الأحزاب الحاضرة على موائد السلطان .. الغائبة عن معاناة الناس

> هذه الأحزاب تحضر وقت طلبها من السلطان لشرعنة أفعاله، وتغيب عن أداء واجبها تجاه الشعب عند محنته، هذا ما لاحظناه في أحزاب اليمن السياسية، فالحروب والأزمات التي يفتعلها السلطان ضد شعبه، هي الموائد الدسمة التي تقتات منها تلك الأحزاب، لتحصل على الفتات من الأموال والوظائف والمصالح النفعية، وهو يتخذها مصدات يحتمي وراءها، لإطالة حكمه وتبييض وجهه القبيح، أمام المجتمع الدولي المنافق، هذا المجتمع الذي يصيب البعرة ويخطئ الجمل.

ذهبت الأحزاب والسلطان في حرب 94م لاجتياح الجنوب، ويتفاخر بعض قادتها بأنهم حشدوا عشرات الآلاف من البشر، دعمًا للجبهة، ودحرًا للانفصال والردة، والبعض الآخر أفتى بقتل المدنيين والأطفال والعجزة، ومصادرة ممتلكاتهم، باعتبارهم كفرة، وكثير منهم تحول إلى مطبل ومزمر في الجبهة الإعلامية، يلهب مشاعر القتلة، ليعمدوا الوحدة بالدم، لتصبح شعارًا لهم الوحدة أو الموت، وماتت مشاعرهم عندما شاهدوا مدن الجنوب تتدمر، ومئات الآلاف من الجنوبيين مشردين فاقدين وظائفهم، بل واشتركوا في نهب المؤسسات المدنية والعسكرية، ومشوا في موكب السلطان على جثث الجنوبيين وآلامهم، وكأنهم في سيرك هزلي كبير.

هم لا يرون أن الثالوث الحاكم في صنعاء والمنتمي إلى الهضبة، والمتمثل بالعسكري والشيخ والفقيه يعيثون في الأرض فسادًا في مناطقهم ( تهامة وإب وتعز ومحافظات المشرق البيضاء مأرب والجوف) ولا يستطيعون أن ينبسوا ببنت شفه عن العنصرية، التي تمارس من قبل هذا الثالوث الطائفي، من مصادرة أراضيهم ومزارعهم، وتحويلهم إلى أجراء، ومن قساوة المعاملة التي يتلقونها من ممثلي هذا الثالوث الذي يرسلونهم حكامًا عليهم، ويعاملون سكان هذه المحافظات كمواطنين بلا حقوق، ومن الدرجة الثالثة.

مهمة الأحزاب تنويرية تقف مع الحق والعدالة ومع المستقبل، وتناضل من أجل بناء دولة المواطنة المتساوية، وتحارب الفساد، وترسي أسس النظام والقانون، وتثبت الأمن والاستقرار، لكن أحزاب اليمن انعكاس لثالوث الحكم الذي تسيد على السلطة، منذ انقلاب 26 سبتمبر 62م حتى اليوم، وتم استبدال إمام زيدي واحد بعشرات الائمة من عناصر الثالوث، الذي دمر اليمن خلال العقود الماضية، وشيدوا السلطة دون وجود لدولة تستند على مؤسسات دستورية تشريعية وتنفيذية، ترتكز على النظام والقانون.

جرت حروب صعدة وهي داخلة في إطار صراع الثالوث الداخلي، ولا يوجد فيها منتصر ومهزوم، وإنما وظفت لأجندات تخص الصراع الداخلي، وتشكلت منها بعد ذلك كقوة مكنها من تسلم السلطة من قبل الثالوث، الذي لم يقاوم البعض منهم ترك الساحة، وهرب والبعض الآخر تحالف، وكانت النتيجة أن اتجهوا جنوبًا، لكي يستعيدوا سلطتهم على الجنوب، ولكنهم هذه المرة تلقوا هزيمة لم يتوقعوها في حياتهم.

حتى نكون واضحين وبعد انطلاق الحراك الجنوبي السلمي، كل الأحزاب اليمنية، نظروا إليه بأنه عمل معادٍ للوحدة، ولم ينظروا إلى الأسباب الحقيقية التي دفعت عشرات الآلاف من الجنوبيين للخروج للساحات، فمنهم من قال إنهم شوية عناصر فقدوا مصالحهم، والبعض الآخر وصفهم بأنهم أصحاب المشاريع الصغيرة، ومنهم من يعتبرهم خوارج، وأن الوحدة تعتبر الركن السادس للإسلام، ووقفوا جميعًا مع القبضة الأمنية القوية التي تعاملت بعنف مع المتظاهرين الجنوبيين السلميين، ولم يستنكر أحد من تلك الأحزاب القتل المباشر، والاعتقال لآلاف المتظاهرين الجنوبيين.

وما زالت الأحزاب اليمنية لا تألوا جهدًا في افتعال المسرحيات والمناورات البهلوانية، أمام الإقليم والعالم لكي يستمروا في لعب دور الشرعية، للاستئثار بالحكم في الجنوب المحرر، والهدف تقويض انتصار الجنوب وإعادته إلى باب اليمن، وهذا ما نشاهده أمامنا من لقاء رئيس الشرعية لهم وإحياءهم من جديد، وإعطاءهم دورًا سياسيًا، لا يستحقونه لبعث الحياة في بضاعة فاسدة، لاستخدامهم في التسوية القادمة.

لا يوجد لديهم مشروع سياسي مقنع، كيف سيتعاملون مع الحوثي الذي يعتبر نفسه ممثلًا للسلطة الإلهية في اليمن، غير أنهم سيقدمون له الجنوب على طبق من ذهب، وكل مناوراتهم هذه وافتعال الأزمات في الجنوب ما هي إلا سحب البساط من تحت أقدام المجلس الانتقالي، ووضعه في مواجهة مع حاضنته الشعبية.

لا يوجد حلول غير أن الجنوب يشق طريقه في بناء دولته الاتحادية، وهذه الشرعية والأحزاب يذهبون لبناء دولة اتحادية في جغرافية الجمهورية العربية اليمنية، وبعدها سيكون من السهل إيجاد حلول بين الدولتين للتعاون والتنسيق في كافة المجالات، وبمساعدة الإقليم لتثبيت الأمن والاستقرار والتنمية، وهنا سيكون السلام له معنى حقيقي، أي طريق غير ذلك فكمن يحرث في البحر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى