الهدف من الاغتيال السياسي لا يتحقق دوماً، ويطرح غالباً عكس الغاية من تنفيذه، تم اغتيال إسماعيل هنية الذي يوصف في دوائر التفاوض بالاعتدال والانفتاح على المبادرات بشأن غزة، فكانت النتيجة أن أضفت على الحركة المزيد من الراديكالية وانتهاج القوة في مواجهة القوة سبيلاً، أطاح الكيان بهنية وأتت له حماس بالسنوار العقائدي، الأكثر تشدداً وانحيازاً لخيار القتال حتى آخر نفس.

السنوار رئيساً للمكتب السياسي رسالة سياسية عقابية للاحتلال، وهدية للخط الإيراني الموسوم بالممانعة للممانعة بذاتها، وقتال إسرائيل بالدم الفلسطيني اللبناني وأخيراً اليمني، مع الحفاظ على قوام الحرس الثوري خارج لهيب ما يسِّوقه الإيراني بالمقاومة.

المأزق الإسرائيلي أن تل أبيب بات عليها مجبرة أن تفاوض من تتهمه بهندسة السابع من أكتوبر، وعليها أن تستمع لاعتراضاته وتعديلاته ومقترحاته البديلة، إن أرادت لأسراها فرص النجاة، هي تصفه بالإرهابي وتنصت إليه عبر قناة خلفية، تريد قتله وتتمنى عليه قبل ذلك أن يمرر لها الصفقة أولاً، قبل إهدائه قذيفة خارقة في غزة ما تحت الأرض، أو عبوة ناسفة في غرف فلل الحرس الثوري في طهران، في حال تمكن من الخروج من الشراك الإسرائيلية.

الكيان ارتكب خطيئته أزاح البرجماتي، ونصَّب الأكثر إيماناً بالبندقية، أطاح بالسياسة المتوازنة لصالح الجناح الإيراني داخل حماس، خطيئة اغتيال هنية بالمعيار الإسرائيلي لا تُبرر إلا في حالة واحدة، أن نتنياهو بحاجة لنهج عنف السنوار، لإبقائه رئيساً للوزراء عبر بوابة تدوير الحرب وبلا زمن أو أفق وإلى ما لا نهاية، أي حرب بلا حل.