سلطنة عُمان تتحول إلى نقطة ربط لتناقل النفط الروسي

> ​موسكو تواجه صعوبات في تحصيل مدفوعات مبيعات الخام

> انضمت نيو ديسكفري إلى أسطول السفن، التي تنقل حمولتها من النفط الروسي إلى ناقلة أخرى قرب ميناء صُحار العُماني، في تحد من الروس للحظر الأميركي بغية تأمين تصريف الشحنات إلى المشترين دون مشاكل.

وبثت هذه السفينة إشارات منذ مطلع هذا الشهر على أن وجهتها هي ميناء سيكا في غرب الهند قبل أن تتوقف قبالة الساحل الغربي للسلطنة لأكثر من أسبوع، ثم تعود أدراجها إلى عُمان لنقل الحمولة، وفق بيانات تتبع السفن من بلومبرغ.

أما السفينة كارولاين بزنغي، التي نُقل إليها نحو مليون برميل من خام الأورال من على متن ناقلة نيو ديسكفري، فلم تبث إشارات على وجهتها النهائية حتى الآن، وفق شركة تحليل البيانات كبلر.

وعادة ما يُنقل النفط من سفينة إلى أخرى لطمس منشأ الشحنات، وفي بعض الأحيان يتم تقسيم الشحنة بهدف تلبية شروط عمق غاطس السفينة في بعض الموانئ. وتعد السواحل قبالة عُمان وإمارة الفجيرة الإماراتية موقعا معتادا لنقل الشحنات في الشرق الأوسط، بينما تُجرى العملية في آسيا قبالة سواحل ماليزيا في الأغلب.

ويبدو أن عُمان تكتسب شعبية كبيرة باعتبارها موقعا لإعادة تحميل النفط الروسي، فقبل نيو ديسكفري، نقلت ثلاثة سفن أخرى حمولتها من خام الأورال إلى ناقلات أخرى في المياه الإقليمية للسلطنة منذ مطلع فبراير الماضي.

وبعدها أفرغت السفن التي نُقل إليها النفط حمولاتها في موانئ الهند التي تعتبر من أكبر المشترين للنفط الروسي منذ غزو أوكرانيا. لكن تشديد تطبيق العقوبات الأميركية أثر على التجارة في الفترة الحالية، إذ ترفض كل مصافي البلاد استلام النفط المنقول على ناقلات سوفكومفلوت الروسية.

وقال فيكتور كاتونا كبير محللي النفط في كبلر لبلومبرغ “تُعد صُحار أحد أهم مواقع نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى في الشرق الأوسط وآسيا”، رغم عدم استيراد النفط من هناك.

وأضاف “لن أتفاجأ إذا ما كان الحل لدى الهند هو إقناع الروس بنقل النفط إلى المياه الإقليمية في صُحار أو الفجيرة ثم نقلها إلى ناقلات لا اعتراض عليها من حيث الامتثال للعقوبات”.

وعوّضت صادرات الخام الروسية المنقولة بحرا نحو نصف خسائر الأسبوع الماضي، رغم وجود أدلة متزايدة على أن العقوبات بدأت أخيرا في تثبيط سلسلة توريد النفط في موسكو.

وجاء الانتعاش بعد انتهاء أعمال الصيانة في أهم محطة تصدير بمنطقة البلطيق، وبعد أن بدأت العواصف التي ضربت مرارا ميناء روسيا الرئيسي في المحيط الهادئ خلال الأسابيع الأخيرة في التراجع.

وأظهرت بيانات تتبع الناقلات التي جمعتها بلومبرغ أن الاضطرابات السابقة تركت متوسط التدفقات لأجل أربعة أسابيع أقل بقليل من هدف الصادرات الروسية في الربع الأول.

ومع ذلك، لم ينخفض إجمالي تدفقات الخام على نطاق كبير، مع ارتفاع الشحنات الأحد الماضي بنحو 360 ألف برميل يوميا.

وعزز ذلك الوضع وجود أسطول ظل من الناقلات المستعدة لنقل النفط الروسي يبلغ حجمه 600 سفينة على الأقل، ولا تزال هناك الكثير من السفن التي يمكن أن تساهم في الحفاظ على تدفق النفط.

ومنذ بداية أكتوبر الماضي، شددت واشنطن العقوبات على الأسطول الأوسع من الناقلات التي تنقل النفط الروسي، لكن العشرات من السفن المستهدفة لا تزال تتجنب اختراق الحظر.

وفضلا عن ذلك، أكدت كبلر أن المزيد من السفن الناقلة للديزل الروسي تطفو بلا وجهة محددة في المحيطات أكثر من أي وقت مضى منذ 2017.

ويقول المحللون إن من شأن الإجراءات أن تقلص عائدات النفط الروسية تدريجيا، وهو هدف سياسي رئيسي للأميركيين وحلفائهم في سعيهم لمعاقبة موسكو.

وكشفت مصادر لرويترز الأربعاء أن شركات النفط الروسية تواجه تأخيرات تصل إلى أشهر في تلقي مدفوعات مبيعاتها من النفط والوقود مع تزايد قلق البنوك في الصين وتركيا والإمارات من العقوبات الثانوية الأميركية.

ويقلل تأخير المدفوعات من عائدات موسكو ويجعلها غير منتظمة مما يسمح للولايات المتحدة بتحقيق هدفين من سياسة العقوبات وهما عرقلة تدفق الأموال للروس عقابا على حرب أوكرانيا بينما لا يسفر ذلك عن عرقلة تدفق امدادات الطاقة العالمية.

وتتوقع وزارة المالية الروسية إيرادات من النفط والغاز هذا العام بواقع 11.5 تريليون دولار (120 مليار دولار) بزيادة قدرها 30 في المئة على أساس سنوي.

وفي العام 2023، بلغ إجمالي إيرادات هذه الصناعة نحو 99.75 مليار دولار، وهو ما يمثّل أكثر من 30 في المئة من إجمالي عوائد الموازنة.

وتجاوز هذا الرقم المستوى الأساس المتوقع بمقدار 8.88 مليار دولار، وكان بمثابة إنجاز مالي كبير، ويمثل هذا الأداء انخفاضا بنسبة 23.9 في المئة في إيرادات النفط والغاز مقارنة بعام 2022.

وعززت بنوك في الصين والإمارات وتركيا متطلبات الامتثال للعقوبات على مدار الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى تأخير أو حتى رفض تحويلات الأموال إلى موسكو، وفقا لمصادر مصرفية وتجارية تحدثت لرويترز شريطة عدم الكشف عن هوياتها.

ولتجنب الوقوع تحت طائلة عقوبات أميركية ثانوية، بدأت بنوك تطلب من زبائنها تقديم ضمانات مكتوبة بعدم استفادة أو مشاركة أي فرد أو كيان في قائمة الحظر من المدفوعات.

وأكد مصدران أن بنكين في الإمارات، هما بنك أبوظبي الأول وبنك دبي الإسلامي، أوقفا حسابات مرتبطة بتداول البضائع الروسية.

وقالت أربعة مصادر إن “بنوك المشرق الإماراتي وزراعات وفاكيف التركيين والبنوك الصينية آي.سي.بي.سي وبنك الصين لا تزال تعالج المدفوعات، لكن معالجتها تستغرق أسابيع أو أشهرا”.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف مؤخرا إن “مشاكل الدفع موجودة عندما سئل عن التقارير التي تفيد بأن البنوك في الصين أبطأت المدفوعات”. وذكر أثناء مؤتمر صحفي عبر الهاتف “بالطبع الضغوط غير المسبوقة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الصين مستمرة”. وأضاف “هذا بالطبع يفرز مشاكل معينة، لكنه لا يمكن أن يصبح عقبة أمام مواصلة تطوير علاقاتنا التجارية والاقتصادية (مع الصين)”.

وفرض الغرب العديد من العقوبات على روسيا بعد اندلاع حربها مع أوكرانيا في فبراير 2022. والتعامل مع النفط الروسي فيه إجراءات خاصة طالما أنه يباع بسعر أقل من الحد الأقصى للسعر الذي فرضه الغرب والذي يبلغ 60 دولارا للبرميل.

وتعطلت صادرات النفط الروسية والمدفوعات الخاصة به في الأشهر الأولى من الحرب، لكنها عادت إلى طبيعتها فيما بعد مع قيام موسكو بإعادة توجيه التدفقات إلى آسيا وأفريقيا بعيدا عن أوروبا. وقال مصدر تجاري لرويترز “عادت المشاكل اعتبارا من ديسمبر 2023 بعد أن أدركت البنوك والشركات أن التهديد بفرض عقوبات ثانوية أميركية حقيقي”.

وكان المصدر يشير إلى أمر تنفيذي صادر عن وزارة الخزانة الأميركية نُشر في الـ22 من ديسمبر 2023، والذي حذر من أنها قد تطبق عقوبات على التهرب من سقف الأسعار الروسي على البنوك الأجنبية ودعاها إلى تعزيز الامتثال. وأصبح هذا أول تحذير مباشر بشأن احتمال فرض عقوبات ثانوية على روسيا، مما يضعها على قدم المساواة مع إيران في بعض مجالات التجارة.

وأوضحت المصادر التجارية أنه بعد الأمر الأميركي قامت البنوك الصينية والإماراتية والتركية التي تعمل مع روسيا بزيادة الشيكات، وبدأت في طلب وثائق إضافية وتدريب المزيد من الموظفين للتأكد من أن الصفقات متوافقة مع سقف الأسعار.

ويمكن أن تتضمن المستندات الإضافية أيضا تفاصيل حول ملكية جميع الشركات المشاركة في الصفقة والبيانات الشخصية للأفراد الذين يتحكمون في الكيانات، حتى تتمكن البنوك من التحقق من أي تعرض لقائمة الحظر من المدفوعات.

في نهاية شهر فبراير، اضطرت البنوك الإماراتية إلى زيادة التدقيق في المدفوعات حيث طلب منها تقديم بيانات إلى البنوك المراسلة الأميركية والخزانة الأميركية إذا كانت لديها معاملات تذهب إلى الصين نيابة عن كيان روسي، وفقا لمصدر مصرفي مطلع.

وقال أحد المصادر “هذا يعني تأخيرات في معالجة المدفوعات لروسيا”، بينما أكد آخر أن إحدى الدفعات تأخرت لمدة شهرين، بينما أشار مصدر ثالث إلى أن “التأخير تراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع”. وقال أحد التجار “لقد أصبح الأمر صعبا، حتى بالنسبة للمعاملات بالدولار. في بعض الأحيان يستغرق تنفيذ صفقة مباشرة باليوان والروبل أسابيع”.

ومن المقرر أن تبدأ روسيا في خفض إضافي في إنتاج النفط وصادراته بواقع 471 ألف برميل يوميا في الربع الثاني من العام الجاري بالتنسيق مع بعض الدول الأعضاء في تحالف أوبك+.

وقال الكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي مطلع هذا الشهر إن بلاده “ستقلص إنتاج الخام 350 ألف برميل إضافي يوميا، وستخفض الصادرات 121 ألف برميل يوميا في أبريل 2024”.

وأوضح أن الخفض الإضافي في الإنتاج سيبلغ 400 ألف برميل يوميا في مايو مع تقليص الصادرات 71 ألف برميل يوميا. وأكد أن الخفض الإضافي بالكامل سيكون في إنتاج الخام خلال يونيو المقبل.

وكانت موسكو قد وافقت في السابق على خفض طوعي لصادرات النفط والوقود بواقع 500 ألف برميل يوميا في الربع الأول من هذا العام، بالإضافة إلى خفض الإنتاج طوعيا بالقدر نفسه حتى نهاية 2024.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى