> «الأيام» القدس العربي:

الدرس الذي يجب أن تتعلمه عائلات المخطوفين بعد إقرار الصفقة في الكابينت لا لبس فيه: الضغط، والضغط ثم الضغط. اللقاءات مع ممثلي حكومات أجنبية أمر مهم، لكن الأهم منها هو اللقاءات مع وزراء الكابينت، والمظاهرات، والمسيرات، والجهد المستمر لوضع المخطوفين على رأس الأولويات؛ فباللطف لم تحقق هذه العائلات مبتغاها.

بات الجيش الإسرائيلي مقتنعاً بأن الضغط العسكري دفع السنوار لإبداء مرونة ما في شروط الصفقة وتوقيتها. هذا صحيح، على ما يبدو. وثمة مسيرة لا تقل أهمية اجتازها الجانب الإسرائيلي أيضاً. فالإدارة الأمريكية، وغانتس وآيزنكوت ودرعي أيدوا الصفقة؛ أما غالنت فأراد أن يعطي القوات المقاتلة مزيداً من الوقت، وسار مع قيادة الجيش. حملة العائلات هو ما حسم في نهاية الأمر.

لا يجب إحداث سوء فهم: الخيارات سيئة، والقرارات صعبة. الصيغة المبنية على الدفعات، ووقف النار، وبعده مزيد من وقف النار ومزيد من وقف النار، تصعّب العملية البرية المتواصلة الناجعة، وتشوش الخطط، بل تخلق إحباطاً في أوساط القوات، وتخلق ضغطاً في الميدان والجبهة الداخلية لتسريح قوات الاحتياط.

هذه ليست صفقة؛ فالصفقة كلمة نكراء حين يدور الحديث عن منظمة إرهاب. هذا ابتزاز، اضطرار.

لكن ما من مفر لدفع هذا الثمن في الوضع الناشئ؛ لأن البديل هو ترك المخطوفين لمصيرهم مرة أخرى بعد أن تركوا لمصيرهم في 7 أكتوبر، وهذا أكثر خطورة. فضلاً عن الثمن، كان سيجبي دماً أرواحاً وسيخلف وصمة عار أخلاقية لا تمحى عن جبين حكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي. وعليه، لم أفهم لماذا غذت محافل مغفلة داخل الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة المراسلين العسكريين بادعاءات ضد الصفقة. بعض من الادعاءات نزت عن رائحة صبيانية – أحد ما في الجيش خاف أن يخربوا عليه الخطة التي عمل عليها: إحساس القوة وبهجة النار. بعض الادعاءات لم تنسجم مع الحقائق؛ فكل من يعرف سياقات من هذا النوع يدرك قدوم اللحظة التي سيسير فيها الجميع على الخط، وزراء الكابينت وقادة الجيش وأذرع الأمن وكل المراسلين العسكريين، ثم ستختفي الادعاءات داخل الجيش دفعة واحدة. هذا ما حصل أمس.

سألت أحد قادة الحرب إذا كان يعارض صفقة تنطوي على وقف للنار، فرد: “إذا قالوا لنا توقفوا لبضعة أيام فسنتوقف. المهم ألا تتغير الأهداف: إسقاط حماس كمنظمة سلطوية، وتصفية قياداتها وإعادة المخطوفين”.

الهدفان الأولان سيكون تحقيقهما ممكناً حتى لو شوشت سلسلة الصفقات زخم الجيش الإسرائيلي. سيكون هذا أكثر تحدياً وسيتطلب وقتاً أطول.

ربما تجلب الصيغة علاوة إضافية: سيتحرر نصر الله من حاجة إثبات بأنه يناصر بالنار. الهدوء في الشمال قد يسمح بإعادة السكان إلى بعض من البلدات وإعادة بعض من جنود الاحتياط إلى الديار. فالمكوث الدائم في الفنادق هدام.

إن توقفات النار ستسمح للسنوار بتنظيم منظومته في جنوب ووسط القطاع على نحو أفضل، لكنها ستسمح للجيش الإسرائيلي أيضاً بتنظيم نفسه جيداً. كل يوم تصدر فيه قيادة المنطقة الجنوبية صفحة تعلم مع الأخطاء والعلل التي انكشفت، والسبيل إلى إصلاحها. ثمة ما يمكن عمله في الميدان حتى في أثناء وقف النار.

حماس منظمة إرهاب، وكلمتها ليست بالضرورة كلمة. حتى بعد إقرار الحكومة، فلا مفر من المتابعة لتحققها، إذا ما كان كل ما اتفق عليه سينفذ، في التوقيت الذي اتفق عليه. نأمل فتح الطريق التي قد تؤدي بنا إلى تحرير معظم المخطوفين في غضون وقت غير طويل. هذا هو ما يمكن تحقيقه.

لا مكان لطبول النصر، ولا حتى ذرة منه. فالادعاء الذي فهم من تصريحات نتنياهو، وكأن إسرائيل حققت إنجازاً كبيراً في المفاوضات، أمر بعيد عن الحقيقة. فهذه هي ذات الصفقة التي اقترحها رئيس حكومة قطر في الأسبوع الأول للحرب، مع تغييرات طفيفة. إسرائيل لانت قليلاً، وحماس أيضاً. بالإجمال، السنوار أخذ ما أراده.

كما كان متوقعاً، فإن اثنين من رؤساء الائتلاف وقفا ضد الصفقة: سموتريتش وبن غفير. كان يمكن القول في فترات أخرى: عارضا ذلك لأنهما يعرفان بأن الأغلبية ستصوت إلى جانب القرار. كما أنهما يعفيان نفسيهما من المسؤولية ويضمان أيضاً مزيداً من الناخبين. هما مزدوجا الوجه لكنهما ليسا نذلين. يثبت الاثنان مع كتلتيهما، بأنهم يعيشون في دولة خاصة بهم، في كراهيتهم، في شرهم. لا سبيل لإنقاذ إسرائيل من الهوة التي وقعت فيها في 7 أكتوبر، بينما هؤلاء يشكلون جزءاً من الحكم.

 يديعوت أحرونوت