مآلات حرب غزة واليمن تلقي بظلال قاتمة على المنطقة والعالم

> واشنطن «الأيام» العرب:

>
  • ​إنهاء الحرب في اليمن هدفا رئيسيا في العام الجديد للسعوديين
  • هجمات صنعاء في البحر الأحمر ستؤدي إلى تدخل عسكري دولي
> ألقت الحروب المشتعلة في غزة واليمن وأوكرانيا بظلال قاتمة على الخارطة الجيوسياسية والاقتصادية للعام 2024، إذ إن مآلات هذه الحروب ستحدد بشكل أو بآخر خارطة التفاعلات الإقليمية خاصة في الشرق الأوسط.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، كان الاتجاه السائد في معظم العام والذي يشكل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يكرس تحولًا أوسع نحو التهدئة والتقارب وتطبيع العلاقات واليوم عاد الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني مشتعلًا من جديد، فيما يرى محللون أن كيفية إنهاء الحرب في غزة وما سيأتي بعد ذلك سيكون لها تأثير عميق على معالم المنطقة في عام 2024.

ويقول الباحث بول سالم في تقرير على موقع معهد واشنطن إن الحرب إذا انتهت بتجدد الاحتلال الإسرائيلي لغزة وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، فإن الزخم نحو المزيد من التطبيع مع إسرائيل سوف يتباطأ وسيتشدد الرأي العام العربي ضدها، وفي الوقت نفسه، سوف تواجه الولايات المتحدة رياحًا معاكسة في علاقاتها الإقليمية، وسوف تستفيد إيران ووكلاؤها، فضلًا عن الجماعات السنية المتطرفة، من هذا الاستقطاب وستكتسب المزيد من الأتباع والنفوذ.
ومن ناحية أخرى، إذا أعقبت الحرب جهود سلام قوية، بقيادة الولايات المتحدة ولكن بضم لاعبين عالميين وإقليميين رئيسيين، فقد تتحول المنطقة في اتجاه أكثر إيجابية، فتترك المتطرفين والمفسدين على الهامش.

ومن الناحية الاقتصادية، ستظل المنطقة متفاوتة للغاية. ويقول شاروخ فردوست، باحث غير مقيم في معهد واشنطن، إن الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آخذة في الضعف ومحفوفة بعدم اليقين.

وفي توقعاتهما لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشهر أكتوبر 2023، يتوقع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تباطؤا حادا في النمو الاقتصادي السنوي للمنطقة في عام 2023، إلى 2 %، انخفاضا من حوالي 6 % في عام 2022، وذلك نتيجة لتخفيضات إنتاج النفط في بعض دول مجلس التعاون الخليجي لمنع المزيد من الانخفاض في أسعار النفط. وتتوقع كلتا المؤسستين أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي أقل بكثير من مستويات 2022 في عام 2024، حيث يرتفع إلى 3.5 % فقط، مدفوعًا بشكل أساسي بالنشاط الاقتصادي غير النفطي.

وتؤثر الحرب في غزة سلبًا على النمو والظروف المالية في العديد من البلدان، وقد أضعفت بشكل كبير التوقعات الاقتصادية للمنطقة لعام 2024.

وتشير مذكرة حديثة صادرة عن خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن الصندوق يخفض توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مضيفة أن الصراع واسع النطاق ومن المرجح أن تشكل هذه الأزمة، التي تشمل عدة دول، تحديا اقتصاديا كبيرا للمنطقة بأكملها في عام 2024 وما بعده.

ويقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية نمرود جورين إن حرب غزة أبرزت حتى الآن مرونة علاقات إسرائيل مع الدول العربية التي وقعت معها اتفاقيات السلام والتطبيع.

وفي عام 2024، ستحتاج إسرائيل إلى إيلاء اهتمام خاص لعلاقاتها الإستراتيجية مع مصر والأردن، في ضوء التوترات التي ظهرت بشأن حرب غزة. ومن المحتمل أن تحاول إسرائيل تعزيز التعاون مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ومواصلة التقدم التدريجي للعلاقات مع المملكة العربية السعودية، والانخراط مع قطر في الوساطة المتعلقة بالرهائن. وعلى وجه التحديد، تأمل في رؤية مشاركة إماراتية وسعودية أكبر في تشكيل مستقبل غزة والقيادة الفلسطينية، بالنظر إلى علاقات قطر الوثيقة مع حماس.

يقول جيرالد م. فيرستين، زميل أول متميز في الدبلوماسية الأميركية ومدير شؤون الجزيرة العربية، إن على مدى أكثر من عقد من الزمان، منذ أن هزت انتفاضات الربيع العربي الحكومات الجمهورية في العالم العربي، لعبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة دورا مهيمنا بشكل متزايد في توجيه السياسات السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط.

ومع تأجيج الأزمات في أوكرانيا وغزة للشؤون العالمية، قام صناع القرار في الرياض وأبوظبي الآن بتوسيع تلك الهيمنة الإقليمية لممارسة التأثير على القضايا والسياسات في جميع أنحاء العالم.

ومن موقعهما على قمة كارتل النفط أوبك + إلى دعوتهما إلى الانضمام إلى المنظمة الحكومية الدولية لدول البريكس واستضافة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ عام 2023، مهد العام الحالي الطريق لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للحصول على مقعد على الطاولة، بينما تناقش القوى الكبرى القضايا الحاسمة التي تواجه المجتمع العالمي.

وفي حين ظلا على الحياد بشكل حازم بشأن الحرب الأوكرانية، فإن ردهما على الصراع بين إسرائيل وحماس قد يكون قرارهما الأكثر أهمية خلال العام المقبل.
وسوف يواجهان ضغوطا متنافسة، على المستويين الدولي والمحلي، لاتخاذ مواقف حازمة بشأن الحرب الحالية، فضلا عن محادثة “اليوم التالي” حول مستقبل غزة والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وترى الولايات المتحدة أن الرياض وأبوظبي شريكان أساسيان في الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في غزة بعد الصراع، ومعالجة التحديات الإنسانية الحرجة، وتلبية الاحتياجات الحكومية والأمنية في غزة، وربما الاستعداد للعودة إلى المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وسوف تكون علاقاتهما مع إسرائيل، القائمة والمحتملة، محل نقاش ساخن، بما في ذلك في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية. ومع ذلك، فإن الحكومتين سوف تكونان حذرتين ويتلخص مطلبهما في إثبات أن مشاركتهما في المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة من شأنها أن توفر فائدة ملموسة للشعب الفلسطيني.
والآن يرتبط الصراع في غزة بالرغبة السعودية الشديدة في إنهاء الحرب الأهلية في اليمن، ومعها التهديد بتجدد هجمات الحوثيين على الأراضي السعودية والإماراتية.

وأدت جهود الحوثيين لإظهار دعمهم لحماس والولاء لـ”محور المقاومة” الإيراني من خلال الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي تستهدف إسرائيل، فضلاً عن الهجمات على الشحن في البحر الأحمر، إلى تعقيد الإستراتيجية السعودية وزادت من احتمال تجدد الصراع السعودي الحوثي.. ويناشد السعوديون الولايات المتحدة عدم السماح لاستفزازات الحوثيين بأن تؤدي إلى صراع أوسع. كما أنهم سيستخدمون حوارهم مع طهران سعيًا إلى المشاركة الإيرانية لتحقيق نفس الغاية.

ويعد إنهاء الحرب الأهلية في اليمن هدفًا رئيسيًا في العام الجديد بالنسبة للسعوديين حتى يتمكنوا من إعادة تركيز سياستهم وميزانيتهم بعيدًا عن الدفاع والأمن ونحو التنمية الاقتصادية والتنويع.
إن التوقعات بالنسبة لليمن في عام 2024 قاتمة. وبغض النظر عن الصفقة المحتملة، تشير التطورات الأخيرة إلى أن الحوثيين سوف يصعدون عسكريا داخل اليمن. إن هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر وضد إسرائيل قد تؤدي إلى فرض عقوبات وتدخل عسكري دولي، مما يؤدي إلى تفاقم معاناة اليمنيين، يبدو طريق اليمن نحو السلام طويلًا ومليئًا بالصعوبات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى