زراعة القات تجسد تشويه التغير المناخي لوجه الزراعة بأفريقيا

> «الأيام» سكاي نيوز:

> على الرغم من الآثار الكارثية العديدة الناجمة عن التغير المناخي الذي ضرب أكثر من 40 في المئة من مناطق شرق أفريقيا؛ إلا ان التوسع الملحوظ في زراعة "القات" يجسد أحد أبرز التشوهات التي ألحقها التغير المناخي بالقطاع الزراعي في بلدان المنطقة.

وبالنظر إلى التعرض الكبير لأفريقيا وهشاشتها وانخفاض قدرتها على التكيف؛ فمن المتوقع أن تكون آثار تغير المناخ أكثر حدة على الزراعة والأمن الغذائي.

وفي حين تعود زيادة الاهتمام بزراعة القات في المناطق الجبلية والصخرية في شرق أفريقيا إلى قلة تأثير التغير المناخي على تلك المناطق؛ إلا أن خبراء بيئيون يرون أن غياب الخطط والتوعية الحكومية هي التي أدت إلى اللجوء لزراعة القات بدلا من زراعة محصولات تسهم في تحسين الأمن الغذائي.

تغير الأنماط الزراعية

ووفقا للدكتورة حنان الأمين مدثر استشاري أنظمة البيئة والمياه والتنمية المستدامة، فإن تأثيرات التغير المناخي على القطاع الزراعي في أفريقيا لا يجب أن تكون سببا على الإطلاق لتغيير الأنماط الزراعية نحو توجهات ذات أضرار اجتماعية وصحية خطيرة مثل زراعة القات.

 وتقول حنان مدثر لموقع سكاي نيوز عربية "على الرغم من أن تغير المناخ قد يجبر المزارعين في بعض المناطق على تغيير أنماطهم الزراعية، إلا أن ذلك يجب أن يكون وفقا لأسس موائمة وتكيف صحيحة تقوم على توجيه المزارعين نحو انتاج محاصيل ذات قيمة اقتصادية واستثمارية وغذائية بدلا من السماح لهم باللجوء إلى المحصولات الضارة مثل القات".

وفي الواقع؛ كان تأثير التغير المناخي على المناطق الصخرية والجبلية في بلدان شرق أفريقيا أقل كثيرا مقارنة بمناطق الزراعة الأخرى، مما دفع بنسبة تقدر بنحو 15 في المئة من المزارعين إلى التركيز على زراعة القات التي اقتطعت جزءا كبيرا من المساحات التي كانت تستخدم تقليديا في زراعة الشاي والبن والمحصولات النقدية الأخرى في تلك البلدان.

وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها معظم بلدان المنطقة، فقد باتت العوائد الضخمة التي تحققها تجارة القات سببا في تخفيف التوجهات الداعية للحد من زراعته.

ارتفع اسهام "القات" في تجارة 4 من بلدان شرق أفريقيا وهي أثيوبيا وكينيا والصومال وأوغندا إلى أكثر من مليار ونصف دولار سنويا مع اتجاه نسبة كبيرة من المزارعين نحو زراعة هذا المنتج المحرم في الكثير من بلدان العالم والذي يعتبر مكملا للمناسبات الاجتماعية في عدد من بلدان شرق أفريقيا.

 وفي حين تصل صادرات اثيوبيا من القات إلى ما يقارب 500 مليون دولار سنويا؛ تصدر كينيا ما قيمته نحو 300 مليون دولار.

الاتجاه نحو زراعة القات

ومع تزايد تأثير التغير المناخي على المنتجات الزراعية الغذائية والصناعية، لجا العديد من مزارعي شرق أفريقيا خلال السنوات الثلاثة الاخيرة إلى زراعة القات؛ ففي إثيوبيا وحدها اقتطع القات أكثر من 7 في المئة من مساحات زراعة البن؛ مما دفع باحثين للتتحذير من أنه في غضون ما بين عقدين إلى ثلاثة عقود؛ ستتحول منطقة جنوب إثيوبيا المعروفة بانتاج البن إلى زراعة القات بشكل كامل.

وتوضح بييني تيكلو؛ الاستاذة والباحثة بجامعة "هواسا" في حديث لموقع سكاي نيوز عربية أنه إذا استمر الاتجاه الحالي فمن المتوقع أن تتلاشى تماما زراعة البن في البلاد بحول العام 2040.

وتعود أصول زراعة القات إلى نحو 700 عام عندما تم اكتشافه في مرتفعات منطقة "هرر" في إثيوبيا؛ وهي المنطقة التي لا تزال تتصدر الانتاج العالمي.

وتعتبر زراعة القات مصدرا رئيسيا لحياة أكثر من 3 ملايين أسرة في شرق أفريقيا، وتسهم بشكل كبير في توفير عملات صعبة لاقتصادات تلك البلدان؛ لكنها تشكل عبئا اجتماعيا واقتصاديا وصحيا كبيرا على تلك البلدان حيث يستنزف استهلاك القات نحو 30 في المئة من دخل الأسر في بعض البلدان مثل الصومال، مما يسهم في زيادة التفكك الأسري ورفع معدلات الطلاق.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 70 في المئة من سكان مناطق في الصومال وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا يتناولون القات بشكل يومي؛ وينفقون أكثر من مليار دولار سنويا لشراء القات.

وتزايدت خلال الفترة الأخيرة المطالبات في عدد من بلدان شرق أفريقيا بضرورة التدخل الحكومي من أجل محاربة زراعة القات والحفاظ على مساحات المنتجات الرئيسية كالبن والشاي والحبوب الغذائية باعتبارها تشكل مصدرا للدخل القومي، وتساعد في تحسين الأمن الغذائي في تلك البلدان الواقعة في منطقة تعتبر واحدة من أكثر بؤر العالم انعداما للأمن الغذائي.

 ويرى العديد من الخبراء أن من شأن زيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة ووضع سياسات محفزة للمزارعين أن يسهم في التخلي عن زراعة القات والحفاظ علر مساحات المحصولات الغذائية وزيادة انتاجها.

ويقول سمور تسيهاي الباحث في مجال التكنولوجيا الحيوية في جامعة قندر لموقع سكاي نيوزعربية إن هنالك حاجة ملحة لإدخال نهج أكثر علمية لتقليص المخاطر التي تواجه إنتاج الحبوب والمحصولات الغذائية.

ويوضح تسيهاي أن من بين أهم التدخلات المطلوبة العمل على تحسين البذور، وتدريب المزارعين على استخدام التقنيات الحديثة للتوسع الراسي وزيادة الإنتاج.

وفي ذات السياق؛ يشدد تسفاي أبيبي؛ أستاذ الزراعة في جامعة هواسا على ضرورة الاهتمام ببرامج الإرشاد الزراعي. ويوضح أبيبي في حديث لموقع سكاي نيوز عربية "إذا تم دعم المزارعين من خلال برامج الإرشاد التي تساعد على تحسين الإنتاج فإن ذلك سيشجعهم للعودة لزراعة البن والمحصولات الغذائية".

 نشاط رئيسي

  •     تعتبر الزراعة هي الدعامة الأساسية لسبل العيش والاقتصادات الوطنية في أفريقيا؛ وتشكل النشاط الرئيسي لأكثر من 55% من السكان؛ لكن الإنتاج انخفض بنسبة 34% منذ عام 1961 بسبب تغير المناخ؛ وهو التراجع الأعلى مقارنة بما شهدته مناطق أخرى من العالم.
  •     بسبب تراجع الإنتاج الزراعي؛ يتوقع أن تزيد الواردات الغذائية السنوية للبلدان الأفريقية بنحو ثلاثة أضعاف؛ من 35 مليار دولار حاليا إلى 110 مليار دولار بحلول 2025.
  •     يعد انعدام الأمن الغذائي واحدا من أخطر إفرازات التغير المناخي في افريقيا إذ بات يداهم نحو 800 مليون شخص في اي قرابة ثلثي سكان القارة البالغ عددهم 1.4 مليار؛ في حين ضرب الجوع فعليا أكثر من 270 مليونا، ما يعني أن واحد من كل 5 أفارقة يأوي إلى فراشه جائعا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى