عن ضاحية الأهل والسكاكر والحلوى

> حين كنت طفلًا نظرت للحياة والبلد بأنها قطعة من الحلوى وحبتين شكولاتة وسكاكر وأرجوحة، أينما اتجهت أتحصل عليها، وأقضي معها أسعد الأوقات.

رأيت الحارة عالمي الكبير وضاحيتي الملائكية وداري وموطني، وكنت أشاهد صديقتي الجميلة قمر، وهي تلهو وتتنطط لابسة ثوب سوسني مثل لون البحر، وعيناها ترمقني بابتسامة، وكأنها تدعوني إلى فسحة في البلد، نتحصل فيها على الحلوى والسكاكر والابتهاج.

كنت أرى الحياة تلك الفراشة الجميلة الملونة، التي طالما جاءت تحط على يدي، تملأ حياتي سعادة بلا حدود، فأداعب جناحيها فكانت ترقص، وكأن يدي موطنها وعالمها الكبير، فأمنحها شوكولاتة فتمتص السكاكر، ثم تحلق في الفضاء الرحب وعالم الحرية.

لم أكن أفكر يوما بأن الحياة ستكون خارج قطعة حلوى وشوكولاتة وسكاكر، فاختزلت بأن هذه هي الحياة والسلام والجمال والأرض المعطاءة.

ظننت أن الأرض معمل كبير لصناعة الحلوى والسكاكر، وأن رجال الدولة هم من يديرون هذه المصانع، لتوزيع الفرح والحلوى والبهجة على حارتنا..

وحين كنت أجلس مع العائلة وهم يتسامرون ويشاهدون التلفاز، وأخبار الدولة ورجالها كنت أنط فرحا وأقول: "إييييييييه ها هم الذين يصنعون لنا السكاكر والحلوى..ألم أخبركم؟؟ لقد جاءت إلي أمس الفراشة، وأقمنا احتفالًا فرائحيًا، ومنحتها نصيبها من السكاكر، فكان أفراد العائلة ينظرون إلي بتعجب، ويبتسمون دون أن يفهموا ما قصده...طفل؟؟؟

أرض السكاكر وأرض الجمال حفرتها في قلبي إلى أن صرت كهلا، وعرفت حينها أن الحياة قد تبدلت من أرض السكاكر إلى أرض لا أعرفها.

ذهبت أبحث عن تلك الفراشة وصديقتي قمر، لأعتذر لهم بأن حفلة توزيع الحلوى والسكاكر لم تعد اليوم موجودة واختفت.

وبينما أنا شارد في التفكير فجأة انقطعت الكهرباء، وبقيت وسط الظلام بلا وطن ولا ضاحية ولا حارة ولا صديقتي قمر ولا دولة، لتوزيع الفرح، ولا فراشة أسجلها في كشوفات الأمل والحلوى ومعونات السكاكر...

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى