التايمز: أكاذيب حرب العراق والشرق الأوسط تقف أمام قول الحقيقة بشأن غزة

> "الأيام" وكالات:

> ​نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لزينب تفكجي، أستاذة علم الاجتماع والشؤون العامة في جامعة برنستون، قالت فيه إن الأكاذيب السابقة حول الحرب في الشرق الأوسط، تقف أمام الحقيقة اليوم.

وأشارت للقاء أجرته مجموعة من الصحافيين مع موشيه لافي، الذي أخذت حماس عددا من أقاربه كرهائن. وتحول ألمه إلى غضب وهو يتحدث عن الفظائع التي ارتكبتها حماس عندما هاجمت إسرائيل. وعبّر عن دهشته من “جدال الناس حول المعاني” فيما إن قطعت حماس رؤوس الناس وإن كانوا رهائن في غزة.

وفي تحول في الجدال، حصل غضب بشأن قطع حماس لرؤوس الأطفال، وهو زعم لم يتم التحقق منه، واستخدمه الرئيس جو بايدن قبل أن ينفي البيت الأبيض كلامه، ولا يزال يثير النقاش منذ ذلك الوقت. ولكن حماس قتلت أطفالا وأخذت بعضهم رهائن، فهل يجب أن تنال الثناء على هذا، كما تقول الكاتبة التي تعتقد أن التشكك هو نتيجة معاداة للسامية، لكنه لم يكن كذلك.

فواحد من الأسباب الرئيسية هي أن حوادث الشك والتشكك في أفعال فظيعة، ولكنها غير صحيحة أو مزاعم مبالغ فيها، يتم استخدامها لتبرير منطق الحرب. وهناك العديد من الأمثلة التاريخية، وأهمها حرب العراق.

وفي الأيام الماضية، قال ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة لقناة سكاي نيوز إنه “مندهش جدا من القلق الدائم الذي يظهره العالم تجاه الشعب الفلسطيني”. وأشار لردة فعل أمريكا بعد هجمات 9/11 كنموذج للرد الإسرائيلي ضد حماس وهجومها في 7 أكتوبر، الذي وصفه الكثيرون بأنه 11 سبتمبر إسرائيل. وإذا كان رد أمريكا على هجمات 11 سبتمبر هو نموذج، فيجب أن يكون نموذجا لما لا يجب عمله.

فبعد الهجمات، نالت الولايات المتحدة تعاطفا عالميا، وشعر الكثير من المسلمين حول العالم بوصمة العار التي أصابت الإسلام، ونظموا وقفات احتجاجية ليلية، وشجب الساسة الهجمات، وتبرأ منها رجال الدين في المساجد، وثبت كذب ما قيل إنها احتفالات للمسلمين، وأنها أمثلة تفتقر للوضوح ومشكوك فيها.

وبدلا من استغلال التعاطف العالمي لعزل المتطرفين، شنت الولايات المتحدة حربا متهورة ومدمرة في العراق، مدفوعة برغبة الانتقام ومبررة بالأكاذيب حول أسلحة الدمار الشامل. وكانت أكاذيب إدارة بوش في التحضير للحرب والفشل الذريع للاحتلال والفوضى والعنف والقتل الذي تسببت بها أمريكا، سببا في الإضرار بموقف ومصداقية الولايات المتحدة وحلفائها.

وشعر العراقيون بالغضب من نهب المستشفيات والمتاحف والوزرات تحت سمع ونظر الجنود الأمريكيين، وقُتل الناس وهم في طريقهم لبيوتهم لأنهم لم يفهموا الإشارة من الجنود أو الصرخات بالإنكليزية، إضافة إلى التعذيب والسادية في سجن أبو غريب.

وشاهد الناس، كيف أدت سياسات الاحتلال، مثل القرار السريع والذي صدر بدون تفكير بحل الجيش العراقي، إلى خلق تنظيم الدولة الإسلامية بعد عقد على الاحتلال. واستمر الدمار في الشرق الأوسط بعد الحرب التي قامت على أكاذيب.

ولجعل الأمور أسوأ، فإن للحكومة الإسرائيلية تاريخ في تقديم المزاعم الكاذبة والتحلل من المسؤولية في جرائم تثبت لاحقا أنها من عمل يدها.

ففي واحد من الأمثلة، قُتل 4 فتيان فلسطينيين عام 2014 وهم يلعبون على الشاطئ بغارة إسرائيلية، وقُتل ثلاثة منهم وهم يحاولون الفرار بقنبلة ثانية. وفي البداية كانت هناك جهود من الناشطين المؤيدين لإسرائيل على منصات التواصل الإجتماعي للزعم بأن التفجيرات هي نتيجة صاروخ لحماس أطلق بالخطأ.

وفي البداية، قال الجيش الإسرائيلي إن “هدف الغارة هم ناشطون من حماس”، لكن الشاطئ كان قرب فندق يقيم فيها الصحافيون العاملون مع وسائل إعلام غربية، وعلى الأقل واحد منهم يعمل مع نيويورك تايمز، وكان شاهد عيان على القتل.

وذكرت صحيفة “الغارديان” التي زارت المكان بعد الضربة، أنها لم تشاهد معدات ولا أسلحة، وأن الأطفال يلعبون عادة هناك. وبعد ذلك، قامت إسرائيل بالتحقيق في الأمر وبرأت نفسها، وقال المتحدث في حينه للجيش بيتر ليرنر، إن القوات الإسرائيلية استهدفت مجمعا لقوة الشرطة البحرية التابعة لحماس، بما في ذلك قوة كوماندوز بحرية.

وقال مراسل “ديلي تلغراف” الذي كان موجودا وقت الضربة، إن القوات الإسرائيلية لم تحاول مقابلته وبقية الصحافيين.

وتقول الكاتبة إننا نشاهد اليوم كيف يلعب هذا التاريخ في الاضطراب العالمي عندما قالت حماس إن إسرائيل هي التي قصفت بصاروخ ساحة مستشفى في غزة قبل أسبوعين.

وأنكر المسؤولون الأمريكيون أن يكون القصف إسرائيليا، وأكدوا أن الصاروخ انطلق من غزة. وكانت تقارير أولية أن حصيلة القتلى هي 500 شخص ثم تم الجدال في حقيقة هذا الرقم.

وهناك إمكانية بأن الصاروخ جاء من غزة، وعادة ما يحدث خطأ في إطلاق الصواريخ، لكن القصف الإسرائيلي تسبب بعدد كبير من الضحايا المدنيين، والأدلة ليست قطعية والحقيقة لا تزال غير معروفة.

وبالنسبة لعائلة فقدت أفرادا في الانفجار، فالخلاف حول الأعداد قد يكون قاسيا مثل التشكك في الجرائم التي ارتكبتها حماس ضد عائلة إسرائيلية أثناء هجومها في 7 أكتوبر. إلا أن الحقيقة بشأن فبركة أو المبالغة في الجرائم معروفة للتأثير على الحسابات التي يقبل بها الرأي العام، بما في ذلك الثمن المبرر والذي يجب وضعه على المدنيين.

ففي عام 1990، غزا صدام حسين الكويت، وكانت هناك مقاومة في الولايات المتحدة لحرب جديدة، فالبلد لم يتحرر بعد من أعراض فيتنام. وضمن هذا السياق، شهدت فتاة أمام الكونغرس في 1990 بأنها شاهدت الجنود العراقيين يُخرجون الأطفال الخداع من الحاضنات ويتركونهم للموت على أرضية باردة، وهو تأكيد صادم تبناه عدد من المسؤولين البارزين، وحتى من أمنستي انترناشونال.

وما لم يُعلن عنه هو أن الشاهدة هي ابنة السفير الكويتي في الولايات المتحدة، وأن شهادتها نظمتها شركة علاقات عامة تعمل لصالح حكومة الكويت.

وتم استخدام الفبركة لتسويق الحرب أمام الرأي العام متردد، فالحاجة كانت للحفاظ على النفط في أيدي حكام هم نتاج تطورات القرن العشرين والسيطرة الاستعمارية، فمعارضة جيش متوحش، هي أهل عامل جاذب للحرب.

والنتيجة المرعبة لهذا التاريخ الواسع من عدم الثقة وتجريد الناس العاديين من إنسانيتهم حيث ينظر إلى خسائرهم كهراوة لمزيد من الألم والخسارة للآخرين. وحتى الناس الذين لا تعاطف لديهم مع حماس أو أي نوع من الإرهاب، يحدقون إليك بدهشة بشأن الروايات الأخيرة عن الجرائم.

ويتردد صدى هذه المزاعم على الإنترنت: “حماس قطعت رؤوس الأطفال، وصدام كانت لديه أسلحة دمار شامل، وأنا وحيد القرن الأخير”، كما كتب شخص على إكس، وقال آخر: “أكذوبة قطع حماس لرؤوس أربعين طفلا هي مساوية لأكذوبة أسلحة الدمار الشامل”.

ومشاعر كهذه واسعة، وهو ما يعني الحاجة للأصوات التي تستطيع الحفاظ على الثقة والقلق المنسجم مع كل الضحايا.

وقالت الكاتبة إن منظمتي هيومان رايتس ووتش وأمنستي، حققتا في فيديوهات لهجوم حماس وطالبتا بالتحقيق في جرائم حرب. لكن المنظمتين لهما تاريخ بتوثيق أفعال إسرائيل بما في ذلك معاملتها السيئة للمدنيين في غزة والضفة الغربية. وتم شيطنة المنظمتين لما عملتاه، من قبل حكومة إسرائيل ومنظمات غير حكومية ومشرعين.

وهذه الأصوات المستقلة التي يجب الاستماع إليها، في سياق يرى فيه أهل المنطقة والناس في العالم، أمريكا وهي تدعم إسرائيل بدون النظر لما تقوم به، فهذه الأصوات التي قد يفكر بايدن بإعلاء شأنها بدلا من الإنصات لما يقوله بنيامين نتنياهو.

وفي الوقت الذي تطالب فيه أمنستي بالإفراج عن الأسرى وتعتبر اختطافهم جريمة حرب، عليها أن تقلق بشأن كل الضحايا، بمن فيهم مليونا فلسطيني في قطاع غزة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى