​اليانصيب الأمريكي.. طريق الآلاف في اليمن للهروب من البطالة

> حاشد الشبلي:

>
بعد تخرجه من كلية الإعلام بجامعة صنعاء، كان محمد عبد الكريم الحسني يفكر كثيرًا بالهجرة، بهدف البحث عن عمل والهروب من البطالة في اليمن. كان حريصًا على متابعة كل الفرص المتعلقة بالهجرة أو العمل خارج اليمن.

يقول الحسني: ” بعد تخرجي من الجامعة، وجدت نفسي عاطلا عن العمل، فكانت الهجرة هي الهدف الأسمى، وأترك فرص تصلني على أي رابط، أو عبر أي شخص في الخارج، إلا وجربت الفرصة، وعندما فتح التسجيل في اللوتري الأمريكي للعام 2022، سجلت بمساعدة صديق كان على معرفة بطريق التسجيل، ولم أذهب إلى أي مكتب للتسجيل “.

في العام الماضي، فاز الحسني، 28 عامًا، بتأشيرة الهجرة إلى أمريكا، وأصبح الحلم حقيقة. كل عام، يتزايد عدد اليمنيين المهاجرين عبر برنامج القرعة العشوائية (اليانصيب) إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بخاصة بعد اندلاع الحرب مطلع العام 2015 وتفاقم الوضع الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة.

يقول الحسني: "في مايو 2022، كنت من فائزي اللوتري الأمريكي، فباشرت بتعبئة البيانات المطلوبة عبر في النموذج الرسمي، حيث يجب على الذي تم اختياره ضمن قرعة تأشيرة التنوع (DV) البدء بتعبئته على الفور، وتسليمه في أقرب وقت من أجل السفر سريعًا “.

في نهاية أغسطس 2022، سافر من صنعاء إلى عدن، متجهًا إلى جمهورية جيبوتي عبر رحلة الطيران، حيث لا يتطلب من اليمنيين تأشيرة مسبقة، أو إقامة قبل الدخول إلى جيبوتي، وإنما يدفع مواطنو اليمن عند وصولهم إلى مطار جيبوتي تكاليف تأشيرة تقريبًا 30 $.

في أكتوبر2018،  وجه إسماعيل عمر جيله بأن يعامل اليمني معاملة المواطن الجيبوتي، بحيث لا تتم مسائلة المواطن اليمني في جيبوتي عن التأشيرة، وأتاح فرصة لليمنيين في الحصول على فرص العمل في جيبوتي.
  • المقابلة لتحقيق الحلم
يتذكر الحسني لحظة وصوله إلى السفارة الأمريكية في جيبوتي، ويقول: "دخلت إلى ساحة السفارة، وكان فيها الآلاف من اليمنيين المنتظرين لإنجاز معاملاتهم هناك. وبعد  5 ساعات من الانتظار، تمكنت من مقابلة اللجنة الطبية التي تتكون من ثلاثة أشخاص: القنصل، والمختص النفسي، والمترجم".

يتجه معظم اليمنيين إلى السفارة الأمريكية في جيبوتي لإنجاز معاملاتهم، مثل معاملات لم الشمل أو معاملات تأشيرة القرعة العشوائية، أو غيرها من المعاملات، وقد تستغرق بعض المعاملات أشهر، لكن الحسني تمكن من مقابلة اللجنة في السفارة الأمريكية في جيبوتي، وحصل على الموافقة النهائية من اللجنة، وأصبح مستعدًا للسفر إلى أمريكا عند انتهاء المقابلة.

يُمنح الفائز باليانصيب الأمريكي بعد المقابلة تأشيرة الهجرة إلى الولايات المتحدة والتي تمكنه من العيش والعمل دون قيد أو شرط، كما تمنحه الإقامة الدائمة في البلد مع السماح له بالسفر والعودة، وقد يمنح أيضا الجنسية الأمريكية بعد استكماله شروط المحددة في القانون الأمريكي.

ووفقا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية، فقد تراجع اليمن مرتبة واحدة في قائمة عدد تأشيرات الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، خلال العام 2022 بمجموع (5.293) ليحل في المرتبة الثانية عربيًا. في عام 2021، جاءت اليمن على المستوى العربي في المرتبة الأولى بالحصول على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة إلى أمريكا، ليصل الإجمالي إلى حوالي 4.7 آلاف تأشيرة.
  • إنجاز إجراءات التأشيرة الأمريكية في الهند
مطهر ناجي الصيادي هو الآخر حالفه الحظ بالفوز باللوتري الأمريكي للعام 2022، واستطاع الوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية. لم يسافر الصيادي إلى جيبوتي لإنجاز إجراءات الحصول على التأشيرة الأمريكية، حيث قرر السفر إلى  السفارة الأمريكية في الهند.

يقول الصيادي : "عندما أخبرني الكثير من أصدقائي عن الصعوبات التي تواجههم في جيبوتي، حولت إلى السفارة الأمريكية في الهند، وهناك استكملت معاملة الدخول إلى أمريكا، وحصلت على التأشيرة لدخول أمريكا، وأنا الآن بعد وصولي إلى ولاية شجن، منتظر الموافقة على فرصة العمل لدى إحدى الشركات".

تشير تقارير إلى أن عدد اليمنيين الذين تقدموا لبرنامج اليانصيب الأمريكي في نوفمبر 2022 وصل إلى مليون و200 ألف شخص، بينهم دكاترة ومعلمون وموظفون حكوميون، وهي أعداد ترتفع من عام لآخر، في ظل استمرار الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي في البلاد وخلفت أكبر أزمة إنسانية في العالم. ويرى مختصون أن استمرار الحرب، وتفاقم الوضع الاقتصادي في اليمن، مع استمرار انقطاع الراتب للعام التاسع.
  • السفر في سفينة للمواشي
دحان جابر، 50 عامًا، كان يعمل في إحدى مدارس  صنعاء، وكان أحد الفائزين باللوتري الأمريكي للعام 2017، ويقول إنه تقدم للحصول على التأشيرة الأمريكية بسبب حالته المادية والحالة المادية لأقاربه في ظل انقطاع الرواتب منذ عام 2016.
بعد فوزه باليانصيب الأمريكي 2017، أبحر جابر مع أسرته من مدينة عدن على متن سفينة متهالكة مليئة بالمواشي(الأبقار والأغنام) للوصول إلى الصومال.

يتذكر تلك الرحلة، ويقول: "أبحرنا ثلاثة أيام بلياليها حتى وصلنا إلى الصومال، وهناك بدأت المعاملة للحصول على التأشيرة الأمريكية، وحصلت على موافقة السفر والتأشيرة؛ إلا أن قرار الرئيس الأمريكي السابق (دولاند ترامب) بحظر دخول أمريكا لسبع دول منها اليمن، حال دون السفر إلى أمريكا".

بعد قرار الحكومة الأمريكية بحظر 7 دول من الدخول إلى أمريكا عام 2017 والذي استمر لثلاث سنوات، ثم رفع الحظر .
 حصل جابر وأسرته على معلومة تتمثل بالسماح لأصحاب التأشيرات السابقة بالسفر إلى أمريكا، دفعته هذه المعلومة إلى التنقل من أديس إلى الشارقة ثم إلى السودان وصولاً إلى كينيا ثم إلى جيبوتي في محاولة منه للحصول على فرصة السفر إلى أمريكا، لكن محاولاته باءت بالفشل.

في نهاية عام 2017، تعرض جابر للضرب والسرقة من قبل مجموعة عناصر ترتدي ملابس شرطة في جيبوتي، يقول جابر إن تلك المجموعة من الرجال أوقفته في الطريق في مدينة جيبوتي، وفتشوه ثم نهبوا ممتلكاته، وبعد نصف ساعة من التفتيش، تركوه يذهب بعد أن أعطاهم كل ما بحوزته، اتضح لجابر لاحقًا أن تلك المجموعة لم تكن تنتمي للشرطة، وإنما كانوا أفرادًا اعتادوا على استغلال الأجانب.

يختم حديثه، ويقول: "تنقلت بين بلدان عدة، وأنفقت أكثر من (25.000 $)، وجعلت منزلي في رهن عند أحد الأشخاص في صنعاء بمبلغ مالي، وبعت ذهب زوجتي بالإضافة إلى ذهب زوجات إخوتي، وفقدت وظيفتي التي مارستها لأكثر من 30 عامًا، لقد كان عاما كاملا من التعب والهم واليأس، وأنا أطارد حلمًا أشبه بالمستحيل".
"المشاهد نت"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى