​الحسابات الخاطئة تقود لنتائج كارثية

> ​سمحوا للحوثي أن يتمدد أول الأمر حتى وصل العاصمة صنعاء وسلمت له من قبل عفاش على طبق من ذهب، على أساس أن يقود الحوثي تحالف بمعيته ضد معارضيه من الإخوان المسلمين حزب الإصلاح الممسكين بالشرعية، برئاسة هادي وبنشوة الانتصار أعلن صالح حشد كل ما تحت يديه لصالح الحوثي، ليستمر في تمكينه  البلاد جنوبًا وشرقًا وغربًا ولم يدُر في خلده بأنه سيكون الضحية الأولى لهذه الجماعة وتبعثرت قواته وحلفاؤه، وأصبح غالبيتهم أداة بيد الحوثي، حيث استطاع الحوثي أن يغير توجه المعركة لصالح الأهداف الإيرانية، تحت حجج محاربة العدوان والدفاع عن السيادة  التي انتقل مركزها إلى طهران.

هروب الشرعية وترك الساحة وعدم المقاومة هو ثاني تسهيل للحوثي، للسيطرة على مفاصل الدولة ولم تكتفِ الشرعية عند ذلك الحد، ولكنها مكنت الحوثي عبر الانسحابات غير المبررة من السيطرة على المعسكرات والجبهات التي كانت تحت سيطرتها، ولم تعمل بجد من أجل استعادة العاصمة صنعاء.

هناك دول إقليمية ساهمت في تمكين الحوثي من السيطرة، من خلال مختلف  التسهيلات التي تقدم له على أراضيها وعبرها، تمده بالأسلحة القادمة من إيران بتعاون وثيق   مع الشرعية، وهذا ثالث تسهيل للحوثي.
أمريكا وأوروبا تقف لفظيًا مع الشرعية والتحالف، ولكن عمليًا كان لهم دور كبير في حماية الحوثي من أي هزيمة، وهذا رابع تسهيل للحوثي.

أمام كل ذلك أصبح الحوثي بعبع يهدد دول المنطقة، بما في ذلك الملاحة الدولية في بحر العرب والبحر الأحمر، وحتى اللحظة لم تتخذ ضده أي إجراء  سياسي أو عسكري، لمنعه من مواصلة تهديداته، غير وصول بوارج وحاملات الطائرات ومدمرات، وغيرها من السفن الحربية لترابط في مدخل البحر الأحمر وخليج عدن، وتشكيل تحالف دولي وحسب إعلانهم بأن مهمتهم القيام بدوريات في البحر، بينما الحوثي  عبر الصواريخ والطائرات المسيرة،  يهدد فعليًا الملاحة البحرية وغيرها، عبر الجو، ما يعني لديه الحرية الكاملة للنشاط الجوي والتحالف الجديد، لديه أيضًا الحرية الكاملة بالدوريات البحرية فقط، و يا دار ما دخلك شر، وكل منهم يسير دون أن  يتعرض أحدهم للآخر. 

فالحوثي من خلال الحركات البهلوانية التي يقوم بها متذرعًا بخدمة غزة، فإنه في الواقع خدم إسرائيل وأعطاها متنفسًا، لكي تقول للعالم هناك برابرة عرب يريدون تدمير إسرائيل، بعد أن سقطت إسرائيل أخلاقيًا أمام العالم كدولة فصل عنصري، ودولة تمارس أساليب النازية ضد شعب فلسطين الأعزل، وطبعًا إيران هي التي أوعزت للحوثي  ممارسة هذه الحركات لتضرب عدة عصافير بحجر  واحدة، ومنها تقدم  خدمة لإسرائيل بشكل غير مباشر. 

مسؤولية بقاء الحوثي حر طليق، يعمل ما يشاء يتحملها الجميع وليس إيران لوحدها، فإيران تمكنت من  إدارة المعركة وكسبت الجولة في أنها وصلت إلى مياه بحر العرب والبحر الأحمر، وهذا ما صرح به أحد قادتها، ووجودها يعني تهديد للأمن القومي العربي بدرجه رئيسية. فالنتيجة عفاش دفع  حياته ثمنًا لتحالفه مع الحوثي، وأما الشرعية فشلت في إدارة المعركة نحو استعادة العاصمة، وإنما غيرت بوصلتها  في الاتجاه المعاكس.  وبالنسبة للتحالف  العربي لم يستطع أن يحقق أي نصر في معركته، في دعم الشرعية غير الانتصارات التي حققها الجنوبيون، وحتى لم تستطع إدارة العملية السياسية بشكل متوازن. وأما بالنسبة لدول الإقليم التي ساندت الحوثي بطرق مختلفة، ستكون أول المتضررين من نتائج الحسابات الخاطئة، لأن أي هزيمة للأمن القومي العربي ستكون هزيمة لهم بالدرجة الأساسية. وأما أمريكا وأوروبا حساباتهم تختلف عن حسابات دول المنطقة، فهم يخدمون  مصالحهم وأهدافهم الاستراتيجية في الصراع الدولي مع الصين وروسيا. والسباق المحموم على الفوز بالسيطرة على الممر الدولي الهام باب المندب وبحر العرب، وفي الأخير ستكون المنطقة برمتها ميدانًا لصراع دولي لا أحد يعرف مداه حتى الآن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى