باستدعائها فرقاً من غزة.. هل بدأ فقدان السيطرة على الضفة الغربية يقلق أمن إسرائيل؟

> «الأيام» القدس العربي:

> عملية الطعن والدهس التي جرت في رعنانا وقتلت فيها امرأة (79 سنة) وأصيب 17 مواطناً، لم تأت فجأة. منذ بداية الحرب في قطاع غزة، تم تسجيل محاولات كثيرة لمخربين من الضفة الغربية لتنفيذ عمليات داخل حدود الخط الأخضر، وتمت بتشجيع من حماس، لكن لا حاجة لتوجيه مباشر منها؛ فالناس في الضفة غاضبون، وليس هناك بالضرورة حاجة لسلاح من أجل تنفيذ خطط مستقلة لتنفيذ عمليات. في معظم الحالات، هي محاولات تم إحباطها داخل حدود الضفة الغربية، وبسبب عمليات الاعتقال الكثيرة للجيش في المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين. المخربان اللذان تم اعتقالهما بعد رحلة القتل هما ماكثان غير قانونيين، وأبناء عائلة واحدة من منطقة الخليل. أحدهما، الذي كان يعمل في محل لغسل السيارات في رعنانا، أظهر هوية مزيفة لأحد سكان رهط. وكان محظوراً عليهما دخول إسرائيل لأسباب أمنية.

العملية الشديدة ستوفر منصة واسعة للنقاشات حول إدخال العمال الفلسطينيين من الضفة للعمل في إسرائيل. في الجناح اليميني في الائتلاف معارضة شديدة لإدخال العمال على خلفية الحرب خوفاً من تنفيذ العمليات، لكن بذريعة أنه درس مطلوب يجب استخلاصه من مذبحة 7 تشرين الأول، حيث تبين أن تشغيل العمال من القطاع استخدم أيضاً لجمع المعلومات من أجل هجوم حماس في بلدات الغلاف (وكما نشرت “هآرتس” في الشهر الماضي، هذا لا يزعج رؤساء مجلس الاستيطان في المطالبة والحصول على تصاريح لدخول عدد محدود من العمال الفلسطينيين، بالأساس في المناطق الصناعية).

عملياً، الأغلبية الساحقة من المخربين من الضفة الذين شاركوا في العمليات في السنوات الأخيرة كانوا “ماكثين غير قانونيين”. إضافة إلى ذلك، تدعي معظم الجهات الأمنية الآن أيضاً بأنه على الرغم من ظروف الحرب، يجب إدخال عمال من الضفة الغربية إلى إسرائيل، على الأقل كمشروع ريادي بحجم محدود. الادعاء أن الوضع الاقتصادي في الضفة آخذ في التفاقم ويهدد استقرار حكم السلطة الفلسطينية. هذا يضاف إلى تقليص رواتب موظفي السلطة عقب تجميد أموال الضرائب الفلسطينية من قبل إسرائيل بضغط من وزير المالية سموتريتش.

التحذير الذي طرحه “الشاباك” والجيش الإسرائيلي أمام المستوى السياسي واضح وظاهر؛ ففي الوقت الذي تشتعل فيه غزة، وما دام ليس هناك تخفيف في الأزمة الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية، فإن هناك خطراً حقيقياً لانفجار قريب في الضفة الغربية، أكثر مما رأينا منذ بداية الحرب. السلطة، رغم كل ما يحدث في قطاع غزة، ما زالت تحافظ على مستوى من التنسيق الأمني مع إسرائيل، وما زالت تقوم أحياناً باعتقال نشطاء حماس و”الجهاد الإسلامي” في أراضيها. وفي ظل الظروف الحالية، لن تستمر هذه الأمور مدة طويلة، وعندها قد يأتي الانفجار الذي سيجرف معه أيضاً نشطاء مسلحين من حركة فتح والأجهزة الأمنية. حتى الآن، خاصة بعد عملية أمس، تصعب رؤية كيف يستجيب نتنياهو للتحذيرات ويأخذ المخاطرة ويصادق على دخول محدود للعمال.

حجم العمليات والتحذيرات المتزايدة عن عمليات في الضفة الغربية ومنها، تواجهه قوات الاحتياط التي أرسلت قبل ثلاثة أشهر، بمساعدة وحدات حرس الحدود. في الأسبوع الماضي، أعيد إلى الضفة الغربية وحدة نخبة نظامية، ووحدة المستعربين دفدوفان، التي أُخرجت من أجل ذلك من القتال في قطاع غزة. تغيير التركيبة يدل على قلق في قيادة المنطقة الوسطى من إمكانية فقدان السيطرة على الوضع في الضفة الغربية.

إنجازات محدودة

التغييرات في الضفة تحدث على خلفية تخفيف تدريجي لقوات الجيش العاملة في القطاع. أمس، خرجت الفرقة 36 من القطاع مع طواقم قتالية لوائية كانت تحارب تحت قيادتها. الفرقة التي يقودها العميد دادو بار خليفة، لعبت دوراً مركزياً في احتلال شمال القطاع، وانشغلت في الأسابيع الأخيرة بالقتال ضد حماس في مخيمات اللاجئين وسط القطاع.

ثمة فجوة كبيرة بين أنواع المعارك التي أدارتها. في الشمال، احتلت الفرقة المنطقة التي أوكلت لها وتسببت بخسائر كبيرة لكتائب حماس التي حاربتها. أما وسط القطار فكان إنجازها محدوداً، من بين الكتائب القطرية الأربع لحماس في هذه المنطقة، تضررت إحداها بشكل كبير، واثنتان جزئياً، واثنتان بقيتا في حالة أداء قتالي معقول.
الفرقة 99، التي تسيطر على طول ممر وادي غزة، ربما يستمر عملها في مخيمات اللاجئين في الوسط، لكن يبدو أن لا نية لسيطرة كاملة عليها في هذه الأثناء. العملية العسكرية في منطقة خانيونس تتركز الآن على العثور على فتحات الأنفاق وتدمير الأنفاق. ولكنها بقيت ثابتة رغم حجم القوات الكبير الذي يشارك في هذه الجهود تحت قيادة الفرقة 98.

في شمال القطاع، سمح تخفيف قوات الفرقة 162 بخروج السكان من أماكن إيوائهم ومن بيوتهم التي لم يتم تدميرها، بل أيضاً محاولة حماس لإعادة ترميم نفسها. في الفترة الأخيرة، أطلقت عدة مرات صواريخ قصيرة المدى وقذائف نحو شمال الغلاف، بالأساس نحو “سديروت”. وهو إطلاق تم في جزء منه من بيت حانون، المنطقة التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي في بداية تشرين الثاني، وهذا لا يعني أن كتيبة حماس في بيت حانون التي تضررت بشكل كبير في حينه عادت للعمل كإطار شبه عسكري، لكن هناك بالتأكيد جهوداً لإرسال حماس خلايا كي تظهر حضورها وتشغل منصات الإطلاق التي لم تتضرر. في اليوم الأول، أطلقت من القطاع صواريخ نحو “أسدود” و”يفنه”. في هذه الحالة، تم الإطلاق من منطقة مخيمات الوسط، ومن المنطقة التي لم يعمل فيها الجيش الإسرائيلي بعد.

الجيش الإسرائيلي لم يحقق أي هدف من أهداف العملية في المناطق كلها – استمرار خلق الظروف لإطلاق سراح المخطوفين. وعلى الرغم من تقديرات بوجود مخطوفين إسرائيليين محتجزين في شمال القطاع وفي الوسط، فإنه لم يتم النشر عن حالات أخرى تم فيها العثور على مخطوفين في الأسابيع الأخيرة. الحالة الأخيرة هي الحادثة المأساوية التي أطلق فيها جنود الجيش النار وقتلوا بالخطأ ثلاثة من المخطوفين الذين نجحوا في الهرب من أسر حماس في الشجاعية.

في المقابل، تشن حماس حرباً نفسية سادية على حساب المخطوفين وأبناء عائلاتهم. في اليوم الأخير، نشرت حماس عدة أفلام تناولت مصير ثلاثة منهم، من بينهم نوعا ارغماتي وايتي سيفرسكي ومخطوف آخر. أمس، قال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي إن هناك خوفاً كبيراً على حياة سيفرسكي والمخطوف الآخر. عملية حماس مكشوفة وتستهدف الركوب على اشتداد احتجاج عائلات المخطوفين على خلفية قلق متزايد على سلامتهم في ظروف صعبة. على العائلات أن تحارب على مصير أولادها بكل الطرق، ولا شك بأن حماس تحاول قدر استطاعتها صب الزيت على النار.

عاموس هرئيل
هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى