الإمام أبو حنيفة النعمان

>
نبحر معا أعزاءنا القراء في قصتنا الأولى مع الإمام أبو حنيفة النعمان: هو أول الأئمة الأربعة، بعد الأمام مالك والشافعي وبن حنبل، وهو التابعي الوحيد بينهم ولقي عدداً من صحابة رسول الله. والمرجح أنه لم يلتقي بأي من الأئمة الثلاثة الذين تلوه، نتعرف معا على سيرته منذ مولده حتى وفاته.

من هو أبو حنيفة النعمان

أبو حنيفة النعمان الإمام الفقيه، أحد أبرز الفقهاء والعلماء المسلمين، وهو صاحب المذهب الحنفيّ، وقد كان الإمام أبو حنيفة النعمان كثير العبادة، حتّى نُقِل من خبره أنّه لا ينام من الليل إلا القليل.

أمّا أبوه ثابت فقد كان تاجراً من أغنياء التُّجار، وقد أسلم وحسُن إسلامه، وقيل إنّه كان قد التقى بالإمام عليّ كرَّم الله وجهه، فدعا له ولذريّته بالبركة والخير.

*تعريفٌ بأبي حنيفة النُّعمان

الاسم والنَّسَب

اسم أبي حنيفة -رحمه الله- هو النُّعمان، واسم أبيه ثابت بن المَرْزُبان، أمّا أبو حنيفة فهو كُنية للنّعمان، أصله فارسيّ من بلاد فارس، ويعود نَسَبُه إلى أسرة شريفة عريقةٍ من قومه، وتعود أصوله الأولى إلى مدينة كابل عاصمة دولة أفغانستان في الوقت الحاليّ.

أما جَدُّه المرزُبان فقد أسلم في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثمّ انتقل إلى الكوفة، وسكن فيها، وقيل في تسميته: هو (النعمان بن ثابت بن زوطى التيميّ، الكوفيّ، مولى بني تيم الله بن ثعلبة).

*مكان الولادة وتاريخها

وُلِد الإمام أبو حنيفة النعمان -رحمه الله- في مدينة الكوفة في العراق؛ حيث أقام جدّه فيها، وكان مولده في سنة ستّمئة وتسعة وتسعين للميلاد على الرّاجح، الموافق للعام ثمانين من الهجرة النبويّة الشريفة.

وقد كان الإمام أبو حنيفة النعمان وحيد أبوَيْه حيث لم يُنجبا سواه كما يظهر، وكان مولد أبي حنيفة في حياة صغار الصّحابة رضوان الله عنهم، فأدرك منهم أنساً بن مالك رضي الله عنه، الذي قدِم إلى الكوفة حينها.

*النشأة

نشأ الإمام أبو حنيفة النعمان -رحمه الله- في مكان مولده الكوفة، وفيها تربّى وترعرع وقضى معظم حياته، وقد كان ثابت والد أبي حنيفة تاجراً موسراً، وكان من أهل الصلاح وقد نشأ على الإسلام وتربّى عليه، حتّى إنّه التقى عليّاً بن أبي طالب رحمه الله. وقيل: إن جدَّ أبي حنيفة أهدى لعليّ الفالوذج في عيد النيروز، ممّا يُنبئ أنّ جميع أسرة أبي حنيفة كان حالهم الغنى؛ إذ إنّ الفالوذج من الحلويات غالية الثمن في ذلك الوقت، فلم يكن يأكلها في ذلك الوقت إلا الموسرون، كما رُوِي أنّ عليّاً بن أبي طالب -رضي الله عنه- لمّا التقاه ثابت والد أبي حنيفة دعا له بالبركة له ولذريّته، فكان منشأ أبي حنيفة على ذلك في بيت دينٍ وهُدى.

ولأنّ والد أبي حنيفة كان تاجراً، فقد نشأ الإمام أبو حنيفة في كنف الأسواق والتُّجار، وكان في أوّل حياته كثير التردُّد عليها بينما قلّ تردُّده على مجالس العلم، ولما توجّه للعلم قلَّ تردُّده على الأسواق، فكان لا يذهب إليها إلا لمعرفة سير متجره.

وقد حفظ القرآن الكريم، وكان شديد التَّعلق فيه وبتلاوته، حتّى رُوِي أنّه كان يختم القرآن في شهر رمضان ما يقارب ستّين مرّةً، ولو كان في هذا الرقم شيءٌ من المبالغة إلّا أنّه يُنبِئ عن كثرة قراءة أبي حنيفة لكتاب الله وتعلُّقه فيه.

*علم أبي حنيفة وشيوخه

أوّل ما توجّه إليه أبو حنيفة من علوم عصره هو علم الكلام، والعقائد، وأصول الدّين، حتّى برع في هذا المجال، وأصبح ممّن يُشار إليهم بالبنان، ولم يُجاوِز حينها العشرين من عمره. ثمّ توجَّه إلى علم الفقه، وكان قد تتلمذ على يدي العالم الفقيه حمَّاد بن أبي سليمان رحمه الله، ونهل من علمه الغزير حتّى صار أقرب تلاميذه إليه، وقد قال حماد في أبي حنيفة: (لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي -بجانبي- غير أبي حنيفة).

وقد اطَّلع الإمام أبو حنيفة النعمان على جميع العلوم الإسلامية والعلوم الأخرى المهمّة، ثمّ استقرَّ على علم الفقه بعد أن علِم فضله ومكانته في الدين وأهميّته في الأولى والآخرة. غدا أن شاء الله نكمل قصص عن ذكاء الإمام أبي حنيفة النعمان وسرعة بديهته وقوة حجته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى