> زنجبار «الأيام» أحمد يسلم:
شهدت مدينة جعار بمديرية خنفر بمحافظة أبين، فعالية زراعية متميزة تمثّلت في "معرض إنتاج الحبوب في دلتا أبين" الذي نظمته منظمة كير، بمشاركة عدد من المزارعين وتجار الحبوب والمهتمين بالقطاع الزراعي.

ورغم أهمية المعرض من حيث الفكرة والمضمون، إلا أن اقتصار فترة العرض على بضع ساعات أثار تساؤلات حول جدية التفاعل المؤسسي مع مثل هذه المبادرات التي يفترض أن تشكّل منصة لتسويق المنتجات المحلية واستعراض التجارب الزراعية الناجحة.

وتميّز المعرض بإبراز نجاح تجربة زراعة القمح في دلتا أبين، وهي تجربة كان يُنظر إليها سابقًا بعين التشكيك. وقد نُسب الفضل في إنجاحها إلى جهود م. عبدالقادر السميطي، الذي عمل على الترويج والتوثيق لهذه التجربة رغم الذهنية المجتمعية التي كانت تستبعد إمكانية زراعة القمح ونجاحه في دلتا أبين وشبوة وحضرموت.

كما سلّط المعرض الضوء على محاصيل ذات أهمية اقتصادية عالية مثل الذرة الشامية ودوّار الشمس، في ظل مطالبات بالسماح للاستثمارات المحلية بتأسيس مصانع لاستخراج زيوت هذه المحاصيل التي تُعد من أجود الزيوت النباتية، فضلًا عن أهميتها في تصنيع أعلاف الدواجن، التي تشهد أسعارها ارتفاعًا كبيرًا عالميًا.

وفي سياق متصل، لوحظ غياب منتجات الحبوب من وادي يرامس، وأحور، والمديريات الوسطى، ويافع، رغم ما تمتاز به تلك المناطق من جودة وتمايز في إنتاج الحبوب، وهو ما يستدعي إجراء دراسات علمية لتحديد خصائص وجودة تلك المحاصيل.

وسُجّل هذا الموسم كارثة زراعية تمثلت في تدمير محصول السمسم الشهير بالدلتا، بسبب انتشار وباء فتاك. وتزايدت الشكوك حول أسباب الكارثة، وسط أحاديث عن توريد بذور غير محصنة من الخارج وتوزيعها على المزارعين، ما يثير مخاوف من استهداف مباشر للبذور الوطنية الأصيلة التي كانت الضحية أيضًا في محاصيل الحبحب والشمام والطماطم.

وفي هذا الإطار، تجددت المطالبات بإحياء بنك البذور الوطني، الذي كان مركز أبحاث الكود من أوائل الجهات العلمية في الجزيرة والخليج التي قطعت شوطًا كبيرًا فيه، قبل أن يتعرض للتخريب في حرب 1994.
وأكد مشاركون أن دلتا أبين تمتلك تربة خصبة ومخزونًا مائيًا غنيًا وتدفّقًا سيليًّا مستدامًا، ما يجعلها من أغنى البقاع الزراعية، إلا أنها – وفق وصف أحد المزارعين – "جوهرة بيد فحّام" بسبب العبث المتزايد بالأراضي الزراعية، والبناء العشوائي، وتدمير قنوات الري، وبيع الأراضي للنازحين بدعم من جهات ومنظمات.

ومن أبرز الملاحظات التي خرج بها المعرض، استمرار مشكلة ضعف البنية التحتية لتخزين الحبوب، ما يجبر المزارعين على العزوف عن زراعتها. وطالب الحاضرون منظمة كير والمنظمات العاملة في أبين، بدعم إنشاء مخازن حفظ حديثة للمزارعين والجمعيات الزراعية وفق الأسس العلمية.

كما كان حضور أنواع الخبز المصنوعة من الحبوب المحلية إحدى أبرز ملامح المعرض، وسط دعوات لتطوير طرق الطهي ومزج أنواع الحبوب لتحسين جودة ومذاق أقراص الخبز، التي أعدّتها نساء ماهرات بأفران التنور الشعبي.