في العمل السياسي ليس المهم التصريحات أو حتى الرفض والإدانة؛ بل المهم تغيير الوقائع وقواعد اللعبة أو مسايرتها واستثمار حتى الحد الأدنى منها.
من قواعد اللعبة أن عدن عاصمة مؤقتة والرئاسي خليط من قوى جنوبية ويمنية ومن قواعدها أن اللعبة السياسية لم يفرضها الانتقالي بل فرضتها قوى إقليمية ودولية مازال قرارها قويًّا وقادرة على التخريب واصطناع أدواته، وفي هذه المرحلة لا نستطيع أن نقول إن الانتقالي صاحب الكلمة الفصل في الجنوب ومصداق ما نقول هو اتفاق الرياض والأطراف التي تشكّل منها الرئاسي.
من وجهة نظري أن قرار الانتقالي بعدم منع حضور المكونات والأحزاب في عدن كان قرارًا صائبًا سياسيًّا مهما كانت ردات الفعل الشعبية وعدم الرضى الشعبي به أو ردّات قوى استغلت الحضور لتصفية حساباتها مع الانتقالي فلو منعهم سيعملون من المنع ضجيجًا سياسيًّا أكبر من الاجتماع الذي مر وما التفت إليه أحد إلا حضوره أو تغطية أما شعبية أو موجهة حوله ومنعه سيخلق أزمة بأن الانتقالي يمنع أي تكتلات ضد الحوثي وسنجد حتى من الإقليم من يرفع الصوت عاليًا ضد المنع وأنه دعمًا للحوثي! بينما خلاصة اللقاء كان دكانًا يمنيًّا وضعوا في واجهته صورة جنوبية بنفس العقلية السياسية لأحزاب ونخب الشمال تضع تصوّرا افتراضيا للجنوب وتضع لها التصوّر صورة تمثّله وتفشل ثم تكرر الفشل.
تكتل سبقته تكتلات لذات الوجوه وذات الأسماء مع تغيير بعض العناوين وفشلت وتكرار الفعل بنفس أدوات الفشل سينتج فشل لأنها إنتاج ل"لخردة سياسية وحزبية" صنعت المشكلة وفشلت في حلها أو مقاومتها.
الاجتماع ترعاه السفارة الأمريكية ويلاقي دعما إقليمًيا، هذا الدعم يحاول أن يعمل فاصلا بينه وبين أي جهود سياسية وعسكرية دولية ضد الحوثي ، ويأتي في سياق صنع تكتلات للإعداد لشيء ما ضد الحوثي أو هكذا منطلق رعاية الديمقراطيين الأمريكيين له في سياق التنافس الرئاسي.
عقدوا الاجتماع ولم يمنعهم أحد إلا من اعتراض شعبي سلمي خرج بعفوية وبدون تنظيم وهذا حق شعبي حتى بأبسط صورة يعطي رسالة لرعاة اللقاء أنه لا يمثل الجنوب ولا يعنيه لكن لو مُنِعوا سيجعلون من المنع حجة أنهم غير قادرين على تقديم أي شيء في المعركة ضد الحوثي طالما وهم مُنعوا من اجتماع في العاصمة المؤقتة وهاهم اجتمعوا ولم يُمنعوا جاءوا على متن طائرة وسيغادرون على متن أخرى ومع ذلك لن يستطيعوا أن يقدموا شيئًا للمعركة القادمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
أمريكا وأن كانت الراعية للقاء عدن فهي الدولة الوحيدة التي لا تحسب حساب الأحزاب عمليا؛ بل؛ تحسب القوة ومن الجهة القادرة عليها وتتحالف معها فمهما كانت تلك الأحزاب فهي لافتات تفتقر للقوة وقد جُرِبت خلال العقد الماضي.
هذه الأعمال تزيد من قوة وصلابة الجنوبيين وتمسكهم بقضيته الوطنية في ظل هذا الوضع من الفشل الإقليمي في حسم الحرب ودخول أمريكا على الخط فان أبناء الجنوب يجب أن يلتفوا حول المجلس الانتقالي الجنوبي والتمسك بخياره بقيادة في تحرير واستعادة وبناء واستقلال دولة الجنوب كاملة السيادة على حدودها المتعارف عليها دوليًا قبل عام 1990م.