“الكل مقابل الكل”.. إسرائيل على مفترق طرق يرسمه السنوار

> «الأيام» القدس العربي:

> أطلقت حماس أمس سراح المجموعة السادسة التي شملت 12 مخطوفاً، وتعهدت للوسطاء القطريين بإطلاق سراح المزيد من الإسرائيليين الذين تحتجزهم في القطاع في الأيام القادمة. مجموعة المحررين تشمل أيضاً محتجزتين من روسيا تم اختطافهما إلى غزة، في خطوة وصفت بأنها بادرة حسن نية من قبل حماس تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أمس، تم اكتشاف صعوبات في المفاوضات عندما أعلنت حماس نيتها إطلاق سراح عدد أقل من النساء والأطفال، إضافة إلى عدد من الجثث لمخطوفين. إسرائيل رفضت ذلك، وكان تمديد الهدنة في خطر. الآن، يبدو أن الأزمة تقترب من الحل وستستمر الهدنة.

لكن بسبب أن حماس تريد الاحتفاظ بالمخطوفين الذين تعتبرهم ورقة مساومة أكثر أهمية، 100 إسرائيلي تقريباً من الجنود والمجندات والفتيات والشباب، فإن الاتصالات حول الصفقة قد تصل إلى طريق مسدود في بداية الأسبوع القادم كما يبدو. ستزداد في هذه الظروف احتمالية هجوم إسرائيل على القطاع وبقوة أكبر. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قال أمس: “سنعود إلى القتال حتى النهاية”.

مؤخراً، نشرت تقارير، بالأساس توقعات، عن صفقة تشمل “الجميع مقابل الجميع”، التي وضعت على الطاولة. اقتراح قطر إطلاق جميع المخطوفين لدى حماس مقابل جميع (أو معظم) آلاف السجناء الفلسطينيين في إسرائيل إضافة إلى وقف بعيد المدى لإطلاق النار. وحتى لو كان هناك جس نبض حول ذلك، فلا يظهر أنه الآن كعرض عملي. مشكوك فيه أن يحصل على دعم واسع من الجمهور في البلاد.

من غير المستبعد أن التسريبات حول هذا العرض قد استهدفت خدمة نتنياهو بالذات، الذي يريد إرسال صورة لمن يصمم على رأيه أمام الضغوط الخارجية. رئيس الحكومة، الذي هبط تأييده في الاستطلاعات، يطرح نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه منع إقامة الدولة الفلسطينية. وقف كامل لإطلاق النار بدون هزيمة حماس كسلطة وكقوة عسكرية، لا يلبي أهداف الحرب المعلنة، وقد ينهي حياة نتنياهو السياسية.

لحماس وقطر اعتبارات أخرى. من المرجح أن حماس –كما تقول- قد حققت انتصارها في 7 أكتوبر عندما شنت على إسرائيل هجومها الإرهابي الأكبر في تاريخها. إطلاق سراح جماعي للسجناء سيرسخ مكانتها على أنها الجهة الفلسطينية الوحيدة، في الحقيقة العربية، التي سببت لإسرائيل الإهانة المزدوجة، وسيضمن لها الدعم الواسع في “المناطق” [الضفة الغربية] والعالم العربي. لقطر مصلحة في صفقة تنتهي بإنقاذ سلطة حماس، فهي استثمرت مليارات الدولارات في نظام السنوار، واتفاق جديد بمساعدتها في القطاع المدمر قد يضمن لها موطئ قدم أوسع، سياسياً واقتصادياً، على شاطئ البحر المتوسط.

ثمة لاعبون آخرون مصالحهم معقدة؛ فالولايات المتحدة تريد فرض القيود على العمليات العسكرية الإسرائيلية، لكنها لا تحاول في هذه المرحلة أن تفرض على إسرائيل أي صفقة أو تمنعها من مواصلة العملية العسكرية في القطاع، في حين أن الدول العربية المعتدلة في المنطقة تتحدث بصوتين. بشكل علني بعضها، مثل مصر والأردن، يتساوق مع شعوبها ويدين قتل المدنيين في عمليات الرد الإسرائيلي، ومن وراء الكواليس تتوسل كل القيادات في المنطقة، بما في ذلك دول الخليج، إلى إسرائيل من أجل إنهاء المعركة ولكن بهزيمة حماس، التي تعتبرها عدوة خطيرة من الداخل.

المشكلة هي، حسب مصادر أمنية إسرائيلية، أن إسرائيل ستجد نفسها خلال بضعة أيام تقترب من الحائط. حماس ستنتهي من إعادة المخطوفين في القائمة الأولى (أمهات وأطفال ومرضى وجرحى) أو ستعلن بأنها تخفق في العثور على بعضهم. ادعت حماس أمس بأن أبناء عائلة بيبس، الأم شيري وأولادها أريئيل والرضيع كفير، قد قتلوا في الأسر.

ستكون هناك حاجة إلى صفقة أخرى أصعب من حيث الإنجاز في أعقاب الثمن الذي ستطلبه حماس من إسرائيل. وبدون الصفقة، سيعمل الجيش الإسرائيلي بقوة وسيزداد الخطر على حياة المخطوفين، سواء بسبب القتال نفسه أو بسبب الظروف القاسية التي تنبع منه أو بسبب التنكيل بهم من قبل حماس.

يجدر النظر بواقعية إلى المعارك التي جرت حتى الآن. فحماس منيت بخسائر فادحة وأضرار جسيمة في شمال القطاع، وفقدت السيطرة المدنية هناك. ولكن يبدو أنها بعيدة جداً عن الهزيمة عسكرياً. ومن المحتمل أن يفضل السنوار المخاطرة ومواصلة القتال على فرض أن إسرائيل لن تتورط بعملية عسكرية في الجنوب، لأن القوات ستضطر للمناورة وسط كثافة سكانية كبيرة جداً. ولا يمكن استبعاد احتمالية أن رئيس حماس يفضل نهاية على صورة الشهيد في المعركة.
   طلب أمريكا

بين اللقاء الذي جرى بين رؤساء الاستخبارات الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية والمصرية والقطرية، بأنه تمت مناقشة اقتراح جديد لقطر، يهدف إلى تقسيم المخطوفين الذين سيبقون في القطاع في المرحلة الحالية إلى فئات فرعية من أجل إطلاق سراحهم فيما بعد. “واشنطن بوست” اقتبست مصدراً مطلعاً ظهر مثل المستضيفين القطريين، قال إنه تم التحدث عن تقسيم ذلك إلى خمس فئات: رجال مسنين لا يمكنهم الخدمة في الاحتياط (حماس تصمم على التعامل مع المخطوفين الرجال كجنود محتملين)، ومجندات، ورجال هم أيضاً جنود في الاحتياط، وجنود في الخدمة النظامية والإلزامية، وجثث لمخطوفين محتجزين في القطاع. حسب أقوال هذا المصدر، لم تتم بعد مناقشة طريقة إطلاق سراحهم والثمن الذي ستحصل عليه حماس وحجم المساعدات الإنسانية التي ستدخل إلى القطاع.

في المحادثات بين الإدارة الأمريكية وممثلين عن إسرائيل، تم طرح عدة اقتراحات أمريكية؛ فالولايات المتحدة معنية في الأيام القريبة القادمة بمواصلة الدفع قدماً بصفقة تبادل مع تمديد لوقف إطلاق النار. وهي تفضل أنه إذا تم استئناف المعارك، فعلى إسرائيل أن تركز في البداية على تعميق العمل في شمال القطاع بدلاً من العمل بصورة موازية في الجنوب المكتظ. وهي تريد من الجيش الإسرائيلي الحرص في استخدام السلاح بدقة أكبر، واتباع الحذر قرب التجمعات السكانية.

يبدو أن لحظة القرار تقترب الآن. أمس، صادق رئيس الأركان هرتسي هليفي، على خطط لاستئناف العملية العسكرية. وعرض “كابنت الحرب” خطة هجوم الجيش الإسرائيلي لجنوب القطاع، بما في ذلك التعامل مع تحد كبير سيكون مقروناً بنقل المدنيين الفلسطينيين إلى داخل منطقة نصف من هم فيها طردتهم إسرائيل الشهر الماضي عندما طلبت منهم الانتقال من شمال القطاع إلى جنوبه.

عاموس هرئيل

هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى