عودة نظام الجزرة والعصا عودة لنظام الفساد والإفساد

> هناك أنظمه تسللت إلى السلطة في غفلة من الزمن وبدفع ومساعدة مباشرة من قوى إقليمية ودولية، لرسم مستقبل البلاد وفق أجندات تبقيها في تخلف وجهل ومرض، وبالمحصلة لم تعمل تلك الأنظمة على بناء مشروع دولة وطنية حديثة، وإنما كرست جهدها لإبقاء النظام القبلي والطائفي كمرجعية للتحكم والسيطرة على الشعب، مستخدمة أجهزة قمعية تم بناؤها أيضًا بمساعدة وإشراف إقليمي ودولي، طبعًا رافق ذلك كم كبير من الشعارات الوطنية الرنانة، والتي لم تطعم جائعًا، ولا تشفي مريضًا، ولا تربي إنسانًا، صالحًا يخدم الوطن.

شاءت الأقدار أن يتوحد الجنوب مع الشمال في مرحلة تاريخية فارقة، حيث وضع المشروع النهضوي بيد عصابة قبلية طائفية، وبدلًا من أن توضع الخطط لاستنهاض القوى الوطنية لوضع الإمكانيات في خدمة التطور وبناء دولة وطنية حديثة، اتجهت صوب الاستحواذ والهيمنة والإقصاء، ما أدى إلى إفراغ مضمون الوحدة الوطني والتنموي والنهضوي، وبدلًا عنها خلق صراعات مستدامة باستخدام كافة الأسلحة المتخلفة، وألهت الجمهور بهذه الفوضى العارمة، واتجهت إلى الاستحواذ على الثروات الوطنية وتحويلها من ملكية الشعب إلى ملكية شخصية، ولأفراد ينتمون إلى نفس الطائفة والقبيلة، واستجلبوا شركات عالمية وسلموهم الجمل بما حمل مقابل حمايتهم، والحصول على الفتات من ريع هذه الثروات، وما زالت تلك الثروات تحت تصرفهم حتى اليوم.

ولتغطية ذلك كنا نسمع ضجيج الآلة الإعلامية للنظام تضخ معلومات مغلوطة وتعبي الشعب الغلبان على أن النظام تعرض لمؤامرة الردة والانفصال، بسبب فقدان البعض لمصالحهم والخ الخ. بينما من توحد معهم سلمهم دولة جنوبية مكتملة الأركان بثرواتها النفطية والغازية، ومصانعها ومزارعها وبحارها، وكل شيء فيها ملك الدولة، أي ملك الشعب واليوم ابحثوا عن من يملك حقول النفط والغاز، وأتحدى أي أحد يفتح هذا الملف، ستجدونها ملكية أشخاص، وهذا لن تجده في أي مكان في العالم، واسألوا أين تلك المصانع ومن يمتلكها؟ والمزارع حتى الأبقار تم شحنها في أول يوم دوام للمحافظ القادم من ذمار إلى مزارعه الخاصّ؟! تلك الأبقار التي كانت تزود مصنع الألبان في عدن باللبن الطازج، اسألوا عن قطاعات البحر التي توزعت بين أقطاب سلطة صنعاء، وكيف سلمت لشركات اصطياد عالمية، تقوم بتجريف الثروة السمكية، مع مراعيها دون رقيب أوحسيب. والأسئلة كثيرة، لأن القائمة متعددة وكبيرة.

من كان يعارض ذلك النظام، كان أمامه حلان لا ثالث لهما، إما أن يوافق على الجزرة التي تعطى له ويسكت، وإما أن ترسل له خلايا ما تسمى بالقاعدة، للتخلص منه (أي العصا) وشكلت لهذا الغرض لجان على مستوى عالٍ، يمثلون أجهزة الأمن في الدولة الرسمية، وهذا ما صرح به أحد قادة الجهاد الإسلامي العائد من أفغانستان، والذين كانوا مكلفين بهذه المهمة، واخترعوا قاعدة للتنكيل بالجنوبيين، تقوم بمهامها تحت حماية أجهزة الأمن الرسمية.

استنفد هذا النظام دوره، واخترعوا نظامًا آخر بمباركه إقليمية ودولية، يسير بنفس النمط، لكن تحت توجه ديني طائفي ومدعوم إقليميًا ودوليًا، ويراد للجنوب أن يسير تحت عباءة النظام الجديد، وتعمل جهات محلية يمنية وإقليمية ودولية لتمرير أجنداتهم العلنية والخفية، وهولا يختلف عن النظام السابق في شيء، وخاصة بالاستحواذ على السلطة والثروة، ولن تستعاد المنهوبات للشعب، ولكن لديهم إضافات ابتدعوها بأن يستحوذوا على خمس ما تنتجه الدولة، من ثروات لصالحهم وحتى المواطن العادي، عليه أن يدفع خمس مدخراته الشخصية كأتاوة خالصة لآل البيت.

السؤال هل الجنوب ملزم بقبول هذا النظام الجديد من أجل سواد عيون البعض من الإقليم والعالم؟ وهل الجنوب المنتصر سيرغم على دفع ثمن فشل البعض؟ ما لكم كيف تحكمون؟ أعتقد أن إعادة الحسابات مسألة ضرورية للحفاظ على السلم الأمن والاستقرار في المنطقة، ولن تنفع مع الجنوبيين الحصار المحكم، الذي بدأ من سنوات، ولا تعطيل الخدمات ولا التخلي عن دفع مرتبات موظفي الدولة الغلابة، ولن تجدي معهم اختراع مكونات جديدة، ولن يتخلى الجنوبي عن حقه حتى لو استخدم كل حصار العالم، كما لن تجدوا جنوبيًا يتنازل عن استحاق الجنوب باستعادة دولته، لأنه لا أحد يستطيع تحمل خيانة دماء أكثر من خمسين الف شهيد من الجنوبيين، ولا أحد من الجنوبيين سيرمي معاناة شعب الجنوب عرض الحائط، فللتاريخ كلمته الفاصلة لن يرحم أحدًا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى