولو بسعر أعلى من سعر الصرف الفعلي، هروبًا من الضريبة المرتفعة، علاوة على قيام أصحاب المبالغ المالية الكبيرة بفتح حسابات بنكية للمهمشين والفقراء، لإيداع مبالغهم المالية، للهروب من الضريبة.

وقد اتضح هذا الأمر لدى الحكومة، فأوقفت فتح أي حسابات بنكية جديدة خلال المدة المحددة لإيداع العملة، وشكل هذا الإجراء ضربة موجعة لأصحاب غسيل الأموال، وفي الوقت نفسه استقرت العملة الهندية أمام العملات الأجنبية، على الرغم من أن العملة الهندية لم تشهد أي انهيار أمام العملات الأجنبية، بل تراجعت تراجعا طفيفا فقط.

وساعد هذا القرار أيضا في إعادة أموال نقدية غير محسوبة بمليارات الدولارات إلى الاقتصاد الهندي، وخنق تدفق الأوراق النقدية المزيفة عالية القيمة التي تستخدمها الجماعات المسلحة لتمويل هجماتها ضد الهند.

أما فيما يخص الوضع في اليمن، فيا ترى من المستفيد من قرار تحويل رواتب الموظفين عبر البنوك الأهلية والخاصة؟

وهل القرار يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني واستقرار العملة؟

يتضح جليًا بأنه لا توجد بوادر أو مؤشرات خير، بقدر ما تجنيه البنوك الخاصة من أرباح على حساب الموظف الذي دمرته سياسية التجويع والحرمان، ويؤكد هذا الأمر سرعة تسابق أصحاب البنوك الخاصة في عرض تسهيلاتهم البنكية على مسؤولي المرافق الحكومية.

الأمر الآخر، كيف يكون حال المعلمين في المديريات والمناطق النائية التي لا تتوفر فيها فروع للبنوك، الذين لا تكفي رواتبهم أجرة المواصلات والمصاريف ليوم واحد؟ وما يترتب على هذا الأمر من توقف للعملية التدريسية في أثناء نزول المعلمين لتسلم رواتبهم!!!! فيا ترى من المستفيد من هذا القرار؟!!

إن من الممكن إصدار قرار كهذا، إذا كانت الحكومة تسعى جاهدة لاستقرار العملة، ووفرت الخدمات، وأهّلت البنوك الحكومية وجميع فروعها في المحافظات والمديريات، وزودتها بالأجهزة والأنظمة الحديثة للتوثيق الإلكتروني، ووفرت أجهزة الصرف الآلي، وما تطلبه من كهرباء وإنترنت وحماية أمنية، فيمكن لها بعد هذا أن تصدر قرارًا يقضي بتحويل جميع مرتبات الموظفين عبر بنوكها، وتلزمهم بفتح حسابات بنكية، ويتسنى لهم استخراج بطائق السحب الآلي لسحب أي مبالغ مالية، وهذا من المستحيل أن تقوم به هذه الحكومة العاجزة عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين.

لذا؛ يجب على الجميع من نقابات وهيئات أكاديمية وغيرها رفض هذا القرار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى