> «الأيام» سكاي نيوز:

مع تزايد الهجمات المتبادلة بين الفصائل المسلحة الموالية لإيران والقوات الأميركية في العراق وسوريا، والتي باتت شبه يومية، تطرح التساؤلات حول مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق، والذي يقارب تعداده نحو 2500 جندي.

وفي آخر التطورات، أعلنت واشنطن، الخميس، عن تعرض قواتها إلى 4 هجمات في العراق في قاعدتي عين الأسد بمحافظة الأنبار غربا وحرير بمحافظة أربيل شمالا، وسوريا في قاعدتي حقلي العمر وكونيكو في محافظة دير الزور شرقا.

حصيلة الهجمات

ووفق المصادر الرسمية في واشنطن، فإنه حتى الخميس، وقع 36 هجوما في العراق و37 في سوريا ضد القوات الأميركية، بواقع 73 هجوما منذ منتصف أكتوبر الماضي.

وكانت القيادة المركزية الأميركية، قد أعلنت الأربعاء، عن تنفيذ ضربات منفصلة ودقيقة ضد منشأتين في العراق.

وقالت القيادة: "إن الضربات أتت ردا مباشرا على الهجمات التي شنتها إيران والجماعات المدعومة منها ضد القوات الأميركية وقوات التحالف، بما في ذلك الهجوم الذي وقع في العراق واستخدمت فيه صواريخ باليستية قصيرة المدى".

وأدانت بغداد الهجمات الأميركية الأخيرة، معتبرة إياها خرقا لسيادة البلاد، لكنها شددت في بيان صدر عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على أن الحكومة العراقية هي "الجهة المسؤولة دستوريا، عن رسم وتنفيذ سياسات الدولة، وحفظ النظام والاستقرار، والدفاع عن الأمن الداخلي".

وأضاف: "أي عمل أو نشاط مسلح يتم ارتكابه من خارج المؤسسة العسكرية، يعد عملا مدانا ونشاطا خارجا عن القانون، ويعرض المصلحة الوطنية العليا للخطر، وأن أية عناصر مسلحة أو غيرها لا تلتزم بهذا المبدأ فإنها تعمل بالضد من المصلحة الوطنية العليا"، مؤكدا أن "الحكومة ستتخذ الإجراءات الضرورية للدفاع عن مصالح العراق العليا".

ويستبعد مراقبون أن تقود سلسلة الهجمات المتتالية على القوات الأميركية، والتي أوقعت عشرات الإصابات وغالبها خفيفة بين عسكريين وموظفين أميركيين، لدفع واشنطن لسحبها من العراق، معتبرين أنها بالعكس ستدفع نحو تعزيز وتوسيع الوجود الأميركي.

فيما يشير خبراء إلى أن تواجد هذه القوات بشكل قانوني ووفق اتفاقيات شراكة بين بغداد وواشنطن، يجعل من استهدافها خطرا بالدرجة الأولى على أمن العراق ومصالحه والتزاماته الدولية.

يقول رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، رائد العزاوي، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":

  • لا شك أن تصاعد هذه العمليات هو بالعكس يزعزع أمن العراق واستقراره ويضر بسمعته ويخل بالتزاماته الدولية، ولهذا فالعراق لا بد له من لجم هذه الجماعات كونها تهدد البعثات والمقار العسكرية والدبلوماسية المتواجدة فيه بصورة رسمية.
  • لا يجب جر العراق لحرب إقليمية بالإنابة عن الغير، خاصة وأن القضية الفلسطينية لا يتم حلها وفق أساليب العنف والصراع الدموية وإشعال حروب وفتح جبهات متعددة، وإنما وفق آليات قانونية منبثقة من الشرعية الدولية.
  • لهذا فليس واردا أن ينسحب الأميركيون جراء هذه الهجمات، والتي رغم تكرارها لكنها ليست مؤثرة ولم تخلف ضحايا في صفوف القوات الأميركية، وهو أمر إن حدث فسيدفع نحو رد فعل أميركي عنيف وقاس ضد تلك الجماعات وليس الانسحاب تحت ضغط هجماتها.

بدوره، يقول الدبلوماسي السابق وأستاذ العلاقات الدولية غازي فيصل، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية":

  • واشنطن لن تتخلى عن أهدافها ومصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط عامة وفي العراق خاصة، ولا سيما لحفظ أمن الطاقة وضمان الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم، على وقع هكذا هجمات.
  • لهذا لا يمكن للولايات المتحدة الانسحاب من العراق، علاوة على أن وجودها العسكري فيه هو نتاج اتفاقية شراكة استراتيجية مع بغداد موقعة منذ 2008، والنافذة لغاية اليوم، وهو وجود محوري في استراتيجيات النفوذ الأميركي عالميا، كوننا نتحدث عن منطقة تمثل حلقة وصل بين قارات العالم وتحظى بثقل اقتصادي وجيو سياسي.
  • فعلى العكس، ستعزز واشنطن من حضورها وتصديها للجماعات المسلحة الموالية لطهران، وهو ما بدا واضحا مع الانتقال لاستهداف هذه الجماعات داخل العراق أيضا وليس فقط في سوريا.
  • البقاء الأميركي لا يلبي فقط حاجة واشنطن، بل هو يخدم كذلك تكريس الأمن والاستقرار في العراق ومكافحة الإرهاب فيه وخاصة تنظيم داعش، الذي لا زال يشكل خطرا داهما، ولهذا فالانسحاب الأميركي من العراق هو غير مطروح بتاتا في دوائر صنع القرار لا في واشنطن ولا في بغداد.

الإطار الاستراتيجي

في عام 2008، وقع العراق مع الولايات المتحدة اتفاقية "الإطار الاستراتيجي"، التي تخص التعاون والصداقة، حيث وقع الاتفاق عن الجانب الأميركي السفير السابق رايان كروكر، وعن الجانب العراقي وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في يناير 2009.

الاتفاقية تتضمن 11 بندا تتناول المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وتحدد روابط علاقات طويلة الأمد بين واشنطن وبغداد، وفق مبدأ المساواة في السيادة والحقوق والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والمصالح المشتركة بين البلدين.