النزوح يتفاقم في مناطق عدة وسط القطاع.. والغزيون بين الخيام والصواريخ الإسرائيلية

> «الأيام» القدس العربي:

> تشهد مناطق عديدة وسط القطاع، وأبرزها مدينة دير البلح وبلدة الزوايدة، اكتظاظاً في عدد المقيمين فيها، بعد أن وصلها نازحون جدد، أو عاد إليها سكان من المناطق الوسطى، التي غادروها قسراً، قبل أكثر من شهر، إلى مدينة رفح ومناطق من خان يونس جنوب القطاع، خشية عملية عسكرية تتوعّد قوات الاحتلال بتنفيذها هناك.

مخيمات نزوح جديدة

ويلاحظ ذلك في المناطق الساحلية لتلك المناطق، وفي مناطق أخرى تقع وسط المدينة، حيث بدأت تلاحظ بكثرة خيام بلاستيكية نصبت في أراضٍ خالية، أو أراضٍ زراعية توقّفَ العمل بها بسبب الحرب.

كما تشهد المنطقة القريبة من مشفى “شهداء الأقصى”، وهو المشفى الرئيس وسط القطاع، وكذلك ساحة المشفى نفسها، ازدحاماً شديداً، بسبب تكدّس أعداد النازحين، الذين عادوا إلى هناك، ويقيم جميع هؤلاء في خيام بلاستيكية أيضاً.

وبات الكثير من المناطق هناك يأخذ شكل المخيمات العشوائية التي تقيم فيها أعدادٌ كبيرة من السكان، وهو ما أعاد الازدحام الشديد في تلك المناطق، التي كانت تعتبر في السابق المناطق التي لا يقطنها سكانٌ كثر، على غرار باقي المدن والمخيمات.

وأغلب النازحين إلى تلك المناطق هم من عدة أحياء في مدينة خان يونس، ومن سكان المناطق الشرقية لوسط القطاع، القريبة من الحدود مع الاحتلال، والتي تركوها بسبب التوغلات المستمرة والقصف العشوائي.

ولم تُصدِر الجهات المختصة، حتى اللحظة، أيّ إحصائية لعدد المقيمين في المدينة بمن فيهم النازحون، غير أن ما يلاحظ بالعين يشير إلى أن عدد سكان المدينة تضاعفَ أكثر من خمس مرات عمّا كان عليه الوضع قبل الحرب.

وقد أثر ذلك كثيراً على شكل الخدمات التي يتلقاها السكان هناك، وخاصة خدمات النظافة والمياه، بسبب عدم ملائمة إمكانيات السلطات المحلية، مع هذا العدد الكبير، فيما يشتكي النازحون أيضاً من تسرّب مياه الأمطار إليهم، وتردي أوضاعهم المعيشية في هذه الأجواء الشتوية.

وقابلت “القدس العربي” رجلاً وَصَلَ من مدينة رفح قبل يومين، وقد نصب من جديد خيمته في أرض زراعية، كانت حتى فترة قريبة خالية من السكان.

وأوضح هذا الرجل أنه كان قد غادر قبل شهر مضطراً منطقة نزوحه غرب مدينة خان يونس إلى مدينة رفح، حيث أقام هناك لعدة أسابيع، قبل أن يضطر خشية من عملية عسكرية أن يقوم بنزوح جديد إلى دير البلح.

ويوضح أنه تنقّلَ، قبل ذلك، عدة مرات، حيث تقطن أسرته إحدى البلدات الشرقية لمدينة خان يونس، والتي تركها مع بداية الحرب، ليقيم في وسط مدينة خان يونس، ومن ثم اضطر للخروج من تلك المنطقة إلى غرب المدينة، مع بدء العملية العسكرية ضد المدينة، ولا يعلم هذا الرجل ماذا تخبئ له الأيام، ويؤكد أن خوف أطفاله يدفعه دوماً للنزوح القسري.

وفي تلك المنطقة، التي تمتد على مساحة تفوق الـ 30 دونماً من الأراضي الزراعية، قالت رويدة علي، وهي سيدة في العقد الرابع، إن ازدحام مراكز الإيواء المقامة في المدارس في دير البلح، دفعها للإقامة في هذا المكان.

وتشير إلى أنهم يفتقدون فيه المياه، حيث تضطر الأسر إلى السير لمسافة بعيدة لتعبئة جالونات المياه، وتؤكد أن المياه من مناطق التعبئة لا تتوفر بشكل يومي، ما يزيد من متاعبهم.

وتقيم هذه الأسر حمامات بدائية في تلك المناطق، صُنعت إما بألواح خشبية، أو من قطع قماشية، حيث يعاني الجميع هناك من الافتقار للخصوصية.

أوضاع صعبة

كما تشتكي هذه السيدة، وهي أم لستة أبناء بينهم أطفال، أنها وغيرها من الأسر النازحة لا تحصل على مساعدات طعام، ما زاد من أوضاعهم المعيشية سوءاً.

وخلال حديثها مع “القدس العربي”، اشتكت كثيراً من طول الحرب، وأبدت خشيتها من قادم الأيام، وقد بكت أيضاً خلال الحديث بسبب الظروف التي وضعت بها، لافتة إلى أنها لم تكن يوماً تتوقع أن تعيش وأسرتها كغيرها من أسر غزة هذه الأوضاع الصعبة، التي يعانون فيها من انعدام الأمن وقلة الطعام.

ورغم طلب جيش الاحتلال من سكان كثير من مناطق القطاع التي تتعرض لهجمات برية التوجّه إلى مدينة دير البلح، إلا أن تلك المدينة تتعرض لغارات جوية دامية، لوحظت كثافتها خلال الأيام القليلة الماضية، ما أدى إلى وقوع الكثير من الضحايا.

وتقول السيدة رويدة لـ “القدس العربي” إنهم استفاقوا على أصوات انفجارات قوية قبل يومين، جراء غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً قريباً، ما أثار حالة من الفزع والخوف في صفوف أفراد الأسرة، خاصة الأطفال، بعد وصول بعض الحطام والشظايا إلى منطقة قريبة من خيمتهم.

وأشارت إلى أنها تخشى أن يجري استهداف منطقة المخيم العشوائي، أو أن تتساقط عليهم شظايا القصف، وتضيف: “المنازل المبنية من الباطون لا تحمي السكان من شظايا القصف، فكيف ستحمينا الخيمة”.

وسبق أن سجل وقوع ضحايا كثر في صفوف النازحين من أولئك الذين يقيمون في الخيام، فارّين من مناطق الهجمات الحربية البرية، وكثير منهم كان من الأطفال.

وقد أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن الناس يغادرون رفح في أقصى جنوب قطاع غزة باتجاه دير البلح في وسط القطاع، في ظل التقارير التي تفيد باستمرار الغارات الجوية المكثفة على رفح.

وكان المفوض العام لـ “الأونروا”، أكبر المنظمات التي تقدّم خدمات إغاثية لسكان غزة، خاصة النازحين منهم، قد علّق على عمليات الترحيل القسري التي يتعرض لها سكان القطاع من قبل جيش الاحتلال بالقول: “يُطلب منهم الانتقال، والسؤال هو إلى أين يتحركون”.

تهديدات إسرائيلية

جدير ذكره أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان قد توعّدَ مجدداً باستمرار الهجمات الحربية ضد قطاع غزة، رغم الانتقادات الدولية، التي تدعو لإقرار تهدئة عاجلة، توقف أعمال القتل اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون.

وقال: “إسرائيل سوف تحارب حتى تحقيق الانتصار الحاسم، وهذا ما نبلغه لكل قادة العالم الذين نتواصل معهم”.

وأضاف، وهو يتحدث عن المطالب الدولية لوقف لحرب: “لن نتنازل أمام أي ضغط وفي مواجهة الإملاءات الدولية (..) كل من يطالبنا بعدم شن عملية في رفح فإنما يطالبنا بخسارة الحرب”، وتابع: “جنودنا مصرّون على مواصلة الحرب حتى النهاية، وسنواصل الحرب حتى نحقق كل أهدافنا”.

وزعم أن “الضغط العسكري يؤتي ثماره، ووصلنا إلى مناطق في غزة لم يتخيلها العدو مطلقاً”، وقد عقّبَ على وساطات التهدئة بالقول: “مطالب حماس تعني الهزيمة لإسرائيل، ولن نوافق عليها”.

إحصائية الضحايا

وفي السياق، ذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في تقرير جديد له، في ظل استمرار “حرب الإبادة الجماعية” التي يشنها الاحتلال “الإسرائيلي” أن قوات الاحتلال ارتكبت (2,503) مجزرة ارتكبها، أدت إلى سقوط (35,775) شهيداً ومفقوداً، وأكثر من (28,775) شهيداً ممن وصلوا إلى المستشفيات.

وأوضح أنه من بين الشهداء هناك (12,660) شهيداً من الأطفال، و(8,570) شهيدة من النساء، و(340) شهيداً من الطواقم الطبية، و(46) شهيداً من الدفاع المدني، و(130) شهيداً من الصحفيين.

وأشار إلى وجود (11,000) جريح بحاجة للسفر للعلاج “إنقاذ حياة وخطيرة”، فيما هناك (10,000) مريض سرطان يواجهون خطر الموت، و(700,000) مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، و(8,000) حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح، فيما هناك (60,000) سيدة حامل مُعرّضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية، و(350,000) مريض مزمن معرضون للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية، فيما جرى إخراج (31) مستشفى عن الخدمة، و(53) مركزاً صحياً، فيما استهدف بشكل جزئي (152) مؤسسة صحية، علاوة عن استهداف (124) سيارة إسعاف.

وأوضح أن قوات الاحتلال اعتقلت (99) من الكوادر الصحية، و(10) حالات اعتقال من الصحفيين ممن عرفت أسماؤهم، فيما هناك (2) مليون نازح في قطاع غزة.

وأشار إلى قيام الاحتلال بتدمير (142) مقراً حكومياً دمّرها الاحتلال، و(100) مدرسة وجامعة دمّرها الاحتلال بشكل كلّي، و(295) مدرسة وجامعة دمّرها الاحتلال بشكل جزئي، و(184) مسجداً دمّرها الاحتلال بشكل كلّي، و(266) مسجداً دمّرها الاحتلال بشكل جزئي، و(3) كنائس استهدفها ودمّرها الاحتلال.

وذكر أن الاحتلال دمّر (70,000) وحدة سكنية دمّرها الاحتلال كلياً، و(290,000) وحدة جزئياً، وباتت غير صالحة للسكن، إضافة إلى (200) موقع أثري وتراثي.

وأشار أيضاً إلى أن الاحتلال ألقى (66,000) طن من المتفجرات على قطاع غزة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى