هل سيؤجّج وصول أردوغان غداً إلى برلين الاضطرابات في الشارع الألماني؟

> «الأيام» القدس العربي:

> قد تكون هذه هي الزيارة الأكثر حساسية للمستشار أولاف شولتس، فالرئيس التركي أردوغان قادم مع وجهات نظر مختلفة للحكومة الألمانية، خصوصاً في ما يخصّ إسرائيل وغزة.

لمرات عديدة هاجم أردوغان إسرائيل بحدّة، ودافع عن غزة وفلسطين. وقبيل الزيارة، قال الرئيس التركي مجدداً: “إسرائيل دولة إرهابية، ترتكب جرائم حرب، وتنتهك القانون الدولي في غزة”، مشدداً حدة انتقاداته المتكررة للقادة الإسرائيليين وداعميهم في الغرب.

وأضاف أردوغان أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على حركة المقاومة الإسلامية “حماس” تشمل “أكثر الهجمات غدراً في تاريخ البشرية”، بدعم “غير محدود” من الغرب.

ودعا إلى محاكمة القادة الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في محكمة العدل الدولية في لاهاي، مكرراً رأيه وموقف تركيا بأن “حماس” ليست منظمة “إرهابية”، وإنما حزب سياسي فاز في انتخابات سابقة.

وتعتبر بريطانيا والولايات المتحدة والاتحادُ الأوروبي ودولٌ عربية “حماس” جماعةً “إرهابية”، على عكس تركيا. وتستضيف أنقرة بعض أعضاء الحركة، وتدعم حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

بيد أن المستشار الألماني أولاف شولتس استبقَ الزيارة أيضاً، باعتباره تصريحات الرئيس التركي غير مقبولة، بل ذهب أكثر من ذلك ووصفَ خطابات أردوغان عن إسرائيل بأنها “سخيفة وعبثية”، مؤكداً أن “إسرائيل دولة ديمقراطية، وهذا أيضاً يجب أن يذكر بوضوح شديد، وليس هناك شك في ذلك”.

وستكون زيارة أردوغان لألمانيا الأولى له لدولة غربية، منذ أن بدأت إسرائيل قصف غزة، في السابع من أكتوبر تشرين الأول، عقب هجمات “حماس”.

وعبّرت ألمانيا عن تضامنها القوي مع إسرائيل، بينما حثّت على التركيز على الحدّ من تأثير العمليات العسكرية على السكان المدنيين في غزة.

وقال أردوغان: “للأسف، لا يزال الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، ينظر إلى هذه القضية بشكل عكسي”، مضيفاً أنه سيتصل بزعماء الدول التي امتنعت، الشهر الماضي، عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على هدنة لتوصيل المساعدات إلى غزة.

وبالرغم من أن زيارة الرئيس التركي أثارت العديد من الاحتجاجات داخل ألمانيا، حيث وصفها البعض بأنها ستؤجّج الأوضاع داخل ألمانيا، في حين هاجم رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، جوزيف شوستر زيارة أردوغان بشدة، قائلاً إن الرئيس التركي “سيؤجج الاضطرابات في الشارع الألماني، ويقود إرهاباً نفسياً ضد اليهود في ألمانيا بدعايته”.

بيد أن المعارضة والحكومة، على حد سواء، متّفقون على أهمية الزيارة، بالرغم من حساسيتها. إذ دافعَ سياسيٌّ بارز من التحالف المسيحي، وهو أكبر تكتل معارض في ألمانيا، عن اللقاء المرتقب بين المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس التركي.

وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف، يوهان فاديفول، لشبكة التحرير الصحفي في ألمانيا، في تصريحات تم نشرها اليوم الخميس: “من الصائب، ومن الضروري أن يستقبل المستشار الرئيس التركي في برلين لإجراء مباحثات عمل”.

وأضاف فاديفول أنه سيمكن للمستشار الألماني مناقشة أوجه الاختلاف الأساسية بشكل مفتوح. يعدّ ذلك مهماً أيضاً”.

وكان فاديفول قد وصفَ تصريحات أردوغان عن الصراع في الشرق الأوسط بأنها “مثيرة للقلق”، إلا أنه أشار أيضاً إلى أن تركيا تعدّ “حليفاً مهماً ويعوّل عليه في حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.

وقالت صحيفة “بيلد” الألمانية إنه لا ينبغي أن يمنح أحد فرصة التصعيد. وقد حظي هذا الأمر بمزيد من الاهتمام في المحادثات التحضيرية بين برلين وأنقرة.

وتخشى ألمانيا من تكرار ما حدث خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى برلين، في منتصف أغسطس 2022، حيث أثار ضجة بعد تصريحاته عن المحرقة. كما تخشى برلين من محاولة أردوغان استغلال الزيارة لإثارة المشاعر ضد إسرائيل، وضد اليهود، بين حوالي 1.5 مليون تركي يعيشون في ألمانيا. ما يزال في ذاكرة الحكومة الألمانية خطاب أردوغان السابق قي كولونيا مايو 2010.

لذلك أكدت صحيفة “بيلد” أن شولتس وأردوغان لن يشاهدا مباراة كرة القدم معًا في الملعب الأولمبي، يوم السبت. وقد يتم إلغاء الزيارة إلى الملعب بالكامل، أو أنه لن يسمح لأردوغان بمخاطبة المواطنين في الملعب، أو أية ساحات عامة أخرى.

وقالت “بيلد” إنه “كان من الواضح دائمًا للمستشار أنه لن يجلس في الشرفة الرسمية في ظل الوضع المحتدم. الاحتفال بالأهداف بينما تحتجز “حماس” رهائن، لا تزال إسرائيل تتعرض للهجوم، والمدنيون يموتون في قطاع غزة.. هذا غير مناسب”.

وينعكس الوضع المتوتر في حقيقة أن برنامج زيارة الرئيس التركي هزيل. حيث يصل أردوغان بعد ظهر الجمعة، ويستقبله أولاً الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في قصر بلفو. بعد ذلك، هناك عشاء في المستشارية مع شولتس مدرج على جدول الأعمال.

يدرك أردوغان أيضاً أن تركيا تعتمد على معاملاتها التجارية والاقتصادية مع ألمانيا في ضوء الانكماش الاقتصادي الذي تعاني منه بلاده. من ناحية أخرى، تعد أنقرة شريكاً مهماً لألمانيا والاتحاد الأوروبي.

وقالت بيلد إن ألمانيا مهتمة بإثارة موضوع قدوم اللاجئين إلى أوروبا.

وفي حين قد يطرح أردوغان نفسه كوسيط دولي في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، فإن ألمانيا ما تزال تنظر بحذر إلى ما يقوم به أردوغان، فالعلاقة بين شولتس وأردوغان وصفها الإعلامُ الألماني بأنها علاقة فاترة في الأغلب.

يذكر أن شولتس دعا أردوغان، في أيار/مايو الماضي، لزيارة برلين، بعد إعادة انتخابه رئيسا لتركيا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى