نيويوركر: كيف أصبحت غزة وأوكرانيا وقضايا السياسة الخارجية محركاً للحملات الانتخابية الأمريكية

> «الأيام» القدس العربي:

> نشرت مجلة “نيويوركر” تقريراً أعدّه بنجامين والاس- ويلز تساءل فيه عن السبب الذي تداخلت فيه السياسة الخارجية الأمريكية مع حملة انتخابات الرئاسة لعام 2024، فما يحدث في غزة وأوكرانيا وبقية العالم بات يهمّ الأمريكيين أكثر من العادي.

وعلّق بدايةً بأن الانتخابات الرئاسية لهذا العام تتعلق بالسياسة الخارجية، ومع ذلك فالمرشحون يستمتعون بوجودها، فالإغراء هو مقياس للأشكال السياسية البارزة حول العالم، فبيل كلينتون تبنّى فكرة الطريق الثالث لليبرالية الجديدة، أما رونالد ريغان فكان مضاداً، وبشكل شرس، للشيوعية. والإغراء هو أنك لو تركت إرثاً عالمياً أبعد من واشنطن، فسينطبع في قلوب الملايين.

وبالمقابل، دعم دونالد ترامب الرجال الأقوياء، ووصف الرئيس الصيني شي جينبغ بـ “الذكي والرائع”. وقال عن رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون بأنه  “رجل قوي وذكي”.

وتحدث جون كيلي، رئيس طاقمه السابق في البيت الأبيض، إلى جيم سيستو في “سي أن أن” عن أن ترامب أشار أكثر من مرة إلى هتلر، وقال إنه فعل أشياء جيدة، قبل أن يخبره كيلي أن المسؤولين حول هتلر ومساعديه فكروا باغتيال الفوهرر.

 لكن في انتخابات هذا العام يبدو أن ما يحدث حول العالم يهمّ الناخب الأمريكي بدرجة أكثر من العادي. ففي استطلاع أجرته إي بي- أن أو أر سي وجد أن هناك، ومقارنة مع العام الماضي، أعداداً كبيرة تتحدث، وبطريقة أكثر من المعتاد، عن الحرب الطاحنة في أوكرانيا، والهجوم الإسرائيلي القاسي ضد غزة، وينظرون للسياسة الخارجية على أنها أولوية في السياسات.

والتزم ترامب الصمت حيال إسرائيل، مقارنة مع جو بايدن، وركّز بدلاً من ذلك على أوكرانيا. واستقبل في مقر إقامته في مار- إي- لاغو بفلوريدا رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما أخبر حشداً من أنصاره في نيوهامبشير أنه سيشجع بوتين على “عمل ما يريدون”، مع أي دولة عضو في الناتو لم  تدفع حصتها من النفقات الدفاعية.

 وفي الوقت الذي زاد فيه تأثير ترامب على الحزب الجمهوري وتراجع تأثير زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، أصبح موضوع أوكرانيا مثار انقسام. ففي الوقت الذي يدعم فيه الأمريكيون خطوات مساعدة أوكرانيا، يعتقد أكثر من نصف الناخبين الجمهوريين أن الولايات المتحدة دعمت أوكرانيا بما فيه الكفاية. وبناء على طلب من ترامب، رفض رئيس مجلس النواب مايك جونسون عرض قرار تمويل تحتاجه أوكرانيا بشكل عاجل، أقره مجلس الشيوخ وجرى تمريره في مجلس النواب. ولاحظ بوتين التأخير، عندما قال الأسبوع الماضي: “بالنسبة لنا سيكون الأمر سخيفاً لو تفاوضنا مع أوكرانيا لمجرد أن ذخيرتها نفدت”.

وبناء على كل هذا، تبنّى البيت الأبيض القضايا الخارجية، وجعلها المحرك لإعادة انتخاب بايدن. ففي مفتتح خطابه عن حالة الاتحاد، ربط الرئيس الأمريكي الدفاع عن أوكرانيا ضد بوتين بالدفاع عن الديمقراطية الأمريكية ضد الترامبية، و”ما يجعل من لحظتنا هذه مهمة هي أن الحرية والديمقراطية تتعرضان للهجوم، في الداخل وما وراء البحار وفي نفس الوقت”.

ويمنح الموضوع الأوكراني بايدن فرصته للظهور في أعلى تجلياته، لأنه يعبر عن رؤيته للقتال ضد الديكتاتورية. واستهدف ترامب بقوله “لا يمكنك حب بلدك إلا عندما تفوز فقط”.

إلا أن الجهود لتقديم بايدن كمدافع عن الديمقراطية اصطدمت بحائط دعمه لإسرائيل وحربها في غزة، والتي لاحقه المعارضون لها في كل تجمعاته الانتخابية.

وبعد يومين من خطاب حالة الاتحاد، وفي تجمع في جورجيا قصد منه البناء على الزخم الذي أحدثه الخطاب، وقف رجل، وقبل أن يبدأ الرئيس خطابه وقال: “أنت ديكتاتور، جو الإبادة الجماعية، عشرات الآلاف من الفلسطينيين ماتوا والأطفال يموتون”، وحاول أنصار بايدن قتل صوت الرجل واحتجاجه بالصيحات المستنكرة، إلا أن بايدن طلب منهم التريث، إلا أن الرجل عبّر عن موقفه.

وواجه الرئيس مواقف مشابهة في أماكن أخرى. ففي الشهر الماضي صوتت نسبة 13% من الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميتشغان، بمن فيهم مناطق الغالبية العربية، بغير ملتزم لإعادة انتخابه بسبب موقفه من غزة، وهي ولاية قد تحرف ميزان الانتخابات لصالح ترامب.

 ويرى الكاتب أن نهج بايدن في السياسة الخارجية يقوم على الصداقة ودعم الحلفاء، فبعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، سافر بايدن لإسرائيل وعانق بينامين نتنياهو وأخبره: “أنت لست وحيداً”. وبرر المساعدون للرئيس  العناق بأنه محاولة منه لجعله قريباً حتى يتمكّن بايدن من تقييده. واختار الرئيس الأمريكي مواصلة الدعم العسكري بدلاً من اشتراطه أو تقييده، كما استخدم الفيتو ضد أي مشروع في مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار لأغراض إنسانية، ما ترك أثراً على الولايات المتحدة.

وبحسب استطلاع غالوب، فإن نصف الأمريكيين يعتقدون أن العملية العسكرية الإسرائيلية تجاوزت الحدّ، وحتى من لديهم مواقف داعمة لإسرائيل (وهي عالية، وبنسبة 50%) إلا أنها في أدنى درجاتها منذ عقدين.

وأصبح بايدن قلقاً من التطورات، حيث دعا وزير خارجيته أنطوني بلينكن لهدنة إنسانية تستمر مدة ستة أسابيع، وأمر بايدن البنتاغون ببناء رصيف عائم في شرق البحر المتوسط من أجل المساعدة في إيصال المساعدات الإنسانية.

وبعد خطاب حالة الاتحاد، سمع الرئيس وهو يقول عبر ميكروفون ساخن بأنه أخبر نتنياهو أنه قد وصل معه إلى حالة “تعال إلى يسوع”.

 ويرى الكاتب أن التصويت بغير ملتزم في انتخابات الولايات دفع الإدارة لنهج جديد. فنتائج الانتخابات في عدد من الولايات تظهر انتشار حركة غير ملتزم: 8% في واشنطن، 19% في مينسوتا، و 29% في هاواي.

وبدا هذا النهج في تصريحات زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر التي وصف فيها نتنياهو لعقبة أمام السلام، وأن الوقت قد حان لقيادة جديدة في إسرائيل.

وبالنسبة لبايدن فالمسألة هي التوازن وليس حرف الميزان لصالح تيار الوسط المؤيد لإسرائيل، أو اليسار المؤيد لفلسطين. ولكن  الخيار لرئيس عمره 81 عاماً هو حاد، ونابع من المفهوم، وهو أنه فقد السيطرة على الوضع فيما وراء البحار.

 وخلال الانسحاب من أفغانستان، حيث بدأت شعبية بايدن بالتراجع، بدأ الجمهوريون باتهامه بأنه نائم على مقود عربة العالم الفوضوي. ويحاولون الآن استخدام نفس الأمر، ولكن مع الحدود الجنوبية والمهاجرين.

ويلوح في الأفق ربيع فوضوي في أوكرانيا وغزة، وبتقارير عن إعادة نشر القوات الروسية تحضيراً لهجوم جديد، وكذا في هاييتي، التي أعلن رئيس وزرائها استقالته، بعد أن علق في الخارج وسيطرت العصابات على البلد.

وفي الخريف، سيقول الناخبون كلمتهم، ووصل بايدن، والديمقراطيون معه، إلى رأي مفاده أن الحكم عليهم لن يكون عبر ولاءاتهم، ولكن بالطريقة التي أنقذوا فيها النظام ووفروا له الحماية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى