هناك خلافات غير معلنة بين قيادتي المجلس الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي الشريك وفي الجانب الآخر هناك تباين غير معلن بين دول التحالف وحتى بين دول الرباعية ذاتها بعضها ما هو في إطار وجهات النظر وبعضها في إطار تباين مشاريع سياسية مختلفة وأن كان يجمعها كما أعلنت استعادة الشرعية و(ركز) علمها في مران.

قوى الشرعية والأحزاب الممثلة في إطارها ذات الجهوية الشمالية ليست مستعدة لقتال الحوثيين ولا حتى بإسقاطه من الداخل ولكنها سخرت كل ما لديها من إمكانيات سياسية وإعلامية ومالية لزرع القلاقل والفتن على أرض الجنوب ومستعدة في أي لحظة للانقضاض هي والحوثي على الجنوب في أي لحظة وإعادة احتلاله بداعي الحفاظ على الوحدة!

وتعمل استراتيجيتها حاليا استهداف المجلس الانتقالي الجنوبي من كل الاتجاهات وهي من خلال هذا لا تستهدف المجلس الانتقالي وحده كرافعة سياسية للجنوب بل وإسقاط قضية شعب الجنوب عن طريق محاولات يائسة صناعة بدائل جنوبية كرتونية لتجاريها في ما تخطط له وتنوي فعله كما فعلت من قبل في تفريخ مكونات جنوبية كما هو حاصل في حضرموت والمهرة وقبلها ما جرى في مؤتمر حوار موفنبيك وفي توظيف خلافات الجنوبيين السابقة واستثمارها باتجاه أضعاف الجنوب وجعله لا يخرج من تحت أبط باب اليمن إطلاقا.

وهنا لا يعلم العامة حجم التحديات الكبيرة والتعقيدات التي يواجهها المجلس الانتقالي الجنوبي مع كل هذه القوى مجتمعة ومنفردة ثمنا لمواقفه الصريحة والمعلنة في استعادة الدولة الجنوبية ومصدر قوته في هذا اعتماده على جماهير شعب الجنوب التي يجب ألا تتزعزع ولا تتأثر بسيل الدعايات والمؤامرات التي تحاك سرا وعلانية ومنها حرب الخدمات وتدهور عملة الريال اليمني كإجراءات عقابية باتجاه تهييج الشعب ضد المجلس الانتقالي وتحميله لوحده تبعات هذا التدهور المخطط له سلفا رغم شراكته المحدودة طبعا ولإثبات صناعة الأزمات وحرب الخدمات هل كانت الأوضاع الخدمية والأمنية والاقتصادية قبل دخول الانتقالي في الشراكة أو اذا قرر الخروج من الشراكة ستكون على ما يرام؟

نحن لن ندافع عن الانتقالي وأخطائه؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه كم هي الأخطاء والسياسات والأفعال التي ترتقي إلى مستوى الجرائم التي ارتكبها الأخرون بدءا من شرعية عفاش والشرعية الحالية إلى التحالف إلى الأحزاب السياسية والدينية ذات الجهوية الشمالية بحق شعب الجنوب منذ ما بعد 1993م وحتى هذه اللحظة؟

هناك من يعيب على الانتقالي شراكته في الحكم والحكومة وقد يكون معهم بعض الحق في ذلك لكن هذه الشراكة وفقا والمنظور السياسي حققت مكاسب سياسية لشعب الجنوب من بينها وجود حامل سياسي جنوبي 100 % منوط به تمثيل شعب الجنوب في أي مفاوضات قادمة وثانيا شرعنة وجوده السياسي وتمكينه من الحركة السياسية في الخارج والمحافل الدولية.

ومن يقول إن الانتقالي راض أو متعامٍ عم يجري من تأزيم الأوضاع المعيشية والخدماتية في الجنوب فهو ليس محقًا بدليل أن ثمة محاولات عبرت عنها القيادات الجنوبية بدء من إعلان فك الارتباط في 21 مايو عام 1994 مرورا بمليونياته السلمية إلى تحرير الجنوب من غزاته في 1994م و2015م وصولا إلى إعلان الإدارة الذاتية إلى التلويح بفض الشراكة ولكن كل هذا مازال يصطدم بعقبات دولية وإقليمية بما فيها البند السابع والرباعية الدولية وبالتالي فإن أي قرار سياسي يعد انتحاريا.

مع الإشارة إلى أن الخطاب الإعلامي والسياسي للانتقالي لمن يتابع منددة ورافضة لمجمل هذه السياسات والمعاناة سرًا وعلانية رغم شراكته ومن منظور الواقعية والإنصاف فإن الملف الأمني الذي يتولاه الانتقالي حقق مكاسب لا يستهان بها في تطبيع الأوضاع الأمنية ومحاربة الإرهاب.