توازنات صعبة أمام قمة الرياض الطارئة

> القاهرة "الأيام" العرب:

> ​لم يستطع قادة الدول العربية تأجيل عقد قمة طارئة كثيرا في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والخشية من اتساع نطاقها الإقليمي، وبات عليهم إيجاد صيغة مناسبة لتوازنات عديدة تبدو مختلة في المنطقة حاليا، لتخرج قمة الرياض بنتيجة أفضل مما خرجت به قمة القاهرة للسلام وحضرها وفود من دول غير عربية.

وتبقى المعادلة الصعبة هو كيف سيوفق قادة عرب بين عواطفهم مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني كثيرا في غزة وبين علاقات ومصالح متزايدة مع إسرائيل، فقد قسّم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو العالم إلى فسطاطين، أحدهما للحضارة وزعم أن إسرائيل تمثله ومن لف لفها، والآخر لـ”البربرية” وتمثله حماس وكل من ينتقدون تصرفات إسرائيل ضد غزة.

وتأخذ القمة العربية الطارئة هذه المرة بعدا إنسانيا مُلحا أكثر منه سياسيا، لأنه الشق الأشد إزعاجا بعد أن راح الآلاف من المدنيين ضحية الحرب، ويمكن أن تشهد الفترة المقبلة المزيد منهم على الجانب الفلسطيني مع اكتمال الاجتياج البري، ما يضع عبئا مضاعفا على كاهل دول تريد عدم جر الموقف العربي إلى زاوية شعبوية.

وتلقت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية طلبا رسميا من فلسطين والسعودية لعقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة على مستوى القمة برئاسة المملكة بالرياض في الحادي عشر من نوفمبر الجاري، وذلك لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة.

وكان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية عقد دورة غير عادية بمقر الأمانة العامة في الحادي عشر من أكتوبر الماضي، طالب خلالها بتحرك دولي عاجل لوقف الحرب، وإدانة استهداف المدنيين، وحذر من محاولات التهجير.

ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السبت، إلى عقد قمة عربية طارئة، لوقف العدوان الإسرائيلي على شعب فلسطين وقضيته، وعمل كل ما من شأنه تمكين سكان غزة من البقاء على أرضهم، وإنهاء الاحتلال.

وتحتاج قمة الرياض إلى مراعاة مجموعة من التشابكات الإقليمية والدولية مع هذه الحرب، لتتمكن من عبور مطباتها العديدة، وتوصيل رسالة إيجابية للحفاظ على ما تبقى من أمل في دولاب العمل القومي ممثلا في الجامعة العربية، والتي تعرضت لاتهامات عدة حول إصابتها بالشلل وعدم قدرتها على قيادة العمل المشترك.

وأخفقت قمة القاهرة للسلام التي حضرتها وفود من دول عربية وأجنبية في الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي في التوصل إلى صيغة للتهدئة ووقف الحرب على غزة، ولم تتمكن من إصدار بيان ختامي بسبب تباعد المسافات بين معظم من حضروها، حيث تمسكت الدول الغربية بعدم المطالبة بوقف الحرب وتمكين إسرائيل من الدفاع عن نفسها بشتى السبل دون اعتداد بسقوط الكثير من الضحايا الفلسطينيين.

ويبدو صدور بيان عن قمة الرياض العربية عملية ليست صعبة، لأن الخطوط الإنسانية العريضة لا توجد خلافات كبيرة بشأنها، لكن سيظهر التباين في الطريقة التي يمكن مخاطبة إسرائيل بها لوقف الحرب وتحجيم تداعياتها، مع تعمد نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين إطلاق تصريحات تشير إلى رغبة دول عربية في التخلص من حركة حماس، كأن ما يقوم به جيش الاحتلال يحظى بمباركة من بعض الدول العربية.

ولتجاوز هذا المطب قام وزراء خارجية بعض الدول العربية بإجراء مشاورات عميقة الأيام الماضية من أجل التفاهم حول الأهداف العاجلة المطلوبة عربيا، وظهرت تجلياتها في اللقاءات التي عقدها وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية وفلسطين، على هامش اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة خاص بغزة، ثم في القرار الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مجلس الأمن في الشأن نفسه.

وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالين هاتفيين، الأحد، بنظيريه الأردني أيمن الصفدي، والسعودي الأمير فيصل بن فرحان، بحث معهما مستجدات التصعيد العسكري، في إطار تنسيق الجهود للتعامل مع الاعتداءات المستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين، وسبل إنفاذ هدنة إنسانية فورية تحافظ على أرواحهم، وتخفف من وطأة المعاناة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

ويقول متابعون إن قمة الرياض الطارئة هدفها محدد ويتعلق بوقف قتل المدنيين وفتح الباب لدخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، وليس لديها المجال لمناقشة قضايا مصيرية، أو حدوث مناوشات مع إسرائيل أو ضد حماس، أو مع المقاومة وضد السلطة الفلسطينية، فقد تجاوزت الكثير من الدول العربية هذه السرديات منذ قيام السعودية بطرح مبادرتها للسلام عام 2002.

ويضيف المتابعون أن وقف الأزمة الإنسانية لها أولوية، وهي الباب الذي يمكن الدخول منه إلى المجتمع الدولي لممارسة ضغوط على إسرائيل للتوصل إلى هدنة كمقدمة لوقف الحرب، ولن تستغرق قمة الرياض في البحث عن انتصارات سياسية وهمية حول العودة إلى السلام وحل الدولتين، لأن الأجواء المشحونة لن تمكن أحدا من الإنصات إلى ذلك بواقعية، إلا إذا كان الهدف تهيئة المسرح لما بعد حرب غزة.

وأكد السفير مهند العكلوك مندوب فلسطين لدى الجامعة العربية أن القمة الطارئة سترسل رسالة للمجتمع الدولى بأن إسرائيل لا يجب أن تبقى فوق القانون الدولي، وأن تكون هناك معايير عالمية موحدة بعيدا عن سياسة المعايير المزدوجة.

وشدد العكلوك، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، الثلاثاء، على ضرورة أن يتحمل العرب “المسؤولية مع القيادة والشعب الفلسطينيين في هذه الفترة العصبية، في وقت يتعرض فيه الفلسطينيون لجرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتطهير العرقي، ومحاولات الاحتلال الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى