يوم من الأيام...الذين يخشون التغيير

> صالح علي السباعي

> قد لا يستطيع الإنسان التغيير لأنه لا يملك الوسيلة لذلك، وأحياناً لا يستطيع التغيير لأن أمامه اختيارات ومغريات متعددة، ومعظم الناس يجد أنه من السهل أن لا يغير شيئاً، ومن ثم فمن الأفضل أن يتركوا كل شيء كما هو ولا يغيروه، حتى يصل البعض إلى مرحلة يشكون فيها أنهم لا يجدون متعة في حياتهم، ويكتشفون أن السنين مرت دون أن يحققوا ما يريدون.

نستثني من الحديث الأفراد الذين قهرتهم الظروف وكانت أقوى منهم كبشر، أو بسبب قوى بشرية ذات نفوذ تمنع الإنسان فعلاً من تغيير حالته، وحتى من هذه الحالات يستطيع الإنسان أن يغير، ولكن ربما ليس في الوقت الذي يرغب فيه.

هناك بعض الناس تساعدهم ظروفهم على التغيير، لكنهم يخافون تحمل مسؤولية اختيارهم، لأن التغيير لدى البعض دائماً يثير القلق والخوف حتى لو كان للأحسن.

نحن نسمع كثيراً عن شخص لا يريد العيش في المكان الذي هو فيه، وآخر لا يريد العمل الذي هو فيه، ولكن هؤلاء لا يفعلون شيئاً من أجل التغيير. ونسمع عن قصص حب عنيفة عاشها البعض قبل الزواج، وطارت بهم أحلامهم الرومانسية فوق السحاب، وبعد ذهاب السكرة والدخول إلى عالم الواقع صدمهم الواقع، ومع ذلك استطاع البعض أن يتكيف وأن يبحر بقاربه إلى شواطئ الأمان، وبقي البعض ينظرون إلى قاربهم يتأرجح فوق الأمواج دون أن يغيروا شيئاً أو يحققوا أحلامهم، تاركين القارب في النهاية ليرتطم ويتحطم فوق صخور العناد. البعض يعيش على الأوهام واختلاق الأعذار لتبرير سلوكه الخاطئ، شعاره دوماً اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب، واضعاً كل دخله في كرشه وعلى الملذات والمكيفات، وبعد مرور الزمن يقول ضاع عمري في الوظيفة ولم أحقق شيئاً، وعندما يقول له البعض لِمَ لا تغير طريقة حياتك ولمَ لا تزيد دخلك أو حتى تهاجر وتسعى في مناكب الأرض كما فعل غيرك؟.. يقول لا أقدر، يتعذر بالأسرة والأولاد وخدمة الوطن، وأن هؤلاء في حاجة إليه، بينما في الواقع هو محتاج لهم، لكنه لا يريد أن يعترف، يغالط الناس ويغالط نفسه، وأدمن على أن يعيش حياته كما هي، لا أن يغيرها.

والمؤمنون بالتغيير هم الذين يقدمون لنا هذا العالم على ما نراه اليوم من تطور، أما الذين يقفون في وجه التغيير ظناً منهم أن بقاء الحال سيبقيهم على أوضاعهم، هؤلاء مخطئون ويجهلون أن الزمن والعمر سيفعل فعله. وكثيرون هم الذين يشكون سوء أوضاعهم، ويتمنون أن تتغير، ولكن عندما يقول لهم البعض افعلوا شيئاً أو قولوا شيئاً لعلكم تغيرون أو تصلحون شيئاً، فتراهم لا يكلمون إلا أنفسهم أو من هم على شاكلتهم، يفضلون الهمس والغمز في الظلام، متخذين من المعاناة بطولة.. ومادام الأمر كذلك فلمَ الشكوى؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى