راتب المعلم لا يكفي للعيش الكريم..المعلم من مربي للأجيال إلى عامل بالأجر اليومي

> هشام عطيري

> يعلمون يلجؤون إلى أعمال شاقة لتحسين معيشتهم

> من الغريب والعجيب أن تجد معلمًا في أي دولة من دول العالم يعمل بأعمال أخرى غير التعليم إلا في بلادنا، حيث تسببت الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتدني مستوى المرتبات وارتفاع أسعار العملة الصعبة إلى اندفاع الكثير من المعلمين الذين ينقلون الرسالة السامية للمجتمع ولهم الفضل على الكثير من الطلاب المبرزين في مختلف المجالات للعمل في أعمال أخرى شاقة لتوفير لقمة العيش؛ لأن الراتب لا يكفي فتحول هذا المعلم إلى عامل في السوق ومزارع وحمال.

معلم بائع للخضار في سوق الحوطة


في سوق الحوطة لاحظنا شابًا بالعقد الرابع من العمر يبيع الخضروات والبطيخ اسمه سامي مهدي يعمل معلمًا في إحدى مدارس لحج، يقول لنا لا تستغربوا فغلاء المعيشة وقلة الرواتب هي ما اضطرنا للعمل في بيع الخضار والفواكه في السوق بهدف تحسين المعيشة، فالراتب لا يكفي مواصلات الذهاب والإياب للمدارس الواقعة في مناطق بعيدة عن مدينة الحوطة، حيث ندفع مبالغ مالية للمواصلات وما قدرنا نوفر لأولادنا العيش الكريم من الراتب الذي نستلمه لذا لجئنا للعمل في السوق، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 200 مدرس يعملون في أعمال مختلفة في الأسواق والمزارع بالأجر اليومي من أجل تحسين معيشتهم، مناشدًا الجهات المختصة برفع المرتبات وتحسين أوضاع المعلمين.

المعلم العامل في المزرعة


إلى السوق في مدينة الحوطة إلى أرياف لحج حيث تنتشر الأراضي الزراعية في دلتا تبن وتجد عشرات العاملين في المزارع من النساء والرجال ممن لا يجدون مصدر دخل ثابت وخاصة خلال المواسم الزراعية، أنيس حسن عبيد أحد العاملين في المجال الزراعي حيث يعمل بالأجر اليومي ولكن المزارع حسن هو في الأصل يعمل كمعلم في مدرسة القرية دفعه الوضع المعيشي وغلاء الأسعار للعمل في أشغال عضلية للإيفاء بمتطلبات أسرته، يعمل حسن كمدرس في الصباح بالمدرسة وبعد الظهر يعمل كمزارع بالأجر اليومي للحصول على مبلغ مالي يساعده في الحياة اليومية له ولأسرته، يقول حسن إن الأعمال التي يعملها في المزرعة تعد أعمال شاقة ومرهقة ويأمل حسن أن تتحسن الأوضاع وتلتفت الجهات المسؤولة للمعلم وتسوية أوضاعهم المعيشية، مشيرًا إلى أن تأخير الرواتب زاد الطين بِلة.

يُعبّر علوي خالد وهو معلم عن أسفه للمستوى الذي وصل له المعلم في البلاد، مشيرًا إلى أن المعلمين اضطروا للعمل بأعمال أخرى قد تكون بعضها شاقة وصعبة لتوفير لقمة العيش وهي من تدفع المعلم للعمل في أعمال أخرى ومن العيب على المعلم أن يعمل بأعمال أخرى فيشاهدك طلابك وأنت تعمل في مزرعة أو معك مفرش في السوق ولكن هذه لقمة العيش.

الأعمال الأخرى أخذت جهدًا من هذا المعلم


مدير التربية بمديرية الحوطة عبدالله شمل قال، إنه لوحظ خلال هذه الفترة معلمين اتجهوا إلى أعمال أخرى خارج الدوام الرسمي تسببت في إرهاقهم وتعبهم وأثر على العملية التعليمية والتربوية وهذا يعود إلى ارتفاع الأسعار وارتفاع العملات الصعبة والراتب لم يتغير لهذا اتجه بعض المعلمين لأعمال أخرى وهذه الأعمال أخذت جهدا من هذا المعلم من أجل تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي وأثرت عليه في الجانب التعليمي، مشيرًا إلى أن كل دول العالم نهضت بسبب التعليم لكن للأسف نحن أصبح عندنا التعليم متدهور بسبب عدم الاهتمام بهذا المعلم نحن نطالب بإعطاء المعلم الأولية لكي يعود التعليم إلى ما كان عليه سابقا.

