يقال إن مواطنًا من أبناء إحدى القرى الجبلية في محافظة تعز كان عائدًا إلى منزله الذي يقع على أحد الجبال، وحين وصل إلى أسفل النقيل، والنقيل عبارة عن طريق جبلي، كان قد أعياه التعب فرفع يده إلى السماء داعيًا ربه أن يمر أحد معه ركوبة ليأخذه معه لصعود النقيل.

استظل صاحبنا تحت شجرة وغلبه النعاس وبعد وقت قصير أفاق على عصا تلكزه فإذا به الشيخ يمتطي حمارته وأمره أن يستيقظ ليحمل صغير الحمارة التي وضعته للتو ليصعد به النقيل.

سلم صاحبنا أمره إلى الله وحمل صغير الحمار صاعدًا به النقيل خلف الشيخ، وعندما وصل بيته قالت له (حماته) أدع الله أن يخارج زوجتك فهي الآن تلد، فقال (يا رب لا تخارجها)، صرخت حماته في وجهه (أجننت؟) فقال لها.. (قاهي مقلوبة من سفل النقيل).

(حماة) صاحبنا لا تدري حجم المعاناة التي تعرض لها الرجل حتى وصل إلى أعلى الجبل لدرجة أنه يئس من استجابة الدعاء حين دعا ربه أن ينجده بركوبة يصعد بها النقيل فأصبح (ركوبة) لصغير حمار الشيخ.

(عمتنا) تذكرنا بحال النخب السياسية التي تتصدر المشهد، شمالًا وجنوبًا، الذين يحاربون (طواحين الهواء) فمعاناة الناس ليست من اهتمامهم بنفس سعارهم في التسابق على الوظائف والامتيازات المالية، وتشييد الحصون المسيجة، التي تشبه حصون تجار المخدرات، والمرافقات الضخمة ونفقاتها التي تلتهم الموارد، بل أن هناك من هذه النخب من يتكسب من معاناة الناس التي لم يظهر منها سوى (مليار الفاصوليا) وما خفي كان أعظم.

تتسابق النخب إياها على صناعة أعداء وهميين لدرجة أن أصبحنا في متاهة لم نعد نعرف العدو من الخصم من الصديق ومن الحليف ومن له حق الشراكة في الوطن ومن نحارب ومن نسالم، (مخضرية) على قولة بائع الفول الصنعاني.

بعض زملائنا يحاولون، من طرف خفي، إلصاق تهمة الإرهاب بمن يطالبون بإظهار مصير الجعدني وغيره من المخفيين مع أنهم يعلمون أن الإرهاب صناعة أمريكية لمحاربة السوفييت في أفغانستان وأنه جرى استخدامه في الجنوب منذ ما قبل الوحدة وتجلى استخدامه في حرب 1994م وما تلاها باعتراف رموز كبيرة من الأفغان العرب.

وهناك من شغل نفسه بدور أحمد علي صالح وجعله مادة للتهديد والوعيد مع أننا نعي أن دور الرجل ووجهته ستكون اليمن وأنه لن يؤثر على الأداء العسكري والسياسي الجنوبي إذا كان هذا الأداء صانعًا للحمة جنوبية حقيقية لا تترك للخصوم مساحة بشرية أو جغرافية يلعبون فيها.

قلناها ونكررها (فلنقدم التنازلات لبعضنا بمزاجنا قبل أن يتم إرغامنا على تقديم التنازلات لخصومنا).