الاستحقاق الجنوبي غير قابل للتصرف

>
1- انتهت الحرب شكليًا ولكنها لم تنته عمليًا بعد لأنها كانت ولا زالت حرب مركبة غير قابلة للحل السريع لانخراط العامل الإقليمي والدولي والكل يعتبر أنه قاب قوسين أو أدنى من الانتصار لكنهم في المحصلة الأخيرة لا أحد منهم منتصر لأن الانتصار يلحقه سلام عادل وهذا غير متوفر في المدى المنظور والحقيقية كانت اليمن ميدان لصراع إقليمي بأدوات محلية وتحت أنظار ناظم دولي الذي يتدخل ولم يسمح لانتصار أحد من المتصارعين وستظل الأزمة مفتوحة لأمد طويل لأن الأطراف المنخرطة بالصراع وداعميها لم تعترف بجذر الصراع والأسباب الحقيقية للأزمة وإنما تريد أن تتعدى ذلك وترغب في فرض أجنداتها الغير واقعية.

2- جذر الصراع في اليمن هي الوحدة الفاشلة بين الجنوب والشمال التي تحققت سلميا بين قوى سياسية محددة وهما الحزب الاشتراكي اليمني ممثلا عن الجنوب وحزب المؤتمر الشعبي العام ممثلا عن الشمال، وما أن تمت الوحدة حتى ذهب المؤتمر لتنفيذ الخطة (ب) المتفق عليها سلفًا مع جمع من مشايخ اليمن بعد سحب  البساط، الشرعي الدولي للجنوبيين واعتبارهم مواطنين عاديين مما يسهل تصفيتهم  وتوزعت الأدوار بينهم فريق شكل حزب الإصلاح وظل الفريق الآخر يلعب سياسة مع شريك الوحدة الجنوبي ترافق ذلك إطلاق عناصر الجهاديين الأفغان لاغتيال الجنوبيين وإرهابهم وسارت الخطة إلى مداها الأخير حتى كان اجتياح الجنوب واحتلاله بالقوة المسلحة وكانت تلك الأسباب الرئيسية لفشل الوحدة.

3- مرت السنوات وتصدع التحالف اليمني وتناسل إلى حروب متعددة وجاء الربيع العربي وأطاح بالمنظومة السياسية والقبلية الحاكمة أدى إلى اختيار شرعية مؤقتة وكل ذلك هو صراع شمالي شمالي على السلطة وتقاسم الكعكة الجنوبية فيما بينهم ولا علاقة للجنوب بهذا الصراع وتم الانقلاب على تلك الشرعية في صنعاء وأول عمل قام فيه الانقلاب توجيه الجيش اليمني لاحتلال الجنوب بحجة مطاردة الدواعش وفي نظرهم كل الجنوبيين دواعش ليرضوا في ذلك زعيم العالم المتحضر المفتون بمحاربة الدواعش والذي منحهم  الضوء الأخضر  لاحتلال الجنوب، نتج عن ذلك حرب إقليمية طال أمدها بسبب انخراط الإقليم والعالم فيها وأخذت الحرب أبعاد دولية وإقليمية كل منهم يشد من جانبه وفق أجنداته البعيدة وفي البداية كان الدعم للشرعية المعترف بها دوليا) ولكن بقدرة قادر نسى الجميع الانقلاب، ونسوا أيضا عودة الشرعية إلى صنعاء وتحولت الشرعية لحكم الجنوب وكأن الأمر انتهى عند هذه الحدود وشرعوا في فرض هدن ومفاوضات بعيدة عن الأنظار مع الحوثي مستثنين ممثلي الجنوب، أما الشرعية الصورية ظلت بعيدة عن ما يدور عن تلك المفاوضات ومهمتها التأييد فقط ومع إعلان اقتراب التوقيع في كل مرة كان الحوثي يرفض التوقيع رغم أنه الوحيد الذي يجري التفاوض معه وهذه المرة الثالثة التي يرفض التوقيع ومع ذلك تتوقف المفاوضات وتشد رحال المفاوضين الإقليميين والدوليين إلى صنعاء لمراضاته. 

4- ماذا لو كان ممثلو الجنوب رفضوا التوقيع على الاتفاقات والتي أصلا لم يكونوا طرف فيها؟ كيف سيكون الوضع؟ هل سيتم تأجيل المفاوضات؟ وهل سيذهب ممثلو الدول والإقليم المتفاوضة بعد الانتقالي إلى عدن لمراضاته؟ أم أن الأمر سيختلف؟ أتمنى على الانتقالي أن يرفض التوقيع المرة القادمة ونشوف كيف سيكون الكيل هل هو نفسه أم غيره؟

5- نعرف أن الحوثي حظي بدعم إقليمي ليس من إيران وحدها ولكن هناك دول إقليمية تقدم له الدعم بأشكال مختلفة وكذا حظي بدعم أمريكي وأوروبي رغم معرفتهم المسبقة بأنه انقلب على سلطة شرعية أي أنه حطم كل المعايير الديمقراطية التي يتشدق بها الأوروبيون  والأمريكان ويحاربوا العالم من أجلها، لكن بالنسبة للحوثي الأمر مختلف تماما ولهذا ساهموا جميعا في تمكينه في البقاء والصمود، إضافة إلى مساهمة الشرعية التي كان يسيطر عليها حزب الأخوان المسلمين وكذا الشرعية البديلة التي أسهمت أيضًا في دعمه حتى أصبح أمر واقع  يملك ترسانة من الأسلحة صواريخ ومسيرات  وغيرها  يهدد بها الإقليم والعالم وفي المقابل لم يحظى الجنوب المنتصر بالدعم المطلوب بل على العكس تعرض لحصار محكم من قبل الشرعية وغيرها .

6- تمكن الحوثي من الحصول على ترسانة مهمة من الصواريخ بأنواعها المختلفة وكذا الطائرات المسيرة وغيرها من الأسلحة النوعية ووظفت له ممرات آمنة تصله عبرها الإمدادات التي عززت من مكانته العسكرية وأصبح اليوم يفرض شروطه يوافق وينقض الاتفاق في أي لحظة ويدير لعبة المفاوضات مستندا إلى الخبرة الإيرانية في هذا المجال حتى يصل مبتغاه في نهاية المطاف وكل تلك الأطراف تعمل لشرعنته لإدارته لليمن  وتقليص معارضيه إلى الحد الأدنى ويمكن للشرعية اليمنية التعايش مع نظام الحوثي ولكن لم يحسبوا أي حساب للجنوب  الذي انتصر عَلى الحوثي في كافة الجبهات ولا اعتقد أنه سيقبل هذه التوليفة، السؤال كيف يفكر هؤلاء هل باستطاعتهم دمج نظام ولاية الفقيه المستوردة من الخارج على واقع الجنوب؟ اعتقد الجواب واضح أن ذلك غير ممكن لأن بيئة الجنوب تختلف بشكل جذري عّن البيئة السياسية والاجتماعية الموجودة في اليمن ولهذا لن يقبلوا مثل هذه التسوية بدمج نظامين متعارضين في نظام واحد ومعروف الحوثي لن يتنازل عن السلطة أو عن مكاسبه وهو يرى الدلع والدعم من قبل جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية فهو لم يقبل بالاتفاقات التي يتم التوصل معه فيها بغياب الأطراف الأخرى فهل سيقبل بشراكة معه في السلطة والكتاب مبين من عنوانه لذا إعادة الحسابات مسألة ضرورية لإحقاق الحق والعدل فللجنوب استحقاق غير قابل للتصرف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى