أذربيجان: المحادثات الأولى مع انفصاليي ناغورنو قره باغ بناءة

> «الأيام» اندبندنت :

> أعلنت الرئاسة الأذربيجانية في بيان أن المحادثات الأولى التي جرت اليوم الخميس بين أذربيجان والانفصاليين الأرمن من ناغورنو قره باغ حول إعادة دمج هذا الإقليم الانفصالي كانت بناءة.

وأضافت أن اجتماعاً جديداً سيعقد "في أسرع وقت ممكن"، ومشيرة أيضاً إلى أنها تعتزم إرسال مساعدة إنسانية ومواد غذائية ووقود إلى الإقليم.

في الأثناء، قال الكرملين إن رئيس أذربيجان إلهام علييف اعتذر في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم عن مقتل أفراد من قوات حفظ السلام الروسية في ناغورنو قره باغ أمس الأربعاء.

وأضاف الكرملين أن بوتين شدد على أهمية ضمان سلامة وأمن عرقية الأرمن في المنطقة الانفصالية التي اضطرت إلى الاستسلام بعد هجوم خاطف شنته قوات أذربيجان.

وقالت روسيا إن أفراداً من قوات حفظ السلام قتلوا عندما تعرضت سيارتهم لإطلاق نار أثناء مغادرتهم نقطة مراقبة.

جولة أولى

وانتهت أول جولة محادثات بين أذربيجان وأرمن ناغورني قره باغ بشأن دمج الإقليم الانفصالي اليوم، حسبما ذكر الإعلام الأذربيجاني الرسمي من دون الكشف عن تفاصيل.

واستمرت المحادثات قرابة الساعتين ومن غير المقرر عقد مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في مدينة يفلاخ الأذربيجانية، وفق وكالات الأنباء والتلفزيون الرسمي.

كان وفد الانفصاليين الأرمن في ناغورنو قره باغ قد وصل صباح اليوم الخميس إلى مدينة يفلاخ الأذربيجانية لإجراء مباحثات سلام مع باكو حول إعادة دمج هذا الإقليم، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الأذربيجانية "أذرتاغ"، غداة إعلان باكو انتصارها في عملية عسكرية سريعة شنتها في الإقليم المتنازع عليه منذ عقود.

والتقى الجانبان في مدينة يفلاخ الواقعة على مسافة أكثر من 200 كيلومتر غرب باكو، فيما عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة دعت إليها فرنسا للبحث في أزمة الإقليم.

واتهمت أرمينيا أذربيجان اليوم الخميس أمام مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، بارتكاب "تطهير عرقي" و"جرائم ضد الإنسانية" في ناغورني قره باغ بعد العملية العسكرية التي شنّتها قوات باكو وانتهت باستسلام الانفصاليين الأرمن في هذا الإقليم.

وقال السفير الأرميني أندرانيك هوفهانيسيان إن بلاده سبق لها أن حذرت من "تطهير عرقي يلوح في الأفق" في ناغورني قره باغ، مشيرا الى أنه "يجري الآن".

وأضاف "هذا ليس نزاعا فقط، بل جريمة ضد الانسانية ويجب أن يتم التعامل معه بوصفه ذلك".

وأظهر لقطات أوردتها "أذرتاغ" قافلة من السيارات رباعية الدفع سوداء تصل إلى مكان المفاوضات تلتها آلية رفعت العلم الروسي وحملت لوحات تسجيل للجيش الروسي.

وفي أعقاب عملية عسكرية استمرت 24 ساعة قال الانفصاليون إنها أدت إلى مقتل أكثر من 200 شخص، أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أمس الأربعاء، أن بلاده "استعادت السيادة" على الإقليم بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار شملت بنوده موافقة الانفصاليين على إلقاء أسلحتهم وإجراء محادثات مع باكو.

وأكد الكرملين ليل أمس، أن قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في قره باغ منذ عام 2020، ستتولى دور الوساطة في مباحثات السلام اليوم.

وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله في أن تتيح المباحثات "التوصل إلى خفض التصعيد... ونقل هذه المشكلة إلى مسار سلمي"، وذلك خلال استقباله وزير الخارجية الصيني وانغ يي في وقت مبكر اليوم.

أذربيجان تبسط سيادتها

وشكل إقليم ناغورنو قره باغ الذي تقطنه غالبية من الأرمن محور نزاع مديد، إذ خاضت الجمهوريتان السوفياتيتان السابقتان أذربيجان وأرمينيا حربين في شأنه، إحداهما بين 1988 و1994 راح ضحيتها 30 ألف قتيل، والثانية في 2020 انتهت بهزيمة الانفصاليين.

وأجرت باكو ويريفان مباحثات سلام بوساطة غربية حققت بعض التقدم نحو إعداد نص سلام من دون التوصل لاتفاق ناجز، ووافقت يريفان على الاعتراف بقره باغ كجزء من أذربيجان، لكنها طالبت بآليات دولية لحماية حقوق السكان.

وبعد مقتل أربعة شرطيين ومدنيين اثنين بانفجار لغمين في قره باغ واتهام أذربيجان الانفصاليين بالمسؤولية عن هذه الأعمال "الإرهابية"، أطلقت باكو عملية عسكرية أول من أمس الثلاثاء "لمكافحة الإرهاب" في الإقليم.

وأكد الرئيس الأذربيجاني أمس، أن بلاده "أعادت بسط سيادتها" على قره باغ، مؤكداً تدمير "معظم" قوات الانفصاليين وعتادهم العسكري، وأن هؤلاء باشروا الانسحاب وتسليم أسلحتهم بموجب الاتفاق المبرم.

وأشاد بـ"الحكمة السياسية" التي أظهرتها يريفان بعدم تدخلها مباشرة لإسناد الانفصاليين الأرمن.

أكثر من 200 قتيل

وأكد مستشار علييف حكمت حاجييف أن باكو ترغب في "إعادة الإدماج السلمي للأرمن في قره باغ وتدعم أيضاً عملية التطبيع بين أرمينيا وأذربيجان"، متعهداً توفير ممر "آمن" للمسلحين.

وأثارت المعارك خشية من تفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم، التي تتهم يريفان باكو بالتسبب بها منذ فترة نتيجة إغلاق ممر لاتشين، وهو المعبر البري الوحيد بين أرمينيا وقره باغ.

وأعرب البيت الأبيض أمس عن قلقه من تفاقم الوضع الإنساني في الإقليم، بينما حضت أطراف أوروبية أذربيجان على ضمان حقوق الأرمن في قره باغ.

وأثار الانتصار الأذربيجاني مخاوف من نزوح جماعي للسكان المقدر عددهم بـ120 ألف نسمة، وقال أمين المظالم لشؤون حقوق الإنسان في المنطقة غيغام ستيبانيان، إنه "تم إجلاء أكثر من 10 آلاف شخص من مناطق إقامتهم الأصلية" إلى أنحاء أخرى، مشيراً إلى افتقادهم "التغذية الملائمة والأدوية ومواد النظافة الأساسية".

وأكد ستيبانيان أن العملية العسكرية أدت إلى مقتل 200 شخص على الأقل وإصابة أكثر من 400 آخرين، مشيراً إلى وجود 10 مدنيين على الأقل بين القتلى، خمسة منهم من الأطفال.

باكو تحتفل

وأكد الانفصاليون أن الاتفاق يشمل انسحاب الوحدات العسكرية المتبقية وحل التشكيلات المسلحة ونزع سلاحها، وأنه ستتم في مباحثات الخميس "مناقشة القضايا التي أثارها الجانب الأذربيجاني بشأن إعادة الدمج وضمان حقوق وأمن أرمن ناغورنو قره باغ".

وبعدما أكدت قوات حفظ السلام الروسية أمس عدم تسجيل أي خرق لوقف النار، قالت وزارة الدفاع الأرمينية ليلاً إن "وحدات الجيش الأذربيجاني أطلقت نيران أسلحة خفيفة على المواقع القتالية الأرمينية بالقرب من سوتك".

وكانت باكو اشترطت منذ بداية عمليتها استسلام الانفصاليين وتسليم أسلحتهم لإنهاء النزاع الطويل في الإقليم.

وفي باكو، لم يخفِ سكان فرحهم بأن النزاع شارف على النهاية، وقالت الموظفة المتقاعدة رنا أحمدوفا (67 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية، "وأخيراً، انتهت الحرب".

احتجاجات في يريفان

وكان المزاج معكوساً في يريفان بعد هزيمة هي الثانية في ثلاثة أعوام، أعادت تحريك الانتقادات الداخلية في وجه رئيس الوزراء نيكول باشينيان.

وحاولت المعارضة الأرمينية على مدى السنوات الماضية إقناعه بمغادرة السلطة محملةً إياه مسؤولية الهزيمة العسكرية خلال حرب خريف 2020 في قره باغ، ولليوم الثاني، تجمع متظاهرون أمس خارج مقر رئيس الوزراء واتهموا الحكومة بالتخلي عن الأرمن الذين يشكلون غالبية سكان الإقليم، ووقعت مواجهات بينهم وبين الشرطة.

وطالب كثير من المتظاهرين برحيل باشينيان، ومنهم سركيس هياتس البالغ 20 سنة الذي قال، إن باشينيان "يجب أن يرحل... نحن نخسر وطننا وشعبنا".

وكان باشينيان أكد أن بلاده لم تشارك في صياغة اتفاق وقف النار، مذكراً بأن يريفان "ليس لديها جيش" في الجيب الانفصالي منذ أغسطس (آب) 2021.

وكان تجدد القتال في ناغورنو قره باغ أثار قلق المجتمع الدولي ودعوات متعددة لوقف النار، أبرزها من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والبابا فرنسيس ودول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.

وفي حين دعت فرنسا أول من أمس إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث التوتر، رأت باكو أن لا جدوى لذلك، وقال المستشار حاجييف، "نعتقد أن جلسة كهذه في حال انعقادها، ستكون غير ذي جدوى وضارة... ليست ضرورية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى