ربع مليار دولار من السعودية لمنع تفجر الوضع في مناطق السلطة اليمنية

> "الأيام" العرب اللندنية:

>
​قامت المملكة العربية السعودية بتحويل مبلغ 250 مليون دولار إلى البنك المركزي اليمني في عدن، في خطوة جاءت بمثابة زخّة أوكسجين في رئة الوضع الاقتصادي والمالي في مناطق السلطة الشرعية، والذي شارف خلال الفترة القريبة الماضية على الانهيار مخلّفا أوضاعا اجتماعية بالغة الصعوبة بلغت حدود انتشار المجاعة في تلك المناطق، وفقا لتحذيرات أصدرتها في وقت سابق جهات اقتصادية ونقابية.

وقالت مصادر يمنية إن تحويل المبلغ الذي يمثّل جزءا من تعهّدات سابقة في هذا التوقيت الذي شهد تغييرا على رأس الحكومة اليمنية بتعيين أحمد عوض بن مبارك رئيسا للوزراء خلفا لمعين عبدالملك، جاء ضمن جهود سعودية عاجلة لترميم سلطة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي المتآكلة شعبيا بسبب كثرة العثرات الاقتصادية والاجتماعية وحتّى الأمنية في المناطق الراجعة له بالنظر، وتثبيتها.

ولفتت إلى أنّ من شأن الخطوة الهادفة إلى وقف التدهور السريع في قيمة عملة الريال المحلّية اليمنية وما استتبعها من انفجار في مستوى التضخّم أثّر بشكل كبير في المقدرة الشرائية للسكان، مساعدة رئيس الوزراء الجديد على بسط الهدوء في مناطق السلطة الشرعية وترميم ثقة السكان بها ومنع تحوّل حالة الاحتقان الشعبي الناتج عن صعوبة الأوضاع الاجتاعية إلى انفجار شعبي لاحت بوادره مع تتالي الدعوات للاحتجاج وشن الإضرابات.

وتعكس مبادرة السعودية بشكل مبكر لمساعدة حكومة بن مبارك حاجة الرياض إلى سلطة يمنية متماسكة وحليفة لها لتأمين مرحلة الخروج من ملف الصراع اليمني عبر تثبيت التهدئة النسبية القائمة في اليمن والعمل على إنجاح جهود السلام التي حققت خلال الأشهر الأخيرة بعض التقدّم الطفيف الراجع في بعض جوانبه إلى مرونة المملكة إزاء الحوثيين وقبولها بالتواصل المباشر معهم وتقديم بعض التنازلات لهم.

وكانت مصادر سياسية يمنية قد علّقت على اختيار بن مبارك لخلافة عبدالملك على رأس الحكومة بالقول إنّه اختيار غير منفصل عن مسار التسوية السياسية التي أظهرت السعودية رغبة كبيرة في إنجازها في اليمن، معتبرة أن شبكة العلاقات الواسعة التي نسجها بن مبارك مع مختلف القوى السياسية من خلال توليه عدّة مهام، من بينها منصبا أمين عام لمؤتمر الحوار الوطني وأمين عام للجنة صياغة الدستور، تؤهّله من وجهة نظر الرياض لقيادة مرحلة السير نحو الحل السلمي المرتقب.

وأعلن البنك المركزي اليمني تحويل السعودية الدفعة الثانية من منحة دعم الموازنة العامة للدولة اليمنية. وقال مصدر مسؤول إنّه جرى استكمال إجراءات تحويل المنحة متوقّعا دخولها في حسابات البنك في موعد لا يتجاوز يوم الأحد. وثمّن المصدر ما وصفه بـ”الدعم السخي والمتواصل للأشقاء في المملكة العربية السعودية للجمهورية اليمنية في كل المراحل وعلى مختلف الأصعدة وخاصة في الظروف الصعبة والاستثنائية”.

وبلغت الأحوال المعيشية في مناطق السلطة الشرعية خلال الفترة الأخيرة مستوى غير مسبوق من التردّي عبّر عنه تحذير أصدرته الغرفة التجارية والصناعية في عدن من مجاعة وشيكة تداهم مناطق الشرعية، بينما شرعت نقابات عمّالية في الدعوة إلى إضرابات احتجاجا على سوء الأوضاع.

وعبّرت أوساط متابعة للشأن اليمني عن وجود مخاطر حقيقية بأن يتجاوز سوء الأوضاع في مناطق الشرعية اليمنية الجانب الاجتماعي ليتحوّل إلى عجز لدى هياكل السلطة عن إدارة تلك المناطق، بما في ذلك الهياكل الأمنية والعسكرية التي طالت أفرادَها أزمة التضخّم وارتفاع أسعار المواد الأساسية في ظل اضطراب عملية دفع رواتب موظفي السلطة في أوقاتها المحدّدة.

ولدى حضوره مراسم أداء رئيس الوزراء الجديد لليمين الدستورية بقصر معاشيق في عدن، وضع رشاد العليمي بن مبارك أمام الأولويات العاجلة التي ينبغي أن تضطلع بها حكومته خلال المرحلة المقبلة على كافة المستويات. وقالت وكالة سبأ للأنباء إن رئيس مجلس القيادة شدّد على أولوية معالجة الملف الاقتصادي والأوضاع المعيشية، مع التركيز على وفاء الدولة بالتزاماتها بما في ذلك انتظام دفع رواتب الموظفين وتحسين الخدمات الأساسية.

وتواصل السعودية تقديم الدعم المالي للسلطة اليمنية المعترف بها دوليا على الرغم من إعلانها في وقت سابق عن تخليها عن نهج تقديم الدعوم المجانية وغير المشروطة لأي أطراف خارجية؛ ذلك أنّ للمملكة مصلحة كبيرة في الإبقاء على مستوى عال من ارتباط تلك السلطة، التي ساهمت عمليا في تشكيلها واختيار قياداتها، بدوائر قرارها.

ولا ترغب الرياض في ارتخاء قبضة السلطة اليمنية على المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين لمعرفتها بمدى تحفّز المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب المستقلّة لملء الفراغ والسيطرة على غالبية تلك المناطق. ورغم أنّ السعودية نفسها هي من أنجزت المصالحة بين الانتقالي والحكومة اليمنية وأقنعت قيادته بالمشاركة في السلطة التي يقودها العليمي في الوقت الراهن، إلاّ أن سياستها تجاه بعض المناطق في جنوب اليمن تتناقض جوهريا مع أهداف المجلس.

ويتجلّى ذلك التناقض كأوضح ما يكون في محافظة حضرموت التي يعتبرها الانتقالي جزءا أساسيا من الدولة التي يعمل على استعادتها، بينما تعمل السعودية، باستخدام هياكل السلطة الشرعية، على تركيز نفوذ دائم فيها يمتدّ إلى مرحلة ما بعد التسوية السلمية للصراع اليمني، نظرا لأهميتها الإستراتيجية كمنفذ للمملكة على بحر العرب فالمحيط الهندي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى