احتجاز الحوثيين لسفينة شحن إسرائيلية يثير «جدل الحرب» بين اليمنيين

> "الأيام" القدس العربي:

> ​لقد أحدثت الحرب ثلمًا في الجسد اليمني من الصعب التئامه في المدى المنظور، وهذا الثلم يتجلى داميًا ينزف صديدًا في كل قضية رأي عام يذهب معها اليمنيون مذهبًا منقسمًا بدرجة متطرفة، تعكس مستوى الكراهية «صنيعة الحرب» التي باتت تنخر هذا الجسد الهزيل، وهو واقع يتجاوز الشارع إلى منصات الإعلام المحلي التي فقدت بريق استقلاليتها «المحمودة»، إذ وقعت تحت هيمنة قوة وتمويل أطراف الصراع، لدرجة لم يعد من السهولة معها الإمساك بالمعلومة، في ظل سياسة تظليل لا حدود لها.
يمثل حادث احتجاز الحوثيين لسفينة مملوكة جزئيًا أو كليًا لرجل أعمال إسرائيلي (أو لنقل إنها غير مملوكة له كما يروق للبعض أن يجزم بذلك- وإن كان أمرًا أقرته مواقف إسرائيلية رسمية) مرتكزًا لانقسام يمني جديد، هو انقسام يُفترض أن يكون طبيعيًا، إذ ليس من الضرورة أن تستدعي مع هذا الخلاف حمولة زائدة من العمى في انحيازك لهذا أو ذاك.

انقسمْ الرأي العام اليمنيّ بشأن احتجاز السفينة بين مؤيد للحوثيين في كل الأحوال وبين مؤيد للحكومة في كل الأحوال، وبالتالي الأول يؤمن والثاني ينكر والعكس، وبينهما مَن يؤيد وينكر الأحداث الأخيرة بناءً على موقفه هذا الطرف أو ذاك من فلسطين.

ففلسطين صارت بالنسبة له بوصلة، وبالتالي فأي فعل يصب في صالح معاناة ونزف فلسطين تجده يؤيده، سواء كان من هذا الجانب أو ذاك، معتبرين تفاصيل الخلاف بين طرفي الصراع شؤونًا داخلية يمكن تجاوزها لاحقًا. وبالتالي، كان تأييد هؤلاء لاحتجاز السفينة ينطلق من موقفهم مما تشهده غزة الجريحة من عدوان، وما يكنّوه من رفض واستهجان لإسرائيل، وهذا لا يعني إنكار انحياز الموقفين السابقين لفلسطين، لكن الموقف الثالث تجاوز مواقفه الداخلية من الأطراف، في سبيل انتصاره للمأساة الفلسطينية.

يقول مراسل قناة «الجزيرة» في عُمان، الصحافي اليمني سمير النمري، في تدوينة على منصة إكس: «لمتابعيّ من الأخوة اليمنيين، بيننا وبين الحوثي اختلاف كبير، ونحن نرفض انقلابه وطريقة حكمه جملة وتفصيلاً، ودفعنا ثمنًا باهظًا لمعارضته وغادرنا منازلنا منذ سيطرته على صنعاء وشمال اليمن في 2015 ولم نعد حتى الآن. لكن لكل شيء مقام. الآن نحن وإياه في خندق واحد أمام عدو مشترك، احتلال يقتل ويذبح الأطفال والنساء ويبيد المدنيين دون مراعاة لأحد، وتقاتل معه جيوش دول عظمى في حرب دينية تهدف للقضاء على المقاومة الفلسطينية.

وينبغي أن نشجع كل فعل يهدف لإيقاف الحرب على أشقائنا في فلسطين مهما كانت صغيرة أو كبيرة.

وأضاف: «عندما تنتهي الحرب مع الاحتلال (…) سنعود لتصفية حساباتنا الداخلية ولكل حادث حديث».

وردّ عليه وكيل وزارة العدل في الحكومة المعترف بها، فيصل المجيدي: «من قال إننا، وهو في خندق واحد؟! هم احتلال يمثل إيران وقبلها العنصرية. لا يمكن لطائرة مسيرة هنا أو خطف سفينة هناك أن تبيض قبيح جرائم الحوثي. لا تنسى أن تعز تُحاصر من قبل الحوثي منذ 9 سنوات كما تفعل إسرائيل بغزة».

كما كتب سمير تدوينة أخرى، أمس، في ذات الموضوع تطور فيها الموقف و ازداد حدة في الرد على منتقديه ومنتقدي احتجاز السفينة، قائلًا: «صهاينة العرب زعلانين أكثر من صهاينة إسرائيل بسبب سيطرة الحوثيين على سفينة إسرائيلية. قليل من الحياء، هي معادلة واحدة إما مع المقاومة الفلسطينية أو مع الاحتلال الإسرائيلي. لا يوجد موقف محايد».

فيما كتب رئيس تحرير صحيفة النداء، سامي غالب، في تدوينة مماثلة: «متغير اليوم هو اقتياد الحوثيين سفينة شحن إسرائيلية كانت في طريقها إلى المحيط الهندي، إلى ميناء يمني جنوب البحر الأحمر. وأضاف: «شعبية الحوثي، فلسطينيًا وعربيًا، ستزداد، أقله إن اليمن الفقير فعل شيئًا من أجل فلسطين. ومحليًا، فإن اليمنيين سينظرون بإعجاب إلى هذا التطور بصرف النظر عن عواقبه».

أما الصحافي خالد العلواني فكتب مشككًا بكل ما يحصل وذهب إلى القول: «الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية ويطلقون صواريخ تجاه فلسطين المحتلة ويسيطرون على سفينة صهيونية ويهددون بالمزيد ولا أحد يستطيع الرد، وهذا يعني أمرين: إما أن الحوثيين أصبحوا قوة عظمى تخيف أمريكا وأوروبا، أو أن الحوثيين جزء من لعبة أمريكية في المنطقة والسفينة تحمل لهم أسلحة».

فيما قال الصحافي والروائي، محمود ياسين، في تدوينة معتبرًا احتجاز الحوثيين للسفينة فعلاً قوميًا شجاعًا، وعلى اليمنيين أن يتقبلوه بشجاعة، منتقدًا مواقف بعض اليمنيين من الحادث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى