> مسقط "الأيام" العرب:
- محمد العريمي: لن يُحسم الصراع باليمن إلا عندما يتم الحسم حول الملفات الإيرانية مع الغرب وأمريكا
وأضاف العريمي “في ما يخص سؤالكم حول إن كانت مسقط طرفًا أم وسيطًا أم لاعبًا إقليميًّا يفرض نفسه بسبب القرب سواءً بالنسبة إلى إيران أم لدول الخليج، فبإمكاني هنا أن أضيف إلى هذا المربع كلاّ من العراق واليمن، ومن خلال ما اكتسبتُه خلال الثلاثين سنة الماضية سواء في عملي بصفتي إعلاميًّا أو باحثًا في الشؤون السياسية ومن خلال ما استخلصتُه من دراساتي وبحوثي المتخصصة، كان آخرها الدراسة الإستراتيجية التي نشرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية والموسومة بـ"الرؤية العُمانية للتعاون الخليجي"، فإن عُمان ليست ضمن التوصيفات التي ذكرتها، بل هي حسب فهمي لا تريد الدخول في هذه التوصيفات عمليًّا وتُفضّل دائمًا أن تكون القناة والأرضية التي تُخلَق أو تُوجَد من خلالها التفاهمات لحل الخلافات والصراعات التي تَحدث أو تُحدث بين هذه الدول بدافع خارجي أو نتيجة عدم ذكاء سياسي من قبل دول المنطقة، والشواهد التي تسببت فيها بعض الأنظمة السياسية في دول الخليج كثيرة.
وبسؤال عن المهرة، ونسبيا حضرموت، وهما منطقة تقاطع للمصالح مع السعودية
ونسبيا مع الإمارات، وقد استثمرت مسقط كثيرا في علاقاتها مع المحافظتين
اليمنيتين، وهل ترى السلطنة فيهما فضاء نفوذ أم منطقة عازلة؟
قال العريمي “نعم المهرة وحضرموت مناطق تقاطع للمصالح مع السعودية ومع الإمارات ومع عُمان أيضًا ولكن بشكلٍ مختلف نسبيًّا مقارنةً بالدوافع لدى الدولتين المذكورتين”.
وأضاف “بصفتي باحثًا، أرى أن المهرة وحضرموت يمكن وصفهما بمناطق يمنية
مبعثرة النفوذ وهما في الوقت ذاته مناطق عازلة للمكوّن العُماني في المجموع
سياسيًّا وأمنيًّا وحتى اجتماعيًّا”.
وتابع “أستطيع القول إنه خلال السنوات العشر الماضية سعت الدبلوماسية العُمانية ولا تزال إلى العمل دون كلل أو ملل، ولكن نسب النجاح التي تحققت على أرض الواقع تتفاوت من مرحلة إلى أخرى، والسبب الرئيس هو مصلحة الكثير من القوى اليمنية سواء المتواجدة على الأراضي اليمنية شمالها وجنوبها أو تلك التي هي خارج حدود اليمن لأن هذا الوضع غير المستقر يعد (صنبورا دولاريًّا لها)”.
وبسؤال “العرب”، عن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى
السلطنة، وتعتبر هذه الزيارة تحولا أساسيا، وماذا تنتظر السعودية من
السلطنة؟ وهل تصريحات الحوثي عن نسبية دور السلطنة مهمّ أو يحدث تغييرا
ملحوظا أم أن القرار في النهاية بيد إيران؟
قال العريمي إن زيارة وليّ العهد السعودي إلى السلطنة والتقاءه بالسُّلطان هيثم بن طارق في مسقط وذهابهما بعد ذلك إلى محافظة ظفار القريبة جدًّا من المحافظتين اليمنيتين (المهرة وحضرموت) لها دلالات معنا نحن باعتبارنا متابعين وباحثين في الشأن السياسي لدول المنطقة.
وقام وليّ العهد السعودي بزيارة الاثنين الماضي إلى سلطنة عمان قادما من الهند بعد مشاركته في قمة العشرين، وحظي بحفاوة كبيرة في السلطنة.
واعتبر العريمي أن لزيارة وليّ العهد السعودي شقين “أولًا من الناحية
العُمانية - السعودية هي البداية الفعلية لانطلاقة هذه العلاقة بين السلطنة
والمملكة العربية السعودية اللتين تجمعهما مشتركات كثيرة بل وكثيرةٌ
جدًّا.
وثانيا، حاولت بعض القوى المحلية سواء في عُمان أو في السعودية اللعب على عدم استقرار هذه العلاقة وعدم تطويرها خلال السنوات الماضية من منطلقين، الأول مذهبي والثاني أمني، وأثبتت السنوات التي تلت حكم السُّلطان قابوس وحكم الملك عبدالله عدم صواب ما يعتقدون على الإطلاق، والشواهد على ذلك كثيرة يستطيع المتتبع سياسيًّا واقتصاديًّا وأيضًا استثماريًّا ومن خلال الأرقام التشاركية على أرض الواقع تلمُّسها بكل وضوح".
وأضاف "من خلال متابعتي للملف اليمني خلال السنوات العشر الماضية أستطيع القول إن جماعة الحوثي التي يتواجد بعض قادتها في مسقط، لم تحترم المساعي العُمانية الجادّة خلال سنوات الحرب، وهي من وجهة نظري ميليشيات تتحقق ديمومتها في عدم استقرار صنعاء واليمن عموما. ولن يحسم الصراع في اليمن بالشكل الذي يتمناه اليمنيون ودول الجوار إلا عندما يتم الحسم والتوافق حول الملفات الإيرانية مع الغرب والولايات المتحدة.
ويرى الباحث العماني في الشؤون السياسية أن "اليمن ورقة مهمة بالنسبة إلى إيران وهي توظفها وبشكل ذكي لتحقيق مصالحها، وقوّة ضغط على المساعي الإقليمية والدولية مثلها مثل بقية الأوراق التي تستخدمها، مثل الورقة اللبنانية المتمثلة في حزب الله وحماس والقضية الفلسطينية وغيرها من الأوراق في بعض الدول الخليجية والعربية".
وفي إجابة عن سؤال "العرب" بشأن أهمية تواجد السلطنة في المشروعات الإقليمية، يرى العريمي أن "الموقع الإستراتيجي والاستقرار السياسي والأمني يحتمان وجود السّلطنة في جميع هذه المشروعات إن كان يُراد لها النجاح لأسباب عديدة أولها الموقع الإستراتيجي الذي تحظى بها عُمان على أهم البحار والممرات المائية التي تعدُّ دوليًّا الدروب الرئيسة للتجارة الإقليمية والعالمية".
ويضيف “أما بالنسبة إلى الممر الذي أُعلن عنه أخيرا فأرى أنه من المناسب أن تُعاد دراسته من جديد وبشكل معمّق، ومن قبل جميع الدول خاصة عُمان وإيران لأن نجاحهُ يعتمد على منطلقات كثيرة سياسية وعسكرية وأمنية وحتى اقتصادية، وليس بالشكل الذي أخرجه المستفيد الأكبر منه وهو الكيان الإسرائيلي الذي أثبتت كل الاتفاقيات التي تم توقيعها معه أنه نظام يستفيد ولا يستفاد منه على الإطلاق".
وحث الباحث العماني على "تقوية العلاقات الثنائية والجمعية بين دول الخليج العربي وتعزيزها لاسيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية لما تمتلكه هذه الدول من مقدرات تستطيع أن توجد من خلالها قوة وتفاعلًا مع الخارج، وفي شتى المجالات".
ودعا "حكومات دول المنطقة إلى الاستفادة من بعض التغيرات في القوى الغربية والأميركية التي شكلت لسنوات طويلة قوة تفردت بالقرار العالمي من خلال المؤسسات التي أوجدتها مشكّلة قطبًا واحدًا تتعامل به ومن خلاله مع بقية دول العالم"، مشيرا إلى أنه "تتشكل الآن قوى إقليمية فاعلة وصاعدة مثل مجموعة بريكس التي انضمت إليها أخيرًا ثلاث دول عربية وتأثير ذلك على دول المنطقة والاستفادة من مثل هذه التجمعات التي تحاول الفكاك من هيمنة الدولار والمؤسسات التي تمنحه القوة عالميًّا".