تغطية العجز في تلبية احتياجاتهم الضرورية


لطف البان الأمين العام للنقابة العامة للمعلمين والتربويين الجنوبيين ورئيس نقابة لحج قال، إن قيام بعض المعلمين بأعمال أخرى سواء كانت في الأسواق أو في الجوانب الاقتصادية أو الزراعية من حقهم، فبعد انتهاء واجبهم في المدرسة لتغطية العجز في تلبية احتياجاتهم الضرورية وخصوصًا أن الراتب الذي أصبح لا يغطي ولا يلبي الحياة المعيشية للمعلمين نظرًا لارتفاع سعر المواد الغذائية واقع المعلمين في ظل الأوضاع الاقتصادية أصبح واقعًا مأساويًا وانهيارًا معيشيًا وكارثيًا بحيث إن الراتب أصبح حاليًا لا يساوي شيئًا ولا يغطي متطلبات الحياة المعيشية ونحن في نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين نطالب الحكومة بصرف حقوق ومطالب المعلمين والتربويين بل نطالب بالحياة الحرة والكريمة للمعلمين، كما نناشد المنظمات الدولية بالتدخل في دعم المعلمين بكل الوسائل والطرق لاستقرار العملية التعليمية ووضع المعالجات السريعة لهذا التدهور المعيشي الكارثي الذي ينذر بثورة عارمة تجتث الفساد والمفسدين.

يقلل من قيمته

عبدالنور سعيد سيف حازم نائب رئيس اتحاد عام نقابات عمال الجنوب لحج، يشير إلى أن واقع المعلمين في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وبقاء الراتب التي يتحصل عليه الموظف بشكل عام والمعلم على وجه الخصوص كما هو، أصبح شيئًا لا يطاق ولا يمكن لإنسان أن يتحمله فراتب الموظف والمعلم على وجه الخصوص 50 ألف ريال، فماذا برأيك يعمل فيه هل هو إيجار أو للمواصلات التي يذهب بها إلى المدرسة لكي يؤدي الرسالة والأمانة التي هي على عاتقه وهي التدريس أم هي حق الماء الذي يشربه أم هي مصاريف الأولاد للذهاب للمدرسة أو لشراء المواد الغذائية لأسرته فبهذه الأسباب وغيرها لجأ الموظف والمعلم على وجه الخصوص للعمل في القطاع الخاص لتحسين دخله ولكي يصرف على أسرته فقد لجأ للعمل في المزارع وسياقة الدراجات وفي المفارش في الأسواق لبيع الخضرة والأسماك والعمل في المطاعم وهناك من ذهب للجبهات وكذلك من هم يعملوا في المحلات التجارية وغيرها من الأعمال لكي تستقر الحالة المعيشية له ولأسرته فبرأيي أن هذا غير صحيح لكن طالما وأن الحكومة لم تهتم به ولم تحسن من معيشته من خلال زيادة في رواتبه فمن حقه أن يلجأ لهذه الأعمال رغم أني لا أوافق عليها لأن المعلم عندما يلجأ لهذه الأعمال يقلل من قيمته واحترامه لدى الطلاب والمجتمع.

يجمع بين الأمرين


خالد الباشا رئيس التوجيه بتربية تبن يبين أن واقع المعلم وواقع التعليم في بلادنا مؤلم وذلك لأن راتب المعلم زهيدًا ولا يكفي لمتطلبات معيشته هو وأسرته في ظل ارتفاع جنوني للأسعار وفي ظل تدهور قيمة العملة المحلية وفي ظل عدم وجود حكومة تهتم بالمعلم وتستجيب لمطالبه المشروعة مما ينعكس سلبًا على أدائه في الواقع.

أعتقد أنه لا يلام أي معلم في ظل هكذا وضع مأساوي من أن يبحث عن مصادر رزق تبقيه وأسرته على قيد الحياة ومن المستحسن باعتقادي أن يجمع المعلم بين الأمرين وألا يدع مهنته ورسالته التنويرية في تعليم الأجيال وإن ضاعف جهده في ذلك لأن المرحلة استثنائية والضرورة الوطنية تقتضي ذلك.


كمعلم أطالب مجلس الرئاسة اليمني والحكومة اليمنية والسلطات المحلية في المحافظات وكل المعنيين الاهتمام بالمعلم كونه أساس العملية التعليمية إذ (لا تعليم ناجح بلا معلم فعال) نطالب بزيادة راتب المعلم ليعيش آمنًا مستقرًا اقتصاديًا بعيدًا عن هموم توفير لقمة العيش، كما نطالب بصرف العلاوات والتسويات المتأخرة وكل مستحقات المعلم السابقة والحالية كاملا، ليؤدي دوره كما يجب في تنشئة الأجيال لبناء وطن ينعم شعبه بالحياة الهانئة والمستقرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى