إنذار أمريكي حمله السوداني إلى إيران: اضبطوا ميليشياتكم فورا

> طهران "الأيام" العرب:

> ​حمل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال زيارته، الاثنين، إلى طهران رسالة شديدة اللهجة موجّهة من الحكومة الأميركية إلى القيادة الإيرانية بشأن قرب نفاد صبر الولايات المتحدة على عملية استهداف الميليشيات الشيعية لمواقع تواجد القوات الأميركية في سوريا والعراق، والتي تدرك واشنطن يقينا أنّ وراءها الحرس الثوري الإيراني الذي يمسك بزمام التحكّم في تلك الميليشيات.

وبحسب مصادر سياسية عراقية مطّلعة فإن السوداني كان قد بُلّغ بالرسالة الأميركية في شكل إنذار أخير حمله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته الخاطفة إلى بغداد.

وقالت المصادر إنّ الإنذار الأميركي لم يوفّر حكومة السوداني ذاتها لجهة ما عليها من مسؤولية في حماية الجنود الأميركيين الموجودين على الأراضي العراقية بموجب اتفاقية بين بغداد وواشنطن.

وأكّدت أنّ مهمة السوداني لن تقتصر على تبليغ الرسالة الأميركية لإيران بشكل محايد، بل تتعدّى ذلك إلى محاولة إقناع القيادة الإيرانية بكفّ يد الميليشيات عن التعرّض للمصالح الأميركية في العراق لتجنيب الأخير عواقب وخيمة.

ويفسّر ذلك، بحسب المصادر، عدم اكتفاء رئيس الوزراء العراقي بلقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، وطلبه مقابلة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي صاحب السلطة الفعلية على الحرس الثوري المشغّل الأصلي للميليشيات الشيعية في العراق.

وجاء ذلك بعد أن كانت بغداد قد بذلت مساعي لدى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان لحث قيادته على كف هجمات الميليشيات المنتمية إلى “محور المقاومة” التابع لإيران على مواقع تمركز القوات الأميركية في سوريا والعراق، لكنّ إجابة الأخير جاءت مخيبة عندما أبلغ نظيره العراقي فؤاد حسين في مكالمة هاتفية بأنّ اتساع نطاق الحرب الدائرة في غزّة أمر لا مفر منه بسبب الدعم الأميركي اللاّمحدود لإسرائيل.

وكرّرت “المقاومة الإسلامية في العراق” وهو الاسم الذي تتخذه ميليشيات شيعية أبرزها حركة النجباء، خلال الأيام الأخيرة، قصفها بالصواريخ والطائرات المسيرة للقواعد التي تضم قوات أميركية في سوريا والعراق، معلنة عن بدء عملية “تحرير الأراضي العراقية” بقوّة السلاح. كما هدّدت باستخدام العنف لغلق السفارة الأميركية في بغداد.

وأثار ذلك حفيظة حكومة السوداني التي ردّت بالقول إنّ اتخاذ القرارات الكبرى يظل من اختصاصها هي وحدها، وذلك في إشارة إلى قرار شن الحرب ضد أي طرف.

وغير بعيد عن سياق الإنذارات الأميركية لإيران نقلت صحيفة نيويورك تايمز، الاثنين، عن مصادر خاصّة قولها إن واشنطن بعثت برسائل إلى كل من إيران وحزب الله اللبناني عبر قنوات دبلوماسية ودول إقليمية أكّدت فيها استعداد القوات الأميركية للتدخل عسكريا ضدّ أي طرف يشن هجمات على إسرائيل.

وذكرت الصحيفة أن بلينكن وجّه تحذيرات خلال تصريحات له في مطار بغداد أثناء مغادرته العراق، من أن الهجمات على القوات الأميركية والأهداف المدنية في المنطقة سيتم الرد عليها بالمثل، مشدّدا على اعتبار الهجمات والتهديدات الصادرة عن الميليشيات المتحالفة مع إيران غير مقبولة على الإطلاق، ومتوعّدا بالقول “سنفعل ما هو ضروري لحماية أفرادنا، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين”.

ومن جهتها كشفت السفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوسكي، الاثنين، عن جانب مما دار بين السوداني وبلينكن في بغداد.

وقالت في تدوينة على منصة إكس إن الطرفين ناقشا “ضرورة تجنب اتساع رقعة الصراع بما في ذلك إلى العراق”.

وأكدت أن “الوزير بلينكن حث رئيس الوزراء العراقي على محاسبة المسؤولين عن مواصلة الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق والوفاء بالالتزامات العراقية بحماية كافة المنشآت التي تستضيف هؤلاء الأفراد المتواجدين هناك بناء على دعوة الحكومة العراقية”، مبينة أن “الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحها وأفرادها”.

ولم يرشح الكثير عن فحوى محادثات رئيس الوزراء العراقي مع القيادة الإيرانية عدا عن المواقف البروتوكولية وما يميّزها من توافق بشأن ما يجري في قطاع غزّة.

وقال السوداني، الاثنين، إنّ “المجتمع الدولي فشل في الإيفاء بواجباته تجاه أهالي غزة”، موضّحا أنّ القضية الفلسطينية “كانت الأبرز” في اجتماعه مع الرئيس الإيراني روحاني، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

كما لمّح إلى مخاوف بلاده من اتّساع رقعة الصراع، قائلا إنّ “قرار جر المنطقة إلى حرب شاملة بيد الطرف الذي يمارس العدوان على غزة”.

وعلى الطرف المقابل استغل المرشد الإيراني لقاءه مع رئيس الوزراء العراقي ليصبّ جام غضبه على الولايات المتّحدة وتحميلها مسؤولية ما يجري في غزّة وذلك في تبرير ضمني لاستهداف الميليشيات للمصالح الأميركية في العراق.

وقال خامنئي إنّ “الأميركيين متواطئون، وبكل ما للكلمة من معنى في جرائم الصهاينة في غزة”.

وأشار إلى ما اعتبره دورا عراقيا خاصّا في زيادة الضغوط السياسية على الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف الحرب على غزة، موضّحا أنّ “العراق باعتباره دولة مهمة في المنطقة يستطيع أن يلعب دورا خاصا في هذا المجال”.

وعلى طرف نقيض مما ذكره المرشد الإيراني، فإن العراق يواجه ضغوطا استثنائية ويتلّقى بشكل مباشر ارتدادات الحرب في غزّة وذلك بسبب اتّخاذ إيران لأراضيه مسرحا لعملية تصفية حسابات بالوكالة ضدّ غريمتها الولايات المتّحدة.

ويضع ذلك حكومة بغداد في مأزق بسبب متانة علاقتها بطهران من جهة، حيث أن القوّة الأساسية التي وقفت وراء تشكيلها وتعتبر مرجعيتها السياسية ليست سوى الإطار التنسيقي المشكّل من أحزاب شيعية معروفة بولائها لإيران، وكذلك بسبب ارتباطاتها الواسعة سياسيا واقتصاديا وأمنيا بواشنطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى