السبت, 10 سبتمبر 2022
5,599
م استغرب عندما شاهدت الإعلان عن عرض برنامج صحفي استقصائي حول أحداث 13 يناير يحمل عنوان المتحرّي تبثه قناة الجزيرة القطرية حيث تستضيف فيه الرئيس الأسبق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأخ علي ناصر محمد وفي هذا التوقيت بالذات الذي تجري فيه متغيرات عسكرية وسياسية في المناطق الجنوبية المحررة ليست في صالح أحد أطراف ما كان يسمى بالشرعية اليمنية والتي طوت مشاورات الرياض صفحتها كمرحلة سياسية وذلك بانتقال السلطة الى مجلس رئاسي يمسك بزمام ومقاليد الأمور كلها بدلا عنها، وكما هو معروف عن قناة الجزيرة أنها قناة تنفذ أجندات وسياسات دولة قطر التي تربطها بجماعة الإخوان المسلمين علاقات وطيدة، لذا لن أتوقف هنا أمام مسألة قبول أو رفض الرئيس الأسبق علي ناصر محمد دعوة هذه القناة للحوار والتحدث حول تلك الأحداث فقد تكون لديه دوافع خاصة حيث أن الرجل كان يقف على أعلى سلم هرم السلطة في ذاك الوقت، فقد كان رئيسا لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وأمينا عاما للحزب الاشتراكي اليمني ورئيسا للوزراء بينما يعيش اليوم خارج سياق الأحداث السياسية الحالية التي يمر بها الجنوب والشمال وذلك بفعل وجود معطيات ومتغيرات سياسية محلية وإقليمية ودولية وظهور وجوه ولاعبين سياسيين جدد برزوا على الساحة اليمنية في الفترة الأخيرة من الحياة السياسية، وإنّما حديثي يدور حول فتح ملفات الماضي الذي لن يخدم سوى أعداء الجنوب، فقد بدأوا يشعرون أن البساط ينسحب من تحت أقدامهم وأن موازين القوى لم تعد في صالحهم وبات خروجهم من أراضي الجنوب مسألة وقت حيث بات يتحقق هذا الأمر بشكل تدريجي وذلك بعد النجاحات العسكرية التي حققها أبناء الجنوب في كل من شبوة وأبين وأصبحت حضرموت والمهرة هي محطاتهم القادمة وذلك حتى تكتمل الحلقة.
أسلوب فتح الملفات القديمة الشائكة ليس بالأمر الجديد أو المبتكر من قبل هذه القناة، فقد كان عفاش يستخدم نفس هذا الأسلوب الرخيص أثناء فترة حكمه للجنوب وهذا أمر يمكن استيعابه عندما يصدر من قبل حاكم مثل عفاش كي يحافظ على سلطته ونفوذه ويفرض سيطرته وهيمنته على الجنوب وذلك من خلال بث روح الفُرقة والأحقاد واذكاء النعرات العصبية والقبلية وإحياء الثآرات القديمة بين الجنوبيين وذلك ليتسنى له الاستمرار في حكم الجنوب لكن من المعيب أن يصدر مثل ذلك الأمر من منبر إعلامي كقناة الجزيرة تدعي المهنية والمصداقية والموضوعية في الوقت الذي تصل فيه إلى هذا المستوى الهابط في مضامينها وموادها وبرامجها الصحفية والإعلامية التي تبثها عبارة شاشة التلفاز.
كل النخب والأحزاب السياسية الشمالية حوثية وإصلاحية ومؤتمرية متفقه على، أن أي اتفاق جنوبي- جنوبي هو نهاية لوجودهم في الجنوب وسيطرتهم وهيمنتهم على مقدراته وثرواته، الجنوبيون قد دفنوا ملف 13 يناير وتجاوزوا تلك الأحداث ولم تعد موجودة سواء في مخيلة أعدائهم ولم يعد استخدام هذا السلاح يجدي نفعا وأكبر مثال على ذلك العملية العسكرية (سهام الشرق) فقد رأينا كيف مضت في محافظة أبين دون أن يتم سفك قطرة دم واحدة، كما رأينا استقبال الأخ نائب رئيس المجلس الرئاسي القائد عيدروس الزبيدي بقصر معاشيق لمدير أمن محافظة أبين أبو مشعل الكازمي وهذا الأمر يُعد اعتراف بدور ومكانة محافظة أبين في الخارطة السياسية الجنوبية، لقد شبَّ الجنوبيون عن الطوق ولم تعد تنطلي عليهم أكاذيب وألاعيب النُخب السياسية الشمالية فاليوم الجنوب يتسع لكل أبنائه والجميع مدعوون للمشاركة في إدارة البلاد دون إقصاء أو استثناء لأي أحد منهم.
باحث دكتوراه - مصر